الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ بدل ]

                                                          بدل : الفراء : بدل وبدل لغتان ، ومثل ومثل ، وشبه وشبه ، ونكل ونكل . قال أبو عبيد : ولم يسمع في فعل وفعل غير هذه الأربعة الأحرف . والبديل : البدل . وبدل الشيء : غيره . ابن سيده : بدل الشيء وبدله وبديله الخلف منه ، والجمع أبدال . قال سيبويه : إن بدلك زيد أي إن بديلك زيد ، قال : ويقول الرجل للرجل اذهب معك بفلان ، فيقول : معي رجل بدله أي رجل يغني غناءه ويكون في مكانه . وتبدل الشيء وتبدل به واستبدله واستبدل به ، كله : اتخذ منه بدلا . وأبدل الشيء من الشيء وبدله : تخذه من بدلا . وأبدلت الشيء بغيره وبدله الله من الخوف أمنا . وتبديل الشيء : تغييره وإن لم تأت ببدل . واستبدل الشيء بغيره وتبدله به إذا أخذه مكانه . والمبادلة : التبادل . والأصل في التبديل تغيير الشيء عن حاله ، والأصل في الإبدال جعل شيء مكان شيء آخر كإبدالك من الواو تاء في تالله ، والعرب تقول : للذي يبيع كل شيء من المأكولات بدال ; قاله أبو الهيثم ، والعامة تقول : بقال . وقوله عز وجل : يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات ; قال الزجاج : تبديلها ، والله أعلم ، تسيير جبالها وتفجير بحارها وكونها مستوية لا ترى فيها عوجا ولا أمتا ، وتبديل السماوات انتثار كواكبها وانفطارها وانشقاقها وتكوير شمسها وخسوف قمرها ، وأراد غير السماوات فاكتفى بما تقدم . أبو العباس [ ص: 39 ] ثعلب يقال : أبدلت الخاتم بالحلقة إذا نحيت هذا وجعلت هذا مكانه . وبدلت الخاتم بالحلقة إذا أذبته وسويته حلقة . وبدلت الحلقة بالخاتم إذا أذبتها وجعلتها خاتما ; قال أبو العباس : وحقيقته أن التبديل تغيير الصورة إلى صورة أخرى والجوهرة بعينها . والإبدال : تنحية الجوهرة واستئناف جوهرة أخرى ; ومنه قول أبي النجم :


                                                          عزل الأمير للأمير المبدل



                                                          ألا ترى أنه نحى جسما وجعل مكانه جسما غيره ؟ قال أبو عمرو : فعرضت هذا على المبرد فاستحسنه وزاد فيه فقال : وقد جعلت العرب بدلت بمعنى أبدلت ، وهو قول الله عز وجل : فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات ; ألا ترى أنه قد أزال السيئات وجعل مكانها حسنات ؟ قال : وأما ما شرط أحمد بن يحيى فهو معنى قوله - تعالى : كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها . قال : فهذه هي الجوهرة ، وتبديلها تغيير صورتها إلى غيرها لأنها كانت ناعمة فاسودت من العذاب فردت صورة جلودهم الأولى لما نضجت تلك الصورة ، فالجوهرة واحدة والصورة مختلفة . وقال الليث : استبدل ثوبا مكان ثوب وأخا مكان أخ ونحو ذلك المبادلة . قال أبو عبيد : هذا باب المبدول من الحروف والمحول ، ثم ذكر مدهته ومدحته ، قال الشيخ : وهذا يدل على أن بدلت متعد ; قال ابن السكيت : جمع بديل بدلى ، قال : وهذا يدل على أن بديلا بمعنى مبدل . وقال أبو حاتم : سمي البدال بدالا لأنه يبدل بيعا ببيع فيبيع اليوم شيئا وغدا شيئا آخر ، قال : وهذا كله يدل على أن بدلت ، بالتخفيف ، جائز وأنه متعد . والمبادلة مفاعلة من بدلت ; وقوله :


                                                          فلم أكن ، والمالك الأجل     أرضى بخل ، بعدها ، مبدل



                                                          إنما أراد ( مبدل ) فشدد اللام للضرورة ، قال ابن سيده : وعندي أنه شددها للوقف ثم اضطر فأجرى الوصل مجرى الوقف كما قال :


                                                          ببازل وجناء أو عيهل



                                                          واختار المالك على الملك ليسلم الجزء من الخبل ، وحروف البدل : الهمزة والألف والياء والواو والميم والنون والتاء والهاء والطاء والدال والجيم ، وإذا أضفت إليها السين واللام وأخرجت منها الطاء والدال والجيم كانت حروف الزيادة ; قال ابن سيده : ولسنا نريد البدل الذي يحدث مع الإدغام إنما نريد البدل في غير إدغام . وبادل الرجل مبادلة وبدالا : أعطاه مثل ما أخذ منه ; أنشد ابن الأعرابي :


                                                          قال : أبي خون ، فقيل : لا لا !     ليس أباك ، فاتبع البدالا



                                                          والأبدال : قوم من الصالحين بهم يقيم الله الأرض ، أربعون في الشام وثلاثون في سائر البلاد ، لا يموت منهم أحد إلا قام مكانه آخر ، فلذلك سموا أبدالا ، وواحد الأبدال العباد بدل وبدل ; وقال ابن دريد : الواحد بديل . وروى ابن شميل بسنده حديثا عن علي - كرم الله وجهه - أنه قال : الأبدال بالشام ، والنجباء بمصر ، والعصائب بالعراق ; قال ابن شميل : الأبدال خيار بدل من خيار ، والعصائب عصبة ، وعصائب يجتمعون فيكون بينهم حرب ; قال ابن السكيت : سمي المبرزون في الصلاح أبدالا لأنهم أبدلوا من السلف الصالح ، قال : والأبدال جمع بدل وبدل ، وجمع بديل بدلى ، والأبدال : الأولياء والعباد ، سموا بذلك لأنهم كلما مات منهم واحد أبدل بآخر . وبدل الشيء : حرفه . وقوله عز وجل : وما بدلوا تبديلا ; قال الزجاج : معناه أنهم ماتوا على دينهم غير مبدلين . ورجل بدل : كريم ; عن كراع ، والجمع أبدال . ورجل بدل وبدل : شريف ، والجمع كالجمع ، وهاتان الأخيرتان غير خاليتين من معنى الخلف . وتبدل الشيء : تغير ; فأما قول الراجز :


                                                          فبدلت ، والدهر ذو تبدل     هيفا دبورا بالصبا والشمأل



                                                          فإنه أراد ذو تبديل . والبدل : وجع في اليدين والرجلين ، وقيل : وجع المفاصل واليدين والرجلين ، بدل ، بالكسر ، يبدل بدلا فهو بدل إذا وجع يديه ورجليه ; قال الشوأل بن نعيم أنشده يعقوب في الألفاظ :


                                                          فتمذرت نفسي لذاك ، ولم أزل     بدلا نهاري كله حتى الأصل



                                                          والبأدلة : ما بين العنق والترقوة ، والجمع بآدل ; قال الشاعر :


                                                          فتى قد قد السيف ، لا متآزف     ولا رهل لباته وبآدله



                                                          وقيل : هي لحم الصدر وهي البأدلة والبهدلة وهي الفهدة . ومشى البأدلة إذا مشى محركا بآدله ، وهي من مشية القصار من النساء ; قال :


                                                          قد كان فيما بيننا مشاهله     ثم تولت ، وهي تمشي البادله



                                                          أراد البأدلة فخفف حتى كأن وضعها ألف ، وذلك لمكان التأسيس . وبدل : شكا بأدلته على حكم الفعل المصوغ من ألفاظ الأعضاء لا على العامة ; قال ابن سيده : وبذلك قضينا على همزتها بالزيادة وهو مذهب سيبويه في الهمزة إذا كانت الكلمة تزيد على الثلاثة ; وفي الصفات لأبي عبيد : البأدلة اللحمة في باطن الفخذ . وقال نصير : البأدلتان بطون الفخذين ، والربلتان لحم باطن الفخذ ، والحاذان لحم ظاهرهما حيث يقع شعر الذنب ، والجاعرتان رأسا الفخذين حيث يوسم الحمار بحلقة ، والرعثاوان والثندوتان يسمين البآدل ، والثندوتان لحمتان فوق الثديين . وبادولى وبادولى ، بالفتح والضم : موضع ; قال الأعشى :


                                                          حل أهلي بطن الغميس فبادو     لى ، وحلت علوية بالسخال



                                                          يروى بالفتح والضم جميعا . ويقال للرجل الذي يأتي بالرأي السخيف : هذا رأي الجدالين والبدالين . والبدال : الذي ليس له مال إلا بقدر ما يشتري به شيئا ، فإذا باعه اشترى به بدلا منه يسمى بدالا ، والله أعلم .

                                                          [ ص: 40 ]

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية