الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      بسم الله الرحمن الرحيم كتاب الصوم باب مبدإ فرض الصيام

                                                                      2313 حدثنا أحمد بن محمد بن شبويه حدثني علي بن حسين بن واقد عن أبيه عن يزيد النحوي عن عكرمة عن ابن عباس يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم فكان الناس على عهد النبي صلى الله عليه وسلم إذا صلوا العتمة حرم عليهم الطعام والشراب والنساء وصاموا إلى القابلة فاختان رجل نفسه فجامع امرأته وقد صلى العشاء ولم يفطر فأراد الله عز وجل أن يجعل ذلك يسرا لمن بقي ورخصة ومنفعة فقال سبحانه علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم الآية وكان هذا مما نفع الله به الناس ورخص لهم ويسر [ ص: 341 ]

                                                                      التالي السابق


                                                                      [ ص: 341 ] أي هذا الباب في بيان ابتداء فرض الصيام .

                                                                      كتب عليكم : أي فرض الصيام : قال الحافظ في الفتح : الصوم والصيام في اللغة الإمساك ، وفي الشرع إمساك مخصوص في زمن مخصوص عن شيء مخصوص بشرائط مخصوصة . وقال صاحب المحكم : الصوم ترك الطعام والشراب والنكاح والكلام ، يقال صام صوما وصياما ، ورجل صائم وصوم وقال الراغب : الصوم في الأصل الإمساك عن الفعل ، ولذلك قيل للفرس الممسك عن السير صائم ، وفي الشرع إمساك المكلف بالنية عن تناول المطعم والمشرب والاستمناء والاستقاء من الفجر إلى المغرب انتهى .

                                                                      كما كتب : أي فرض . قال العيني : إنهم تكلموا في هذا التشبيه ، فقيل : إنه تشبيه في أصل الوجوب لا في قدر الواجب ، والتشبيه لا يقتضي التسوية من كل وجه ، كما في قوله - صلى الله عليه وسلم - إنكم سترون ربكم كما ترون القمر ليلة البدر وهذا تشبيه الرؤية بالرؤية لا تشبيه المرئي بالمرئي . وقيل : هذا التشبيه في الأصل والقدر والوقت جميعا ، وكان على الأولين صوم رمضان لكنهم زادوا في العدد ونقلوا من أيام الحر إلى أيام الاعتدال .

                                                                      وقال الطبري : وقال آخرون بل التشبيه إنما هو من أجل أن صومهم كان من العشاء [ ص: 342 ] الآخرة إلى العشاء الآخرة ، وكان ذلك فرض على المؤمنين في أول ما افترض عليهم الصوم ( العتمة ) : بفتح العين والتاء أي العشاء ( إلى القابلة ) : أي الليلة المستقبلة ( فاختان رجل نفسه ) : افتعال من الخيانة أي خان يعني ظلم ( فجامع امرأته ) : بيان للخيانة ( وقد صلى العشاء ) : الواو للحال ، أي بعد صلاة العشاء ( ولم يفطر ) : أي لم يأكل هذا الرجل شبعان ، ولم يتعش وإن كان أفطر وقت الإفطار ( ذلك ) : الحكم ( يسرا ) : بعد العسر ( ورخصة ومنفعة ) : فأباح الجماع والطعام والشراب في جميع الليل ( فقال ) : الله عز وجل تختانون أنفسكم : يعني تجامعون النساء وتأكلون وتشربون في الوقت الذي كان حراما عليكم . ذكره الطبري .

                                                                      وفي تفسير ابن أبي حاتم عن مجاهد تختانون أنفسكم قال تظلمون أنفسكم . قاله العيني ( وكان هذا ) : أي قوله تعالى : علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم إلى قوله وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ( ويسر ) : للناس . قال المنذري : في إسناده علي بن حسين بن واقد وهو ضعيف .




                                                                      الخدمات العلمية