الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ سرا ]

                                                          سرا : السرو : المروءة والشرف . سرو يسرو سراوة وسروا أي صار سريا ; الأخيرة عن سيبويه و اللحياني . الجوهري : السرو سخاء في مروءة . وسرا ويسرو سروا سري ، بالكسر ، يسري سرى وسراء وسروا إذا شرف ، ولم يحك اللحياني مصدر سرا إلا ممدودا ، الجوهري : يقال : سرا يسرو سري ، بالكسر ، يسرى سروا فيهما سرو يسرو سراوة أي صار سريا . قال ابن بري : في سرا ثلاث لغات فعل وفعل وفعل ، وكذلك سخي وسخا وسخو ، ومن الصحيح كمل وكدر وخثر ، في كل منها ثلاث لغات . ورجل سري من قوم أسرياء ; سرواء كلاهما عن اللحياني . السراة اسم للجمع وليس بجمع عند سيبويه ، قال : ودليل ذلك قولهم سروات ; وقال الشاعر :


                                                          تلقى السري من الرجال بنفسه وابن السري إذا سرا أسراهما



                                                          أي أشرفهما . وقولهم : قوم سراة جمع سري جاء على غير قياس أن يجمع فعيل على فعلة ، قال : ولا يعرف غيره ، والقياس سراة مثل قضاة ورعاة وعراة ، وقيل : جمعه سراة ، بالفتح ، على غير قياس ، قال : وقد تضم السين والاسم منه السرو . وفي حديث عمر ، رضي الله عنه : أنه مر بالنخع فقال : أرى السرو فيكم متربعا أي أرى الشرف فيكم متمكنا . قال ابن بري : موضوع سراة عند سيبويه اسم مفرد للجمع كنفر وليس بجمع مكسر ، وقد جمع فعيل المعتل على فعلاء في لفظتين : وهما تقي وتقواء ، وسري وسرواء أسرياء ; حكى ذلك السيرافي في تفسير فعيل من الصفات في باب تكسير ما كان من الصفات عدته أربعة أحرف . أبو العباس : السري الرفيع في كلام العرب ، ومعنى سرو الرجل يسرو أي ارتفع يرتفع فهو رفيع ، مأخوذ من سراة كل شيء ما ارتفع منه وعلا ، وجمع السراة سروات . تسرى أي تكلف السرو . وتسرى الجارية أيضا : من السرية ، وقال يعقوب : أصله تسرر من السرور فأبدلوا من إحدى الراءات ياء كما قالوا : تقضى من تقضض ، وفي الحديث ، حديث أم زرع : فنكحت بعده سريا أي نفيسا شريفا ، وقيل : سخيا ذا مروءة ، ويروى هذا البيت :


                                                          أتوا ناري فقلت : منون قالوا      : سراة الجن ، قلت عموا ظلاما



                                                          ويروى : سراة ، وقد ورد هذا البيت بمعنى آخر وسنذكره في أثناء هذه الترجمة . ورجل مسروان وامرأة مسروانة سريان ; عن أبي العميثل الأعرابي . وامرأة سرية من نسوة سريات وسرايا . وسراة المال : خياره ، الواحد سري . يقال : بعير سري وناقة سرية . وقال :


                                                          من سراة الهجان صلبها العض     ض ورعي الحمى وطول الحيال



                                                          واستريت الشيء واسترته ، الأخيرة على القلب : اخترته ; قال الأعشى :


                                                          فقد أطبي الكاعب المسترا     ة من خدرها وأشيع القمارا



                                                          وفي رواية :


                                                          وقد أخرج الكاعب المستراة



                                                          قال ابن بري : استريته اخترته سريا ، ومنه قول سجعة العرب وذكر ضروب الأزناد فقال : ومن اقتدح المرخ والعفار فقد اختار واستار . وأخذت سراته أي خياره . واستريت الإبل والغنم والناس : اخترتهم ، وهي سري إبله وسراة ماله . واسترى الموت بني فلان أي اختار سراتهم . وتسريته أخذت أسراه . قال حميد بن ثور :


                                                          لقد تسريت إذا الهم ولج     واجتمع الهم هموما واعتلج
                                                          جنادف المرفق مبني الثبج



                                                          السري : المختار . والسروة والسروة ، الأخيرة عن كراع . سهم صغير قصير . وقيل : سهم عريض النصل طويله . وقيل : هو المدور المدملك الذي لا عرض له ؛ فأما العريض الطويل فهو المعبلة ، والسرية : نصل صغير قصير مدور مدملك لا عرض له ، قال ابن سيده : وقد تكون هذه الياء واوا لأنهم قالوا : السروة فقلبوها ياء لقربها من الكسرة ، وقال ثعلب : السروة والسروة أدق ما يكون من نصال السهام يدخل في الدروع . وقال أبو حنيفة : السروة نصل كأنه مخيط أو مسلة ، والجمع السراء ; قال ابن بري : قال القزاز : والجمع سرى وسرى ، قال النمر :


                                                          وقد رمى بسراه اليوم معتمدا     في المنكبين وفي الساقين والرقبه



                                                          وقال آخر :


                                                          كيف تراهن بذي أراط     وهن أمثال السرى المراط ؟



                                                          ابن الأعرابي : السرى نصال دقاق ، ويقال : قصار يرمى بها الهدف . وقال الأسدي : السروة تدعى الدرعية ، وذلك أنها تدخل في الدرع ونصالها منسلكة كالمخيط ; وقال ابن أبي الحقيق يصف الدروع :


                                                          تنفي السرى وجياد النبل تتركه     من بين منقصف كسرا ومفلول



                                                          وفي حديث أبي ذر : كان إذا التاثت راحلة أحدنا طعن بالسروة في ضبعها ، يعني في ضبع الناقة ، السرية والسروة : وهي النصال الصغار ، والسروة أيضا . وفي الحديث : أن الوليد بن المغيرة مر به فأشار إلى قدمه فأصابته سروة فجعل يضرب ساقه حتى مات . وسراة [ ص: 178 ] كل شيء : أعلاه وظهره ووسطه ; وأنشد ابن بري لحميد بن ثور :


                                                          سراة الضحى ما رمن حتى تفصدت     جباه العذارى زعفرانا وعندما



                                                          ومنه الحديث : فمسح سراة البعير وذفراه . وسراة النهار وغيره : ارتفاعه . وقيل : وسطه ، قال البريق الهذلي :


                                                          مقيما عند قبر أبي سباع     سراة الليل عندك والنهار



                                                          فجعل لليل سراة ، والجمع سروات ، ولا يكسر . التهذيب : سراة النهار وقت ارتفاع الشمس في السماء . يقال : أتيته سراة الضحى سراة النهار . وسراة الطريق : متنه ومعظمه . وفي الحديث : ليس للنساء سروات الطريق ، يعني ظهور الطريق ومعظمه ووسطه ولكنهن يمشين في الجوانب . وسراة الفرس : أعلى متنه ، وقوله :


                                                          صريف ثم تكليف الفيافي     كأن سراة جلتها الشفوف



                                                          أراد كأن سرواتهن الشفوف ؛ فوضع الواحد موضع الجمع ، ألا تراه قال قبل هذا :


                                                          وقوف فوق عيس قد أملت     براهن الإناخة والوجيف



                                                          وسرا ثوبه عنه سروا وسراه : نزعه ، التشديد فيه للمبالغة ; قال بعض الأغفال :


                                                          حتى إذا أنف العجير جلى     برقعه ولم يسر الجلا



                                                          وسرى متاعه يسري : ألقاه عن ظهر دابته ، وسرى عنه الثوب سريا : كشفه ، والواو أعلى وكذلك سرى الجل عن ظهر الفرس قال الكميت :


                                                          فسرونا عنه الجلال كما سل     ل لبيع اللطيمة الدخدار



                                                          والسري : النهر ; عن ثعلب : وقيل : الجدول ، وقيل : النهر الصغير كالجدول يجري إلى النخل والجمع أسرية ، وسريان ; حكاها سيبويه ، مثل أجربة وجربان ، قال : ولم يسمع فيه بأسرياء وقوله عز وجل : قد جعل ربك تحتك سريا ; روي عن الحسن أنه كان يقول : كان والله سريا من الرجال يعني عيسى ، عليه السلام ، فقيل له : إن من العرب من يسمي النهر سريا ، فرجع إلى هذا القول . وروي عن ابن عباس أنه قال : السري الجدول وهو قول أهل اللغة ; وأنشد أبو عبيد قول لبيد يصف نخلا نابتا على ماء النهر :


                                                          سحق يمتعها الصفا وسريه     عم نواعم بينهن كروم



                                                          وفي حديث مالك بن أنس : يشترط صاحب الأرض على المساقي خما العين وسرو الشرب ; قال القتيبي : يريد تنقية أنهار الشرب وسواقيه ، وهو من قولك سروت الشيء إذا نزعته ، قال : وسألت الحجازيين عنه فقالوا : هي تنقية الشربات ؛ والشربة : كالحوض في أصل النخلة منه تشرب ، قال : وأحسبه من سروت الشيء إذا نزعته وكشفت عنه ، وخم العين : كسحها . والسراة الظهر ، قال :


                                                          شوقب شرحب كأن قناة     حملته وفي السراة دموج



                                                          والجمع سروات ، ولا يكسر ، وسري عنه : تجلى همه . وانسرى عنه الهم انكشف . وسري عنه مثله . والسرو : ما ارتفع من الوادي وانحدر عن غلظ الجبل ، وقيل : السرو من الجبل ما ارتفع عن موضع السيل وانحدر عن غلظ الجبل . وفي الحديث : سرو حمير ، وهو النعف والخيف ، وقيل : سرو حمير ، محلتها وفي حديث عمر ، رضي الله عنه : لئن بقيت إلى قابل ليأتين الراعي بسرو حمير حقه لم يعرق جبينه فيه وفي رواية ليأتين الراعي بسروات حمير . والمعروف في واحدة سروات سراة . وسراة الطريق : ظهره ومعظمه ; ومنه حديث رياح بن الحارث : فصعدوا سروا أي منحدرا من الجبل . والسرو : شجر . واحدته سروة . والسراء : شجر ، واحدته سراءة ; قال ابن مقبل :


                                                          رآها فؤادي أم خشف خلا لها     بقور الوراقين السراء المصنف



                                                          قال أبو عبيدة : هو من كبار الشجر ينبت في الجبال ، وربما اتخذ منها القسي العربية . وقال أبو حنيفة : وتتخذ القسي من السراء ، وهو من عتق العيدان وشجر الجبال ; قال لبيد :


                                                          تشين صحاح البيد كل عشية     بعود السراء عند باب محجب



                                                          يقول : إنهم حضروا باب الملك وهم متنكبو قسيهم فتفاخروا ؛ فكلما ذكر منهم رجل مأثرة خط لها في الأرض خطا ، فأيهم وجد أكثر خطوطا كان أكثر مآثر فذلك شينهم صحاح البيد . وقال في موضع آخر : والسراء ضرب من شجر القسي ، الواحدة سراءة . قال الجوهري : السراء ، بالفتح ممدود ، شجر تتخذ منه القسي ; قال زهير يصف وحشا :


                                                          ثلاث كأقواس السراء وناشط     قد انحص من لس الغمير جحافله



                                                          والسروة : دودة تقع في النبات فتأكله ، والجمع سرو . وأرض مسروة : من السروة . والسرو : الجراد أول ما ينبت حين يخرج من بيضه . الجوهري : والسروة الجرادة أول ما تكون وهي دودة ، وأصله الهمز ، والسرية لغة فيها . وأرض مسروة ذات سروة ، وقد أنكر علي بن حمزة السروة في الجرادة وقال : إنما هي السرأة بالهمز لا غير ، من سرأت الجرادة سرأ إذا باضت . ويقال : جرادة سرو ، والجمع سراء . وسراة اليمن : معروفة ، والجمع سروات ; حكاه ابن سيده عن أبي حنيفة فقال : وبالسراة شجر جوز لا يربى . والسرى : سير الليل عامته ، وقيل : السرى سير الليل كله تذكره العرب وتؤنثه ، قال : ولم يعرف اللحياني إلا التأنيث ; وقول لبيد :


                                                          قلت : هجدنا فقد طال السرى [ ص: 179 ]     وقدرنا إن خنى الليل غفل



                                                          قد يكون على لغة من ذكر ، قال : وقد يجوز أن يريد طالت السرى فحذف علامة التأنيث لأنه ليس بمؤنث حقيقي ، وقد سرى سرى وسرية وسرية فهو سار ; قال :


                                                          أتوا ناري فقلت : منون ؟ قالوا      : سراة الجن ، قلت : عموا صباحا !



                                                          وسريت سرى ومسرى وأسريت بمعنى إذا سرت ليلا ، بالألف لغة أهل الحجاز ، وجاء القرآن العزيز بهما جميعا . ويقال : سرينا سرية واحدة ، والاسم السرية ، بالضم ، والسرى وأسراه وأسرى به . وفي المثل : ذهبوا إسراء قنفذة ؛ وذلك أن القنفذ يسري ليله كله لا ينام ; قال حسان بن ثابت :


                                                          حي النضيرة ربة الخدر     أسرت إليك ولم تكن تسري



                                                          قال ابن بري : رأيت بخط الوزير ابن المغربي : حي النصيرة ; وقال النابغة :


                                                          أسرت إليه من الجوزاء سارية



                                                          ويروى : سرت ; وقال لبيد :


                                                          فبات وأسرى القوم آخر ليلهم     وما كان وقافا بغير معصر



                                                          وفي حديث جابر قال له : ما السرى يا جابر السرى السير بالليل ، أراد ما أوجب مجيئك في هذا الوقت واسترى كأسرى قال الهذلي :


                                                          وخفوا فأما الجامل الجون فاسترى     بليل وأما الحي بعد فأصبحوا



                                                          وأنشد ابن الأعرابي قول كثير :


                                                          أروح وأغدو من هواك وأستري     وفي النفس مما قد علمت علاقم



                                                          وقد سرى به وأسرى . والسراء : الكثير السرى بالليل . وفي التنزيل العزيز : سبحان الذي أسرى بعبده ليلا ; وفيه أيضا : ( والليل إذا يسري ) ; فنزل القرآن العزيز باللغتين . وقال أبو عبيد عن أصحابه : سريت بالليل أسريت ، فجاء باللغتين . وقال أبو إسحاق في قوله عز وجل : سبحان الذي أسرى بعبده ; قال : معناه سير عبده ; يقال : أسريت وسريت إذا سرت ليلا ، أسراه أسرى به مثل أخذ الخطام وأخذ بالخطام ، وإنما قال سبحانه : سبحان الذي أسرى بعبده ليلا ; وإن كان السرى لا يكون إلا بالليل للتأكيد ؛ كقولهم سرت أمس نهارا ، والبارحة ليلا ، والسراية : سرى الليل ، وهو مصدر ، ويقل في المصادر أن تجيء على هذا البناء لأنه من أبنية الجمع ، يدل على صحة ذلك أن بعض العرب يؤنث السرى والهدى ، وهم بنو أسد ، توهما أنهما جمع سرية وهدية ; قال ابن بري : شاهد هذا - أي تأنيث السرى - قول جرير :


                                                          هم رجعوها بعدما طالت السرى     عوانا وردوا حمرة الكين أسودا



                                                          وقال أبو إسحاق في قوله عز وجل : ( والليل إذا يسري ) ; معنى يسر يمضي ، قال : سرى يسري إذا مضى ، قال : وحذفت الياء من يسري لأنها رأس آية ، وقال غيره قوله : ( والليل إذا يسري ) ; إذا يسري فيه كما قالوا ليل نائم أي ينام فيه . وقال : : فإذا عزم الأمر ; عزم عليه السارية من السحاب التي تجئ ليلا وفي مكان آخر السارية السحابة التي تسري ليلا ، وجمعها السواري ; ومنه قول النابغة :


                                                          سرت عليه من الجوزاء سارية     تزجي الشمال عليه جامد البرد



                                                          ابن سيده : والسارية : السحابة التي بين الغادية والرائحة . وقال اللحياني : السارية المطرة التي تكون بالليل ; وقول الشاعر :


                                                          رأيتك تغشى الساريات ولم تكن     لتركب إلا ذا الرسوم الموقعا



                                                          قيل : يعني بالساريات الحمر لأنها ترعى ليلا وتنفس ولا تقر بالليل ، وتغشى أي تركب ; هذا قول ابن الأعرابي ; قال ابن سيده : وعندي أنه عنى بغشيانها نكاحها ؛ لأن البيت للفرزدق يهجو جريرا وكأنه يعيبه بذلك ; واستعار بعضهم السرى للدواهي والحروب والهموم ؛ فقال في صفة الحرب أنشده ثعلب للحارث بن وعلة :


                                                          ولكنها تسري إذا نام أهلها     فتأتي على ما ليس يخطر في الوهم



                                                          وفي حديث موسى ، عليه السلام ، والسبعين من قومه . ثم تبرزون صبيحة سارية أي صبيحة ليلة فيها مطر . والسارية : السحابة تمطر ليلا ، فاعلة من السرى سير الليل ، وهي من الصفات الغالبة ، ومنه قول كعب بن زهير :


                                                          تنفي الرياح القذى عنه وأفرطه     من صوب سارية بيض يعاليل



                                                          وفي الحديث : أن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، قال في الحساء إنه يرتو فؤاد الحزين ويسرو عن فؤاد السقيم ; وقال الأصمعي : يرتو بمعنى يشده ويقويه ، وأما يسرو فمعناه يكشف عن فؤاده الألم ويزيله ؛ ولهذا قيل : سروت الثوب وغيره عني سروا وسريته وسريته إذا ألقيته عنك ونضوته ; قال ابن هرمة :


                                                          سرى ثوبه عنك الصبا المتخايل     وودع للبين الخليط المزايل



                                                          أي كشف . وسروت عني درعي ، بالواو لا غير . وفي الحديث : فإذا مطرت يعني السحابة سري عنه أي كشف عنه الخوف ، وقد تكرر ذكر هذه اللفظة في الحديث ، وخاصة في ذكر نزول الوحي عليه وكلها بمعنى الكشف والإزالة ، والسرية : ما بين خمسة أنفس إلى ثلاثمائة ، وقيل : هي من الخيل نحو أربعمائة ، ولامها ياء . والسرية : قطعة من الجيش ; يقال : خير السرايا أربعمائة رجل . التهذيب : وأما السرية من سرايا الجيوش فإنها فعيلة بمعنى فاعلة ، سميت سرية لأنها تسري ليلا في خفية لئلا ينذر بهم العدو فيحذروا أو يمتنعوا . يقال : سرى قائد الجيش سرية إلى العدو إذا جردها وبعثها إليهم ، وهو التسرية . وفي الحديث : يرد متسريهم على قاعدهم ; المتسري : الذي [ ص: 180 ] يخرج في السرية وهي طائفة من الجيش يبلغ أقصاها أربعمائة ، وجمعها السرايا ، سموا بذلك لأنهم يكونون خلاصة العسكر وخيارهم من الشيء السري النفيس ، وقيل : سموا بذلك لأنهم ينفذون سرا وخفية ، وليس بالوجه لأن لام السر راء وهذه ياء ، ومعنى الحديث أن الإمام أو أمير الجيش يبعثهم وهو خارج إلى بلاد العدو ؛ فإذا غنموا شيئا كان بينهم وبين الجيش عامة لأنهم ردء لهم وفئة ؛ فأما إذا بعثهم وهو مقيم ؛ فإن القاعدين معه لا يشاركونهم في المغنم ، وإن كان جعل لهم نفلا من الغنيمة لم يشركهم غيرهم في شيء منه على الوجهين معا . وفي حديث سعد : لا يسير بالسرية أي لا يخرج بنفسه مع السرية في الغزو ، وقيل : معناه لا يسير فينا بالسيرة النفيسة ; ومنه الحديث : أنه قال لأصحابه يوم أحد : اليوم تسرون أي يقتل سريكم فقتل حمزة ، رضوان الله عليه ، وفي الحديث : لما حضر بني شيبان وكلم سراتهم ومنهم المثنى بن حارثة أي أشرافهم . قال : ويجمع السراة على سروات ; ومنه حديث الأنصار : افترق ملؤهم وقتلت سرواتهم أي أشرافهم ، وسرى عرق الشجرة يسري في الأرض سريا : دب تحت الأرض . والسارية : الأسطوانة ، وقيل : أسطوانة من حجارة أو آجر وجمعها السواري . وفي الحديث : أنه نهى أن يصلى بين السواري ; يريد إذا كان في صلاة الجماعة لأجل انقطاع الصف . أبو عمرو : يقال : هو يسري العرق عن نفسه إذا كان ينضحه ; وأنشد :


                                                          ينضحن ماء البدن المسرى



                                                          ويقال : فلان يساري إبل جاره إذا طرقها ليحتلبها دون صاحبها ; قال أبو وجزة :


                                                          فإني لا وأمك لا أساري     لقاح الجار ما سمر السمير



                                                          والسراة : جبل بناحية الطائف . قال ابن السكيت : الطود الجبل المشرف على عرفة ينقاد إلى صنعاء ، ويقال له : السراة فأوله سراة ثقيف ثم سراة فهم و عدوان ثم الأزد ثم الحرة آخر ذلك . الجوهري : وإسرائيل اسم ، ويقال : هو مضاف إلى إيل . قال الأخفش : هو يهمز ولا يهمز ، قال : ويقال : في لغة إسرائين بالنون ، كما قالوا : جبرين وإسماعين ، والله أعلم .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية