الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ بذر ]

                                                          بذر : البذر والبذر : أول ما يخرج من الزرع والبقل والنبات لا يزال ذلك اسمه ما دام على ورقتين ، وقيل : هو ما عزل من الحبوب للزرع والزراعة ، وقيل : البذر جميع النبات إذا طلع من الأرض فنجم ، وقيل : هو أن يتلون بلون أو تعرف وجوهه ، والجمع بذور وبذار . والبذر : مصدر بذرت ، وهو على معنى قولك نثرت الحب . وبذرت البذر : زرعته . وبذرت الأرض تبذر بذرا : خرج بذرها ; وقال الأصمعي : هو أن يظهر نبتها متفرقا . وبذرها بذرا وبذرها ، كلاهما ، زرعها . والبذر والبذارة : النسل . ويقال : إن هؤلاء لبذر سوء . وبذر الشيء بذرا : فرقه . وبذر الله الخلق بذرا : بثهم وفرقهم . وتفرق القوم شذر بذر وشذر بذر أي في كل وجه ، وتفرقت إبله كذلك ; وبذر : إتباع . وبذرى ، فعلى : من ذلك : وقيل : من البذر الذي هو الزرع وهو راجع إلى التفريق . والبذرى : الباطل ; عن السيرافي . وبذر ماله : أفسده وأنفقه في السرف . وكل ما فرقته وأفسدته ، فقد بذرته . وفيه بذارة ، مشددة الراء ، وبذارة ، مخففة الراء ، أي تبذير ; كلاهما عن اللحياني . وتبذير المال : تفريقه إسرافا . ورجل تبذارة : للذي يبذر ماله ويفسده . والتبذير : إفساد المال وإنفاقه في السرف . قال الله عز وجل : ولا تبذر تبذيرا . وقيل : التبذير أن ينفق المال في المعاصي ، وقيل : هو أن يبسط يده في إنفاقه حتى لا يبقى منه ما يقتاته ، واعتباره بقوله تعالى : ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسورا . أبو عمرو : البيذرة التبذير . والنبذرة ، بالنون والباء : تفريق المال في غير حقه . وفي حديث وقف عمر - رضي الله عنه : ولوليه أن يأكل منه غير مباذر ; المباذر والمبذر : المسرف في النفقة ; باذر وبذر مباذرة وتبذيرا ; وقول المتنخل يصف سحابا :


                                                          مستبذرا يرغب قدامه يرمي بعم السمر الأطول



                                                          فسره السكري فقال : مستبذر يفرق الماء . والبذير من الناس : الذي لا يستطيع أن يمسك سره . ورجل بيذارة : يبذر ماله . وبذور وبذير : يذيع الأسرار ولا يكتم سرا ، والجمع بذر مثل صبور وصبر . وفي حديث فاطمة عند وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم - قالت لعائشة : إني إذا لبذرة ; البذر : الذي يفشي السر ويظهر ما يسمعه ، وقد بذر بذارة . وفي الحديث : ليسوا بالمساييح البذر . وفي حديث علي - كرم الله وجهه - في صفة الأولياء : ليسوا بالمذاييع البذر ; جمع بذور . يقال : بذرت الكلام بين الناس كما تبذر الحبوب أي أفشيته وفرقته . وبذارة الطعام : نزله وريعه ; عن اللحياني . ويقال : طعام كثير البذارة أي كثير النزل . وهو طعام بذر أي نزل ; قال :


                                                          ومن العطية ما ترى     جذماء ، ليس لها بذاره



                                                          الأصمعي : تبذر الماء إذا تغير واصفر ; وأنشد لابن مقبل :


                                                          قلبا مبلية جوائز عرشها     تنفي الدلاء بآجن متبذر



                                                          قال : المتبذر المتغير الأصفر . ولو بذرت فلانا لوجدته رجلا أي لو جربته ; هذه عن أبي حنيفة . وكثير بثير وبذير : إتباع ; قال الفراء : كثير بذير مثل بثير لغة أو لغية . ورجل هذرة بذرة وهيذارة بيذارة : كثير الكلام . وبذر : موضع ، وقيل : ماء معروف . قال كثير عزة :


                                                          سقى الله أمواها عرفت مكانها :     جرابا وملكوما وبذر والغمرا



                                                          وهذه كلها آبار بمكة ; قال ابن بري : هذه كلها أسماء مياه بدليل إبدالها من قوله : أمواها ، ودعا بالسقيا للأمواه ، وهو يريد أهلها النازلين بها اتساعا ومجازا . ولم يجئ من الأسماء على فعل إلا بذر ، وعثر اسم موضع ، وخضم اسم العنبر بن تميم ، وشلم اسم بيت المقدس ، وهو عبراني ، وبقم وهو اسم أعجمي ، وهي شجرة [ ص: 45 ] وكتم اسم موضع أيضا ; قال الأزهري : ومثل بذر خضم وعثر وبقم شجرة ، قال : ولا مثل لها في كلامهم .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية