الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ سقط ]

                                                          سقط : السقطة : الوقعة الشديدة . سقط يسقط سقوطا ، فهو ساقط وسقوط : وقع ، وكذلك الأنثى ، قال :


                                                          من كل بلهاء سقوط البرقع بيضاء لم تحفظ ولم تضيع

                                                          يعني أنها لم تحفظ من الريبة ولم يضيعها والداها . والمسقط ، بالفتح : السقوط . وسقط الشيء من يدي سقوطا ، وفي الحديث : لله عز وجل أفرح بتوبة عبده من أحدكم يسقط على بعيره وقد أضله ؛ معناه يعثر على موضعه ويقع عليه كما يقع الطائر على وكره . وفي حديث الحارث بن حسان : قال له النبي ، صلى الله عليه وسلم ، وسأله عن شيء فقال : على الخبير سقطت ؛ أي على العارف به وقعت ، وهو مثل سائر للعرب . ومسقط الشيء ومسقطه ، موضع سقوطه ، الأخيرة نادرة ، وقالوا : البصرة مسقط رأسي مسقطه ، تساقط على الشيء أي ألقى نفسه عليه وأسقطه هو . تساقط الشيء تتابع سقوطه ساقطه مساقطة سقاطا أسقطه وتابع إسقاطه ; قال ضابئ بن الحارث البرجمي يصف ثورا والكلاب :


                                                          يساقط عنه روقه ضارياتها     سقاط حديد القين أخول أخولا

                                                          قوله : أخول أخولا أي متفرقا يعني شرر النار . والمسقط مثال المجلس : الموضع ; يقال : هذا مسقط رأسي حيث ولد ، وهذا مسقط السوط ، حيث وقع ، وأنا في مسقط النجم ، حيث سقط ، وأتانا في مسقط النجم أي حين سقط ، وفلان يحن إلى مسقطه أي حيث ولد ، وكل من وقع في مهواة ، يقال : وقع وسقط ، وكذلك إذا وقع اسمه من الديوان ، يقال : وقع وسقط ، ويقال : سقط الولد من بطن أمه ، ولا يقال : وقع حين تلده ، وأسقطت المرأة ولدها إسقاطا ، وهي مسقط : ألقته لغير تمام من السقوط ، وهو السقط والسقط والسقط ، الذكر والأنثى فيه سواء ، ثلاث لغات ، وفي الحديث : لأن أقدم سقطا أحب إلي من مائة مستلئم ، السقط ، بالفتح والضم والكسر ، والكسر أكثر ، الولد الذي يسقط من بطن أمه قبل تمامه والمستلئم لابس عدة الحرب يعني أن ثواب السقط أكثر من ثواب كبار الأولاد ، لأن فعل الكبير يخصه أجره ، وثوابه وإن شاركه الأب في بعضه وثواب السقط موفر على الأب ، وفي الحديث : يحشر ما بين السقط إلى الشيخ الفاني جردا مردا . وسقط الزند ما وقع من النار حين يقدح باللغات الثلاث أيضا ، قال ابن سيده : سقط النار وسقطها وسقطها ما سقط بين الزندين قبل استحكام الوري ، وهو مثل بذلك ، يذكر ويؤنث . وأسقطت الناقة وغيرها ، إذا ألقت ولدها . وسقط الرمل وسقطه وسقطه ومسقطه : بمعنى منقطعه ، حيث انقطع معظمه ورق لأنه كله من السقوط ، الأخيرة إحدى تلك الشواذ ، والفتح فيها على القياس لغة ، ومسقط الرمل : حيث ينتهي إليه طرفه . وسقاط النخل ما سقط من بسره . وسقيط السحاب البرد . والسقيط الثلج ، يقال : أصبحت الأرض مبيضة من السقيط . والسقيط : الجليد ، طائية وكلاهما ، من السقوط ، وسقيط الندى : ما سقط منه على الأرض ; قال الراجز :


                                                          وليلة يا مي ذات طل     ذات سقيط وندى مخضل
                                                          [ ص: 208 ]


                                                          طعم السرى فيها كطعم الخل

                                                          ومثله قول هدبة بن خشرم :


                                                          وواد كجوف العير قفر قطعته     ترى السقط في أعلامه كالكراسف

                                                          والسقط من الأشياء : ما تسقطه فلا تعتد به من الجند والقوم ونحوه . والسقاطات من الأشياء : ما يتهاون به من رذالة الطعام والثياب ونحوها . والسقط : رديء المتاع . والسقط : ما أسقط من الشيء . ومن أمثالهم : سقط العشاء به على سرحان ، يضرب مثلا للرجل يبغي البغية فيقع في أمر يهلكه . ويقال لخرثي المتاع : سقط . قال ابن سيده : وسقط البيت خرثيه لأنه ساقط عن رفيع المتاع ، والجمع أسقاط ، قال الليث : جمع سقط البيت أسقاط نحو الإبرة والفأس والقدر ونحوها . وأسقاط الناس : أوباشهم ; عن اللحياني . على المثل بذلك سقط الطعام ما لا خير فيه منه ، وقيل : هو ما يسقط منه . والسقط : ما تنوول بيعه من تابل ونحوه لأن ذلك ساقط القيمة ، وبائعه سقاط . والسقاط : الذي يبيع السقط من المتاع ، وفي حديث ابن عمر ، رضي الله عنهما : كان لا يمر بسقاط ولا صاحب بيعة إلا سلم عليه ; هو الذي يبيع سقط المتاع وهو رديئه وحقيره . والبيعة من البيع كالركبة والجلسة من الركوب والجلوس ، والسقط من البيع نحو السكر والتوابل ونحوهما ، وأنكر بعضهم تسميته سقاطا ، وقال : لا يقال : سقاط ، ولكن يقال : صاحب سقط ، والسقاطة ما سقط من الشيء ، وساقطه الحديث سقاطا سقط منك إليه ومنه إليك . وسقاط الحديث : أن يتحدث الواحد وينصت له الآخر فإذا سكت تحدث الساكت ; قال الفرزدق :


                                                          إذا هن ساقطن الحديث كأنه     جنى النحل أو أبكار كرم تقطف

                                                          سقط إلي قوم : نزلوا علي . وفي حديث النجاشي وأبي سمال : فأما أبو سمال فسقط إلى جيران له أي أتاهم فأعاذوه وستروه . وسقط الحر يسقط سقوطا : يكنى به عن النزول ; قال النابغة الجعدي :


                                                          إذا الوحش ضم الوحش في ظللاتها     سواقط من حر وقد كان أظهرا

                                                          سقط عنك الحر : أقلع ; عن ابن الأعرابي ، كأنه ضد السقط ; السقاط الخطأ في القول والحساب والكتاب أسقط سقط في كلامه وبكلامه سقوطا أخطأ وتكلم فما أسقط كلمة وما أسقط حرفا وما أسقط في كلمة وما سقط بها أي ما أخطأ فيها . ابن السكيت : يقال : تكلم بكلام فما سقط بحرف وما أسقط حرفا ، قال : وهو كما تقول دخلت به وأدخلته وخرجت به وأخرجته وعلوت به وأعليته وسؤت به ظنا وأسأت به الظن ، يثبتون الألف إذا جاء بالألف واللام . وفي حديث الإفك : فأسقطوا لها به يعني الجارية أي سبوها وقالوا لها من سقط الكلام وهو رديئه ، بسبب حديث الإفك . وتسقطه واستسقطه : طلب سقطه وعالجه على أن يسقط فيخطئ أو يكذب أو يبوح بما عنده ; قال جرير :


                                                          ولقد تسقطني الوشاة فصادفوا     حجئا بسرك يا أميم ضنينا

                                                          والسقطة : العثرة والزلة ، وكذلك السقاط ; قال سويد بن أبي كاهل :


                                                          كيف يرجون سقاطي بعدما     جلل الرأس مشيب وصلع ؟

                                                          قال ابن بري : ومثله ليزيد بن الجهم الهلالي :


                                                          رجوت سقاطي واعتلالي ونبوتي     وراءك عني طالقا وارحلي غدا

                                                          وفي حديث عمر ، رضي الله عنه : كتب إليه أبيات في صحيفة منها :


                                                          يعقلهن جعدة من سليم     معيدا يبتغي سقط العذارى

                                                          أي عثراتها وزلاتها . والعذارى : جمع عذراء ، ويقال : فلان قليل العثار ، ومثله : قليل السقاط ، وإذا لم يلحق الإنسان ملحق الكرام يقال : ساقط ; وأنشد بيت سويد بن أبي كاهل وأسقط فلان من الحساب إذا ألقى . وقد سقط من يدي وسقط في يد الرجل : زل وأخطأ ، وقيل : ندم ، قال الزجاج : يقال : للرجل النادم على ما فعل الحسر على ما فرط منه قد سقط في يده وأسقط ، وقال أبو عمرو : لا يقال : أسقط بالألف على ما لم يسم فاعله وفي التنزيل العزيز : ولما سقط في أيديهم ; قال الفارسي : ضربوا بأكفهم على أكفهم من الندم ، فإن صح ذلك فهو إذا من السقوط ، وقد قرئ : سقط في أيديهم ، كأنه أضمر الندم أي سقط الندم في أيديهم كما تقول لمن يحصل على شيء وإن كان مما لا يكون في اليد : قد حصل في يده من هذا مكروه ، فشبه ما يحصل في القلب وفي النفس بما يحصل في اليد ويرى بالعين . الفراء : في قوله تعالى : ولما سقط في أيديهم ; يقال : سقط في يده وأسقط من الندامة ، وسقط أكثر وأجود . وخبر فلان خبرا فسقط في يده وأسقط . قال الزجاج : يقال للرجل النادم على ما فعل الحسر على ما فرط منه : قد سقط في يده وأسقط ، قال أبو منصور : وإنما حسن قولهم سقط في يده ، بضم السين غير مسمى فاعله ، الصفة التي هي في يده ، قال : ومثله قول امرئ القيس :


                                                          فدع عنك نهبا صيح في حجراته     ولكن حديثا ما حديث الرواحل ؟

                                                          أي صاح المنتهب في حجراته وكذلك المراد سقط الندم في يده ; أنشد ابن الأعرابي :


                                                          ويوم تساقط لذاته     كنجم الثريا وأمطارها

                                                          أي تأتي لذاته شيئا بعد شيء ، أراد أنه كثير اللذات :


                                                          وخرق تحدث غيطانه     حديث العذارى بأسرارها

                                                          أراد أن بها أصوات الجن وأما قوله تعالى : ( وهزي إليك بجذع النخلة يساقط ) ; وقرئ تساقط تساقط فمن قرأه بالياء فهو الجذع [ ص: 209 ] ومن قرأه بالتاء فهو النخلة ، وانتصاب قوله : رطبا جنيا ; على التمييز المحول ، أراد يساقط رطب الجذع ، فلما حول الفعل إلى الجذع خرج الرطب مفسرا ; قال الأزهري : هذا قول الفراء ، قال : ولو قرأ قارئ تسقط عليك رطبا يذهب إلى النخلة ، أو قرأ يسقط عليك يذهب إلى الجذع ، كان صوابا . والسقط : الفضيحة . والساقطة والسقيط : الناقص العقل ; الأخيرة عن الزجاجي ، والأنثى سقيطة . والساقط والساقطة : اللئيم في حسبه ونفسه ، وقوم سقطى وسقاط ، وفي التهذيب : وجمعه السواقط ; وأنشد :


                                                          نحن الصميم وهم السواقط

                                                          ويقال للمرأة الدنيئة الحمقى : سقيطة ، ويقال : للرجل الدنيء : ساقط ماقط لاقط . والسقيط : الرجل الأحمق . وفي حديث أهل النار : ما لي لا يدخلني إلا ضعفاء الناس وسقطهم أي أراذلهم وأدوانهم . والساقط : المتأخر عن الرجال . وهذا الفعل مسقطة للإنسان من أعين الناس : وهو أن يأتي بما لا ينبغي . والسقاط في الفرس : استرخاء العدو . والسقاط في الفرس : أن لا يزال منكوبا ، وكذلك إذا جاء مسترخي المشي والعدو . ويقال للفرس : إنه ليساقط الشيء أي يجيء منه شيء بعد شيء ; وأنشد قوله :


                                                          بذي ميعة كأن أدنى سقاطه     وتقريبه الأعلى ذآليل ثعلب

                                                          ساقط الفرس العدو سقاطا إذا جاء مسترخيا . ويقال للفرس : إذا سبق الخيل قد ساقطها ومنه قوله :


                                                          ساقطها بنفس مريح     عطف المعلى صك بالمنيح
                                                          وهذ تقريبا مع التجليح

                                                          المنيح : الذي لا نصيب له . ويقال : جلح إذا انكشف له الشأن وغلب ; وقال يصف الثور :


                                                          كأنه سبط من الأسباط     بين حوامي هيدب سقاط

                                                          والسبط : الفرقة من الأسباط . بين حوامي هيدب وهدب أيضا أي نواحي شجر ملتف الهدب . وسقاط : جمع الساقط ، وهو المتدلي . والسواقط : الذين يردون اليمامة لامتيار التمر ، والسقاط : ما يحملونه من التمر . وسيف سقاط وراء الضريبة ، وذلك إذا قطعها ثم وصل إلى ما بعدها ; قال ابن الأعرابي : هو الذي يقد حتى يصل إلى الأرض بعد أن يقطع ; قال المتنخل الهذلي :


                                                          كلون الملح ضربته هبير     يتر العظم سقاط سراطي

                                                          وقد تقدم في سرط ، وصوابه يتر العظم . والسراطي : القاطع . والسقاط : السيف يسقط من وراء الضريبة يقطعها حتى يجوز إلى الأرض . وسقط السحاب : حيث يرى طرفه كأنه ساقط على الأرض في ناحية الأفق . وسقطا الخباء : ناحيتاه . وسقطا الطائر وسقاطاه ومسقطاه : جناحاه ، وقيل : سقطا جناحيه ما يجر منهما على الأرض . يقال : رفع الطائر سقطيه يعني جناحيه . والسقطان من الظليم : جناحاه ; وأما قول الراعي :


                                                          حتى إذا ما أضاء الصبح وانبعثت     عنه نعامة ذي سقطين معتكر

                                                          فإنه عنى بالنعامة سواد الليل ، وسقطاه : أوله وآخره ، وهو على الاستعارة ; يقول : إن الليل ذا السقطين مضى وصدق الصبح ; وقال الأزهري : أراد نعامة ليل ذي سقطين ، وسقاطا الليل : ناحيتا ظلامه ; وقال العجاج يصف فرسا :


                                                          جافي الأياديم بلا اختلاط     وبالدهاس ريث السقاط

                                                          قوله : ريث السقاط أي بطيء أي يعدو في الدهاس عدوا شديدا لا فتور فيه ، ويقال : الرجل فيه سقاط إذا فتر في أمره وونى . قال أبو تراب : سمعت أبا المقدام السلمي يقول : تسقطت الخبر وتبقطته إذا أخذته قليلا قليلا شيئا بعد شيء . وفي حديث أبي بكر ، رضي الله عنه : بهذه الأظرب السواقط أي صغار الجبال المنخفضة اللاطئة بالأرض . وفي حديث سعد ، رضي الله عنه : كان يساقط في ذلك عن رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، أي يرويه عنه في خلال كلامه كأنه يمزج حديثه بالحديث عن رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، وهو من أسقط الشيء إذا ألقاه ورمى به . وفي حديث أبي هريرة : أنه شرب من السقيط ; قال ابن الأثير : هكذا ذكره بعض المتأخرين في حرف السين ، وفسره بالفخار ، والمشهور فيه لغة ورواية الشين المعجمة ، وسيجيء ، فأما السقيط ، بالسين المهملة ، فهو الثلج والجليد .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية