الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                      صفحة جزء
                                                                                      [ ص: 10 ] ابن أبي زيد

                                                                                      الإمام العلامة القدوة الفقيه ، عالم أهل المغرب ، أبو محمد عبد الله بن أبي زيد ، القيرواني المالكي ، ويقال له : مالك الصغير .

                                                                                      وكان أحد من برز في العلم والعمل .

                                                                                      قال القاضي عياض : حاز رئاسة الدين والدنيا ، ورحل إليه من الأقطار ونجب أصحابه ، وكثر الآخذون عنه ، وهو الذي لخص المذهب ، وملأ البلاد من تواليفه ، تفقه بفقهاء القيروان ، وعول على أبي بكر بن اللباد . وأخذ عن : محمد بن مسرور الحجام ، والعسال ، وحج ، فسمع من أبي سعيد بن الأعرابي ، ومحمد بن الفتح ، والحسن بن نصر السوسي ، ودراس بن إسماعيل ، وغيرهم .

                                                                                      سمع منه خلق كثير منهم : الفقيه عبد الرحيم بن العجوز السبتي ، والفقيه عبد الله بن غالب السبتي وعبد الله بن الوليد بن سعد [ ص: 11 ] الأنصاري وأبو بكر أحمد بن عبد الرحمن الخولاني .

                                                                                      صنف كتاب : " النوادر والزيادات " في نحو المائة جزء ، واختصر " المدونة " ، وعلى هذين الكتابين المعول في الفتيا بالمغرب ، وصنف كتاب " العتبية " على الأبواب ، وكتاب " الاقتداء بمذهب مالك " ، وكتاب " الرسالة " وكتاب " الثقة بالله والتوكل على الله " ، وكتاب " المعرفة والتفسير " وكتاب " إعجاز القرآن " ، وكتاب " النهي عن الجدال " ، ورسالته في الرد على القدرية ، ورسالته في التوحيد ، وكتاب [ ص: 12 ] " من تحرك عند القراءة " .

                                                                                      وقيل : إنه صنع " رسالته " المشهورة وله سبع عشرة سنة .

                                                                                      وكان مع عظمته في العلم والعمل ذا بر وإيثار وإنفاق على الطلبة وإحسان .

                                                                                      وقيل : إنه نفذ إلى القاضي عبد الوهاب بن نصر المالكي ألف دينار ، وهذا فيه بعد ؛ فإن عبد الوهاب لم يشتهر إلا بعد زمان أبي محمد .

                                                                                      نعم قد وصل الفقيه يحيى بن عبد العزيز العمري حين قدم القيروان . بمائة وخمسين دينارا ، وجهزت بنت الشيخ أبي الحسن القابسي بأربعمائة دينار من مال ابن أبي زيد .

                                                                                      وقيل : إن محرزا التونسي أتي بابنة ابن أبي زيد وهي زمنة ، فدعا لها ، فقامت ، فعجبوا ، وسبحوا الله ، فقال : والله ، ما قلت إلا : بحرمة والدها عندك اكشف ما بها . فشفاها الله .

                                                                                      قلت : وكان - رحمه الله - على طريقة السلف في الأصول ، لا يدري الكلام ، ولا يتأول ، فنسأل الله التوفيق . [ ص: 13 ]

                                                                                      وقد حدث عنه بالسيرة النبوية " تهذيب " ابن هشام عبد الله بن الوليد بسماعه من عبد الله بن جعفر بن الورد ، لقيه بمصر .

                                                                                      ولما توفي رثاه عدة من الشعراء .

                                                                                      قال أبو إسحاق الحبال : مات ابن أبي زيد لنصف شعبان سنة تسع وثمانين وثلاثمائة ، وكذا أرخه أبو القاسم بن منده ، وأرخ موته القاضي عياض وغيره في سنة ست وثمانين وثلاثمائة .

                                                                                      التالي السابق


                                                                                      الخدمات العلمية