الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ سطح ]

                                                          سطح : سطح الرجل وغيره يسطحه ، فهو مسطوح وسطيح : أضجعه وصرعه فبسطه على الأرض . ورجل مسطوح وسطيح : قتيل منبسط ; قال الليث : السطيح والمسطوح : هو القتيل ، وأنشد :


                                                          حتى يراه وجهها سطيحا



                                                          والسطيح : المنبسط ، وقيل : المنبسط البطيء القيام من الضعف والسطيح : الذي يولد ضعيفا لا يقدر على القيام والقعود ، فهو أبدا منبسط . والسطيح : المستلقي على قفاه من الزمانة ، وسطيح : هذا الكاهن الذئبي ، من بني ذئب ، كان يتكهن في الجاهلية ، سمي بذلك لأنه كان إذا غضب قعد منبسطا ، فيما زعموا ; وقيل : سمي بذلك لأنه لم يكن له بين مفاصله قصب تعمده فكان أبدا منبسطا منسطحا على الأرض لا يقدر على قيام ولا قعود ، ويقال : كان لا عظم فيه سوى رأسه . روى الأزهري بإسناده عن مخزوم بن هانئ المخزومي عن أبيه وأتت له خمسون ومائة سنة ; قال : لما كانت الليلة التي ولد فيها سيدنا رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، ارتجس إيوان كسرى وسقطت منه أربع عشرة شرفة ، وخمدت نار فارس ولم تخمد قبل ذلك مائة عام ، وغاضت بحيرة ساوة ; ورأى الموبذان إبلا صعابا تقود خيلا عرابا قد قطعت دجلة وانتشرت في بلادها ؛ فلما أصبح كسرى أفزعه ما رأى فلبس تاجه وأخبر مرازبته بما رأى ، فورد عليه كتاب بخمود النار ; فقال : الموبذان وأنا رأيت في هذه الليلة وقص عليه رؤياه في الإبل ، فقال له : وأي شيء يكون هذا ؟ قال : حادث من ناحية العرب . فبعث كسرى إلى النعمان بن المنذر أن ابعث إلي برجل عالم ليخبرني عما أسأله ; فوجه إليه بعبد المسيح بن عمرو بن نفيلة الغساني ، فأخبره بما رأى ; فقال : علم هذا عند خالي سطيح ، قال : فأته وسله وأتني بجوابه ; فقدم على سطيح وقد أشفى على الموت فأنشأ يقول :


                                                          أصم أم يسمع غطريف اليمن ؟     أم فاد فازلم به شأو العنن ؟
                                                          يا فاصل الخطة أعيت من ومن     أتاك شيخ الحي من آل سنن
                                                          رسول قيل العجم يسري للوسن     وأمه من آل ذئب بن حجن
                                                          [ ص: 181 ] أبيض فضفاض الرداء والبدن     تجوب بي الأرض علنداة شزن
                                                          ترفعني وجنا وتهوي بي وجن     حتى أتى عاري الجآجي والقطن
                                                          لا يرهب الرعد ولا ريب الزمن     تلفه في الريح بوغاء الدمن
                                                          كأنما حثحث من حضني ثكن



                                                          قال : فلما سمع سطيح شعره رفع رأسه ؛ فقال : عبد المسيح على جمل مشيح ، إلى سطيح ، وقد أوفى على الضريح ، بعثك ملك بني ساسان ، لارتجاس الإيوان ، وخمود النيران ، ورؤيا الموبذان ، رأى آبلا صعابا ، تقود خيلا عرابا ، يا عبد المسيح إذا كثرت التلاوة ، وبعث صاحب الهراوة ، وغاضت بحيرة ساوة ؛ فليس الشام لسطيح شاما ، يملك منهم ملوك وملكات ، على عدد الشرفات ، وكل ما هو آت ، ثم قبض سطيح مكانه ، ونهض عبد المسيح إلى راحلته وهو يقول :


                                                          شمر فإنك ما عمرت شمير     لا يفزعنك تفريق وتغيير
                                                          إن يمس ملك بني ساسان أفرطهم     فإن ذا الدهر أطوار دهارير
                                                          فربما ربما أضحوا بمنزلة     تخاف صولهم أسد مهاصير
                                                          منهم أخو الصرح بهرام وإخوتهم     وهرمزان وسابور وسابور
                                                          والناس أولاد علات فمن علموا     أن قد أقل فمهجور ومحقور
                                                          وهم بنو الأم لما أن رأوا نشبا     فذاك بالغيب محفوظ ومنصور
                                                          والخير والشر مقرونان في قرن     فالخير متبع والشر محذور



                                                          فلما قدم على كسرى أخبره بقول سطيح ، فقال كسرى : إلى أن يملك منا أربعة عشر ملكا تكون أمور ، فملك منهم عشرة في أربع سنين ، وملك الباقون إلى زمن عثمان ، رضي الله عنه ، قال الأزهري : وهذا الحديث فيه ذكر آية من آيات نبوة سيدنا محمد ، صلى الله عليه وسلم ، قبل مبعثه ، قال : وهو حديث حسن غريب . وانسطح الرجل امتد على قفاه ، ولم يتحرك السطح سطحك الشيء على وجه الأرض كما تقول في الحرب : سطحوهم أي أضجعوهم على الأرض . وتسطح الشيء وانسطح : انبسط . وفي حديث عمر ، رضي الله تعالى عنه ، قال للمرأة التي معها الصبيان : أطعميهم وأنا أسطح لك ، أي أبسطه حتى يبرد والسطح ظهر البيت إذا كان مستويا ، لانبساطه معروف ، وهو من كل شيء أعلاه والجمع سطوح ؛ وفعلك التسطيح . وسطح البيت يسطحه سطحا وسطحه سوى سطحه . ورأيت الأرض مساطح لا مرعى بها : شبهت بالبيوت المسطوحة ، والسطاح من النبت : ما افترش فانبسط ولم يسم ، عن أبي حنيفة . وسطح الله الأرض سطحا : بسطها . وتسطيح القبر : خلاف تسنيمه ، وأنف مسطح : منبسط جدا ، والسطاح ، بالضم والتشديد : نبتة سهلية تنسطح على الأرض ، واحدته سطاحة . وقيل : السطاحة شجرة تنبت في الديار في أعطان المياه متسطحة ، وهي قليلة ، وليست فيها منفعة ; قال الأزهري : والسطاحة بقلة ترعاها الماشية ويغسل بورقها الرءوس . وسطح الناقة : أناخها . والسطيحة والسطيح : المزادة التي من أديمين قوبل أحدهما بالآخر ، وتكون صغيرة وتكون كبيرة ، وهي من أواني المياه . وفي الحديث : أن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، كان في بعض أسفاره ففقدوا الماء ، فأرسل عليا وفلانا يبغيان الماء ؛ فإذا هما بامرأة بين سطحتين ; قال : السطيحة المزادة تكون من جلدين أو المزادة أكبر منها . والمسطح : الصفاة يحاط عليها بالحجارة فيجمع فيها الماء ; قال الأزهري : والمسطح أيضا صفيحة عريضة من الصخر يحوط عليها لماء السماء ; قال : وربما خلق الله عند فم الركية صفاة ملساء مستوية فيحوط عليها بالحجارة وتسقى فيها الإبل شبه الحوض ; ومنه قول الطرماح :


                                                          في جنبي مري ومسطح



                                                          والمسطح : كوز ذو جنب واحد ، يتخذ للسفر . والمسطح والمسطحة : شبه مطهرة ليست بمربعة ، والمسطح ، تفتح ميمه وتكسر ، مكان مستو يبسط عليه التمر ويجفف ويسمى الجرين ، يمانية . والمسطح : حصير يسف من خوص الدوم ; ومنه قول تميم بن مقبل :


                                                          إذا الأمعز المحزو آض كأنه     من الحر في حد الظهيرة مسطح



                                                          الأزهري : قال الفراء : هو المسطح ، والمحور والشوبق . والمسطح : عمود من أعمدة الخباء والفسطاط ; وفي حديث النبي ، صلى الله عليه وسلم ، أن حمل بن مالك قال للنبي ، صلى الله عليه وسلم : كنت بين جارتين لي فضربت إحداهما الأخرى بمسطح ؛ فألقت جنينا ميتا ، وماتت ؛ فقضى رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، بدية المقتولة على عاقلة القاتلة ; وجعل في الجنين غرة ; وقال عوف بن مالك النضري ، وفي حواشي ابن بري مالك بن عوف النضري :


                                                          تعرض ضيطارو خزاعة دوننا     وما خير ضيطار يقلب مسطحا



                                                          يقول : ليس له سلاح يقاتل به غير مسطح . والضيطار : الضخم الذي لا غناء عنده . والمسطح : الخشبة المعرضة على دعامتي الكرم بالأطر ; قال ابن شميل : إذا عرش الكرم عمد إلى دعائم يحفر لها في الأرض ، لكل دعامة شعبتان ، ثم تؤخذ شعبة فتعرض على الدعامتين ، وتسمى هذه الخشبة المعرضة المسطح ، ويجعل على المساطح أطر من أدناها إلى أقصاها ; تسمى المساطح بالأطر مساطح .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية