الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ سلم ]

                                                          سلم : السلام والسلامة : البراءة . وتسلم منه : تبرأ . وقال ابن [ ص: 241 ] الأعرابي : السلامة العافية ، والسلامة شجرة . وقوله تعالى : وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما معناه تسلما وبراءة لا خير بيننا وبينكم ولا شر ، وليس السلام المستعمل في التحية لأن الآية مكية ولم يؤمر المسلمون يومئذ أن يسلموا على المشركين ; هذا كله قول سيبويه وزعم أن أبا ربيعة كان يقول : إذا لقيت فلانا فقل سلاما أي تسلما ، قال : ومنهم من يقول : سلام أي أمري وأمرك المبارأة والمتاركة . قال ابن عرفة : قالوا سلاما أي قالوا قولا يتسلمون فيه ليس فيه تعد ولا مأثم ، وكانت العرب في الجاهلية يحيون بأن يقول أحدهم لصاحبه : أنعم صباحا ، وأبيت اللعن ، ويقولون : سلام عليكم ، فكأنه علامة المسالمة وأنه لا حرب هنالك ، ثم جاء الله بالإسلام فقصروا على السلام وأمروا بإفشائه ; قال أبو منصور : نتسلم منكم سلاما ولا نجاهلكم ، وقيل : قالوا سلاما أي سدادا من القول وقصدا لا لغو فيه . وقوله : قالوا سلاما ; قال : أي سلموا سلاما ، وقال : سلام أي أمري سلام لا أريد غير السلامة وقرئت الأخيرة : قال سلم ، قال الفراء : وسلم وسلام واحد ; وقال الزجاج : الأول منصوب على سلموا سلاما ، والثاني مرفوع على معنى أمري سلام . وقوله عز وجل : سلام هي حتى مطلع الفجر أي لا داء فيها ولا يستطيع الشيطان أن يصنع فيها شيئا ، وقد يجوز أن يكون السلام جمع سلامة . والسلام التحية ; قال ابن قتيبة : يجوز أن يكون السلام السلامة لغتين كاللذاذ واللذاذة ; وأنشد :


                                                          تحيي بالسلامة أم بكر وهل لك بعد قومك من سلام ؟

                                                          قال : ويجوز أن يكون السلام جمع سلامة ; وقال أبو الهيثم : السلام والتحية معناهما واحد ، ومعناهما السلامة من جميع الآفات . الجوهري : والسلم ، بالكسر ، السلام ; وقال :


                                                          وقفنا فقلنا إيه سلم ؛ فسلمت     فما كان إلا ومؤها بالحواجب

                                                          قال ابن بري : والذي رواه القناني :


                                                          فقلنا السلام فاتقت من أسيرها     وما كان إلا ومؤها بالحواجب

                                                          وفي حديث التسليم : قل السلام عليك فإن عليك السلام تحية الموتى ; قال : هذه إشارة إلى ما جرت به عادتهم في المراثي ، كانوا يقدمون ضمير الميت على الدعاء له كقوله :


                                                          عليك سلام من أمير وباركت     يد الله في ذاك الأديم الممزق

                                                          وكقول الآخر :


                                                          عليك سلام الله قيس بن عاصم     ورحمته ما شاء أن يترحما

                                                          قال : وإنما فعلوا ذلك لأن المسلم على القوم يتوقع الجواب وأن يقال له عليك السلام ، فلما كان الميت لا يتوقع منه جواب جعلوا السلام عليه كالجواب ، وقيل : أراد بالموتى كفار الجاهلية ، وهذا في الدعاء بالخير والمدح ، وأما الشر والذم فيقدم الضمير كقوله تعالى : وإن عليك لعنتي ; وكقوله : عليهم دائرة السوء والسنة لا تختلف في تحية الأموات والأحياء ، ويشهد له الحديث الصحيح : أنه كان إذا دخل القبور قال : سلام عليكم دار قوم مؤمنين . والتسليم : مشتق من السلام اسم الله تعالى لسلامته من العيب والنقص ، وقيل : معناه أن الله مطلع عليكم فلا تغفلوا ، وقيل : معناه اسم السلام عليك ، إذ كان اسم الله تعالى يذكر على الأعمال توقعا لاجتماع معاني الخيرات فيه ، وانتفاء عوارض الفساد عنه ، وقيل : معناه سلمت مني فاجعلني أسلم منك من السلامة بمعنى السلام . ويقال : السلام عليكم ، وسلام عليكم ، وسلام ، بحذف عليكم ، ولم يرد في القرآن غالبا إلا منكرا كقوله تعالى : سلام عليكم بما صبرتم ; فأما في تشهد الصلاة فيقال فيه معرفا ومنكرا ، والظاهر الأكثر من مذهب الشافعي أنه اختار التنكير ، قال : وأما في السلام الذي يخرج به من الصلاة فروى الربيع عنه أنه قال : لا يكفيه إلا معرفا ، فإنه قال : أقل ما يكفيه أن يقول : السلام عليكم ، فإن نقص من هذا حرفا عاد فسلم ، ووجهه أن يكون أراد بالسلام اسم الله ، فلم يجز حذف الألف واللام منه ، وكانوا يستحسنون أن يقولوا في الأول سلام عليكم وفي الآخر السلام عليكم ، وتكون الألف واللام للعهد ، يعني السلام الأول . وفي حديث عمران بن حصين : كان يسلم علي حتى اكتويت ، يعني أن الملائكة كانت تسلم عليه فلما اكتوى بسبب مرضه تركوا السلام عليه ، لأن الكي يقدح في التوكل والتسليم إلى الله والصبر على ما يبتلى به العبد وطلب الشفاء من عنده ، وليس ذلك قادحا في جواز الكي ، ولكنه قادح في التوكل ، وهي درجة عالية وراء مباشرة الأسباب . والسلام : السلامة . والسلام : الله عز وجل ، اسم من أسمائه لسلامته من النقص والعيب والفناء ; حكاه ابن قتيبة ، وقيل : معناه أنه سلم مما يلحق الغير من آفات الغير والفناء ، وأنه الباقي الدائم الذي تفنى الخلق ولا يفنى ، وهو على كل شيء قدير . والسلام في الأصل : السلامة ; يقال : سلم يسلم سلاما وسلامة ، ومنه قيل للجنة : دار السلام لأنها دار السلامة من الآفات . وروى يحيى بن جابر أن أبا بكر قال : السلام أمان الله في الأرض . وقوله تعالى : لهم دار السلام عند ربهم ; قال بعضهم : السلام هاهنا الله ودليله : السلام المؤمن المهيمن ; قال الزجاج : سميت دار السلام لأنها دار السلامة الدائمة التي لا تنقطع ولا تفنى ، وهي دار السلامة من الموت والهرم والأسقام ، وقال أبو إسحاق : أي للمؤمنين دار السلام ، وقال : دار السلام الجنة لأنها دار الله عز وجل فأضيفت إليه تفخيما لها كما قيل للخليفة عبد الله ; وقد سلم عليه . وتقول : سلم فلان من الآفات سلامة سلمه الله منها . وفي الحديث : ثلاثة كلهم ضامن على الله أحدهم من يدخل بيته بسلام ; وقال ابن الأثير : أراد أن يلزم بيته طالبا للسلامة من الفتن ورغبة في العزلة ، وقيل : أراد أنه إذا دخل سلم ، قال : والأول الوجه . وسلم من الأمر سلامة : نجا . وقوله عز وجل : والسلام على من اتبع الهدى ; ; معناه أن من اتبع هدى الله سلم من [ ص: 242 ] عذابه وسخطه ، والدليل على أنه ليس بسلام أنه ليس ابتداء لقاء وخطاب . والسلام : الاسم من التسليم . وقوله تعالى : فقل سلام عليكم كتب ربكم على نفسه الرحمة الآية ; ذكر محمد بن يزيد أن السلام في لغة العرب أربعة أشياء : فمنها سلمت سلاما مصدر سلمت ، ومنها السلام جمع سلامة ، ومنها السلام اسم من أسماء الله تعالى ، ومنها السلام شجر ; ومعنى السلام الذي هو مصدر سلمت أنه دعاء للإنسان بأن يسلم من الآفات في دينه ونفسه ، وتأويله التخليص ، قال : وتأويل السلام اسم الله أنه ذو السلام الذي يملك السلام أي يخلص من المكروه . ابن الأعرابي : السلام الله ، والسلام السلامة ، والسلامة الدعاء . ودار السلام : دار الله عز وجل . والسالم في العروض : كل جزء يجوز فيه الزحاف فيسلم منه كسلامة الجزء من القبض والكف وما أشبهه . ورجل سليم : سالم ، والجمع سلماء . وقوله تعالى : إلا من أتى الله بقلب سليم ; أي سليم من الكفر وقال أبو إسحاق في قوله عز وجل : ورجلا سلما لرجل : وقرئ ورجلا سالما لرجل ، فمن قرأ سالما فهو اسم الفاعل على سلم فهو سالم ، ومن قرأ سلما وسلما فهما مصدران وصف بهما على معنى ورجلا ذا سلم لرجل وذا سلم لرجل ، والمعنى أن من وحد الله مثله مثل السالم لرجل لا يشركه فيه غيره ، ومثل الذي أشرك الله مثل صاحب الشركاء المتشاكسين . والسلام : البراءة من العيوب في قول أمية ، وقرئ : ورجلا سلما ; قال ابن بري يعني قول أمية :


                                                          سلامك ربنا في كل فجر     بريئا ما تعنتك الذموم

                                                          الذموم : العيوب أي ما تلزق بك ولا تنتسب إليك . سلمه الله من الأمر : وقاه إياه . ابن بزرج : يقال كنت راعي إبل فأسلمت عنها أي تركتها . وكل صنيعة أو شيء تركته وقد كنت فيه فقد أسلمت عنه . وقال ابن السكيت : لا بذي تسلم ما كان كذا وكذا ، وللاثنين : لا بذي تسلمان ; وللجماعة : لا بذي تسلمون ، وللمؤنث : لا بذي تسلمين ، وللجماعة : لا بذي تسلمن ، والتأويل : لا والله الذي يسلمك ما كان كذا وكذا . ويقال : لا وسلامتك ما كان كذا وكذا . ويقال : اذهب بذي تسلم يا فتى ، واذهبا بذي تسلمان ، أي اذهب بسلامتك ; قال الأخفش : وقوله ذي مضاف إلى تسلم ; وكذلك قول الأعشى :


                                                          بآية يقدمون الخيل زورا     كأن على سنابكها مداما

                                                          أضاف آية إلى يقدمون ، وهما نادران ، لأنه ليس شيء من الأسماء يضاف إلى الفعل غير أسماء الزمان كقولك هذا يوم يفعل أي يفعل فيه ، وحكى سيبويه : لا أفعل ذلك بذي تسلم ، قال : أضيف فيه ذو إلى الفعل ، وكذلك بذي تسلمان وبذي تسلمون ، والمعنى لا أفعل ذلك بذي سلامتك ، وذو هنا الأمر الذي يسلمك ، ولا يضاف ذو إلا إلى تسلم ، كما أن لدن لا تنصب إلا غدوة . وأسلم إليه الشيء : دفعه . وأسلم الرجل : خذله . وقوله تعالى : فسلام لك من أصحاب اليمين ; ; قال : إنما وقعت سلامتهم من أجلك ، وقال الزجاج : فسلام لك من أصحاب اليمين وقد بين ما لأصحاب اليمين في أول السورة ، ومعنى فسلام لك أي أنك ترى فيهم ما تحب من السلامة وقد علمت ما أعد لهم من الجزاء . والسلم : لدغ الحية . والسليم : اللديغ ، فعيل من السلم ، والجمع سلمى ، وقد قيل : هو من السلامة ، وإنما ذلك على التفاؤل له بها خلافا لما يحذر عليه منه ، والملدوغ مسلوم وسليم . ورجل سليم : بمعنى سالم ، وإنما سمي اللديغ سليما لأنهم تطيروا من اللديغ فقلبوا المعنى ، كما قالوا للحبشي أبو البيضاء ، وكما قالوا للفلاة مفازة ، تفاءلوا بالفوز وهي مهلكة ، فتفاءلوا له بالسلامة ، وقيل : إنما سمي اللديغ سليما لأنه مسلم لما به أو أسلم لما به ; عن ابن الأعرابي ; قال الأزهري : قال الليث السلم اللدغ ، قال : وهو من غدده وما قاله غيره . وقول ابن الأعرابي : سليم بمعنى مسلم ، كما قالوا منقع ونقيع وموتم ويتيم ومسخن وسخين ، وقد يستعار السليم للجريح ; أنشد ابن الأعرابي :


                                                          وطيري بمخراق أشم كأنه     سليم رماح لم تنله الزعانف

                                                          وقيل : السليم الجريح المشفي على الهلكة ; أنشد ابن الأعرابي :


                                                          يشكو إذا شد له حزامه     شكوى سليم ذربت كلامه

                                                          قال : وقد يكون السليم هنا اللديغ ، وسمى موضع نهش الحية منه كلما ، على الاستعارة . وفي الحديث : أنهم مروا بماء فيه سليم فقالوا : هل فيكم من راق ؟ السليم : اللديغ . يقال : سلمته الحية أي لدغته . والسلم والسلم : الصلح ، يفتح ويكسر ويذكر ويؤنث ; فأما قول الأعشى :


                                                          أذاقتهم الحرب أنفاسها     وقد تكره الحرب بعد السلم

                                                          قال ابن سيده : إنما هذا على أنه وقف فألقى حركة الميم على اللام ، وقد يجوز أن يكون أتبع الكسر الكسر ، ولا يكون من باب إبل عند سيبويه ، لأنه لم يأت منه عنده غير إبل . والسلم والسلام : كالسلم ; وقد سالمه مسالمة وسلاما ; قال أبو كبير الهذلي :


                                                          هاجوا لقومهم السلام كأنهم     لما أصيبوا أهل دين محتر

                                                          والسلم : المسالم . تقول أنا سلم لمن سالمني . وقوم سلم وسلم : مسالمون ، وكذلك امرأة سلم وسلم . وتسالموا : تصالحوا . وفلان كذاب لا تساير خيلاه فلا تسالم خيلاه أي لا يصدق فيقبل منه ، والخيل إذا تسالمت تسايرت لا يهيج بعضها بعضا ; وقال رجل من محارب :


                                                          ولا تساير خيلاه إذا التقيا     ولا يقدع عن باب إذا وردا

                                                          ويقال : لا يصدق أثره يكذب من أين جاز . وقال الفراء : فلان لا يرد عن باب ولا يعوج عنه . والسلم : الاستسلام . والتسالم . التصالح . والمسالمة : المصالحة . وفي حديث الحديبية : أنه أخذ ثمانين من أهل مكة سلما ; قال ابن الأثير : يروى بكسر السين وفتحها ، وهما لغتان [ ص: 243 ] للصلح ، وهو المراد في الحديث على ما فسره الحميدي في غريبه ; وقال الخطابي : إنه السلم ، بفتح السين واللام ، يريد الاستسلام والإذعان كقوله تعالى : وألقوا إليكم السلم ; أي الانقياد ، وهو مصدر يقع على الواحد والاثنين والجمع ; قال : وهذا هو الأشبه بالقضية ، فإنهم لم يؤخذوا عن صلح ، وإنما أخذوا قهرا أسلموا أنفسهم عجزا ، وللأول وجه ، وذلك أنهم لم يجر معهم حرب ، إنما لما عجزوا عن دفعهم أو النجاة منهم رضوا أن يؤخذوا أسرى ولا يقتلوا ، فكأنهم قد صولحوا على ذلك ، فسمي الانقياد صلحا ، وهو السلم ; ومنه كتابه بين قريش والأنصار : إن سلم المؤمنين واحد لا يسالم مؤمن دون مؤمن أي لا يصالح واحد دون أصحابه ، وإنما يقع الصلح بينهم وبين عدوهم باجتماع ملئهم على ذلك ; قال : ومن الأول حديث أبي قتادة : لآتينك برجل سلم أي أسير لأنه استسلم وانقاد استسلم أي انقاد ومنه الحديث : أسلم سالمها الله ، وهو من المسالمة وترك الحرب ويحتمل أن يكون دعاء وإخبارا إما دعاء لها أن يسالمها الله ولا يأمر بحربها ، أو أخبر أن الله قد سالمها ومنع من حربها ، والسلام : الاستسلام ، وحكي السلم والسلم الاستسلام وضد الحرب أيضا ; قال :


                                                          أنائل إنني سلم     لأهلك فاقبلي سلمي

                                                          وفي التنزيل العزيز : ورجلا سلما لرجل وقلب سليم أي سالم ، والإسلام والاستسلام : الانقياد . والإسلام من الشريعة : إظهار الخضوع وإظهار الشريعة والتزام ما أتى به النبي ، صلى الله عليه وسلم ، وبذلك يحقن الدم ويستدفع المكروه ، وما أحسن ما اختصر ثعلب ذلك فقال : الإسلام باللسان والإيمان بالقلب . التهذيب : وأما الإسلام فإن أبا بكر محمد بن بشار ، قال : يقال : فلان مسلم وفيه قولان أحدهما هو المستسلم لأمر الله ، والثاني هو المخلص لله العبادة من قولهم سلم الشيء لفلان أي خلصه ، سلم له الشيء أي خلص له . وروي عن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، أنه قال : المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده ; قال الأزهري : فمعناه أنه دخل في باب السلامة حتى يسلم المؤمنون من بوائقه . وفي الحديث : المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه . قال ابن الأثير : يقال : أسلم فلان فلانا إذا ألقاه في الهلكة ولم يحمه من عدوه ، وهو عام في كل من أسلم إلى شيء ، لكن دخله التخصيص وغلب عليه الإلقاء في الهلكة ; ومنه الحديث : إني وهبت لخالتي غلاما فقلت لها لا تسلميه حجاما ولا صائغا ولا قصابا ، أي لا تعطيه لمن يعلمه إحدى هذه الصنائع ; قال ابن الأثير : إنما كره الحجام والقصاب لأجل النجاسة التي يباشرانها مع تعذر الاحتراز ، وأما الصائغ فيما يدخل صنعته من الغش ، ولأنه يصوغ الذهب والفضة وربما كان عنده آنية أو حلي للرجال ، وهو حرام ، ولكثرة الوعد والكذب في نجاز ما يستعمل عنده ، وفي الحديث : ما من آدمي إلا ومعه شيطان ، قيل : ومعك ؟ قال : نعم ، ولكن الله أعانني عليه فأسلم ، وفي رواية : حتى أسلم أي انقاد وكف عن وسوستي ، وقيل : دخل في الإسلام فسلمت من شره ، وقيل : إنما هو فأسلم ، بضم الميم ، على أنه فعل مستقبل أي أسلم أنا منه ومن شره ، ويشهد للأول الحديث الآخر : كان شيطان آدم كافرا وشيطاني مسلما . وأما قوله تعالى : قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ; قال الأزهري : فإن هذا يحتاج الناس إلى تفهمه ليعلموا أين ينفصل المؤمن من المسلم وأين يستويان ، فالإسلام إظهار الخضوع والقبول لما أتى به سيدنا رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، وبه يحقن الدم ، فإن كان مع ذلك الإظهار اعتقاد وتصديق بالقلب فذلك الإيمان الذي هذه صفته ، فأما من أظهر قبول الشريعة استسلم لدفع المكروه فهو في الظاهر مسلم وباطنه غير مصدق ، فذلك الذي يقول : أسلمت ، لأن الإيمان لا بد من أن يكون صاحبه صديقا لأن الإيمان التصديق ، فالمؤمن مبطن من التصديق مثل ما يظهر ، والمسلم التام الإسلام مظهر للطاعة مؤمن بها ، والمسلم الذي أظهر الإسلام تعوذا غير مؤمن في الحقيقة إلا أن حكمه في الظاهر حكم المسلم ، قال : وإنما قلت إن المؤمن معناه المصدق لأن الإيمان مأخوذ من الأمانة لأن الله تعالى تولى علم السرائر وثبات العقد وجعل ذلك أمانة ائتمن كل مسلم على تلك الأمانة ، فمن صدق بقلبه ما أظهره لسانه فقد أدى الأمانة واستوجب كريم المآب إذا مات عليه ، ومن كان قلبه على خلاف ما أظهر بلسانه فقد حمل وزر الخيانة والله حسبه ، وإنما قيل للمصدق : مؤمن وقد آمن لأنه دخل في حد الأمانة التي ائتمنه الله عليها ، وبالنية تنفصل الأعمال الزاكية من الأعمال البائرة ، ألا ترى أن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، جعل الصلاة إيمانا والوضوء إيمانا ؟ وفي حديث ابن مسعود : أنا أول من أسلم ، يعني من قومه ، كقوله تعالى عن موسى : وأنا أول المؤمنين ; يعني مؤمني زمانه ، فإن ابن مسعود لم يكن أول من أسلم وإن كان من السابقين . وفي الحديث : كان يقول : إذا دخل شهر رمضان : اللهم سلمني من رمضان وسلم رمضان لي وسلمه مني ; قوله : سلمني منه أي لا يصيبني فيه ما يحول بيني وبين صومه من مرض أو غيره ، قال : وقوله وسلمه لي هو أن لا يغم الهلال في أوله وآخره فيلتبس عليه الصوم والفطر ، وقوله سلمه مني أي بالعصمة من المعاصي فيه . وفي حديث الإفك : وكان علي مسلما في شأنها أي سالما لم يبد بشيء " منها ، ويروى مسلما ، بكسر اللام ، قال : والفتح أشبه لأنه لم يقل فيها سوءا ، وقوله تعالى : يحكم بها النبيون الذين أسلموا ; فسره ثعلب فقال : كل نبي بعث بالإسلام غير أن الشرائع تختلف ، وقوله عز وجل : واجعلنا مسلمين لك ; أراد مخلصين لك فعداه باللام إذا كان في معناه . وكان فلان كافرا ثم تسلم أي أسلم ، وكان كافرا ثم هو اليوم مسلمة يا هذا . وقوله عز وجل : ادخلوا في السلم كافة ; قال : عنى به الإسلام وشرائعه كلها ; وقرأ أبو عمرو : ادخلوا في السلم كافة ، يذهب بمعناها إلى الإسلام . والسلم : الإسلام . قال الأحوص :


                                                          فذادوا عدو السلم عن عقر دارهم     وأرسوا عمود الدين بعد التمايل

                                                          ومثله قول امرئ القيس بن عابس :

                                                          [ ص: 244 ]

                                                          فلست مبدلا بالله ربا     ولا مستبدلا بالسلم دينا

                                                          ومثله قول أخي كندة :


                                                          دعوت عشيرتي للسلم لما     رأيتهم تولوا مدبرينا

                                                          والسلم : الإسلام . والسلم : الاستخذاء والانقياد والاستسلام . وقوله تعالى : ( ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلم لست مؤمنا ) ; وقرئت : السلام ، بالألف ، فأما السلام فيجوز أن يكون من التسليم ويجوز أن يكون بمعنى السلم ، وهو الاستسلام وإلقاء المقادة إلى إرادة المسلمين ، وأخذه سلما أسره من غير حرب ، وحكى ابن الأعرابي : أخذه سلما أي جاء به منقادا لم يمتنع ، وإن كان جريحا . وتسلمه مني : قبضه سلمت إليه الشيء فتسلمه أي أخذه . والتسليم : بذل الرضا بالحكم ، والتسليم : السلام ، والسلم ، بالتحريك ، السلف ، وأسلم في الشيء : سلم وأسلف بمعنى واحد ، والاسم السلم ، وكان راعي غنم ثم أسلم أي تركها ، كذا جاء ، أسلم هنا غير متعد . وفي حديث خزيمة : من تسلم في شيء فلا يصرفه إلى غيره . يقال : أسلم وسلم إذا أسلف وهو أن تعطي ذهبا وفضة في سلعة معلومة ، إلى أمد معلوم ; فكأنك قد أسلمت الثمن إلى صاحب السلعة وسلمته إليه ، ومعنى الحديث أن يسلف مثلا في بر فيعطيه المستلف غيره من جنس آخر ، فلا يجوز له أن يأخذه ; وقال القتيبي : لم أسمع تفعل من السلم إذا دفع إلا في هذا ، وفي حديث ابن عمر : كان يكره أن يقال : السلم بمعنى السلف ، ويقول : الإسلام لله عز وجل ، كأنه ضن بالاسم الذي هو موضع الطاعة والانقياد لله عز وجل عن أن يسمى به غيره وأن يستعمل في غير طاعة ويذهب به إلى معنى السلف ; قال ابن الأثير : وهذا من الإخلاص باب لطيف المسلك ، الجوهري : أسلم الرجل في الطعام أي أسلف فيه ، وأسلم أمره لله أي سلم ، وأسلم أي دخل في السلم ، وهو الاستسلام ، وأسلم من الإسلام وأسلمه أي خذله ، والسلم الدلو التي لها عروة واحدة مذكر ، نحو دلو السقائين ; قال ابن بري : صوابه لها عرقوة واحدة كدلو السقائين ، وليس ثم دلو لها عروة واحدة ، والجمع أسلم وسلام ; قال كثير عزة :


                                                          تكفكف أعدادا من الدمع ركبت     سوانيها ثم اندفعن بأسلم

                                                          وأنشد ثعلب في صفة إبل سقيت :


                                                          قابلة ما جاء في سلامها     برشف الذناب والتهامها

                                                          وقال الطرماح :


                                                          أخو قنص يهفو كأن سراته     ورجليه سلم بين حبلي مشاطن

                                                          وفي التهذيب : له عروة واحدة يمشي بها الساقي مثل دلاء أصحاب الروايا ، وحكى اللحياني في جمعها أسالم ; قال ابن سيده : وهذا نادر . وسلم الدلو يسلمها سلما : فرغ من عملها وأحكمها ; قال لبيد :


                                                          بمقابل سرب المخارز عدله     قلق المحالة جارن مسلوم

                                                          والمسلوم من الدلاء : الذي قد فرغ من عمله . ويقال : سلمته أسلمه فهو مسلوم . وسلمت الجلد أسلمه ، بالكسر ، إذا دبغته بالسلم . والسلم : نوع من العضاه . وقال أبو حنيفة : السلم سلب العيدان طولا ، شبه القضبان ، وليس له خشب وإن عظم ، وله شوك دقاق طوال حاد إذا أصاب رجل الإنسان ; قال : وللسلم برمة صفراء فيها حبة خضراء طيبة الريح ، وفيها شيء من مرارة وتجد بها الظباء وجدا شديدا ، واحدته سلمة ، بفتح اللام ، وقد يجمع السلم على أسلام ; قال رؤبة :


                                                          كأنما هيج حين أطلقا     من ذات أسلام عصيا شققا

                                                          وفي حديث جرير : بين سلم وأراك ; السلم : شجر من العضاه وورقها القرظ الذي يدبغ به الأديم ، وبه سمي الرجل سلمة ، ويجمع على سلمات . وفي حديث ابن عمر : أنه كان يصلي عند سلمات في طريق مكة ; قال : ويجوز أن يكون بكسر اللام جمع سلمة وهي الحجر ، أبو عمرو : السلام ضرب من الشجر ، الواحدة سلامة ، والسلام والسلام أيضا : شجر ; قال بشر :


                                                          تعرض جأبة المدرى خذول     بصاحة في أسرتها السلام

                                                          وواحدته سلامة . وأرض مسلوماء : كثيرة السلم . وأديم مسلوم : مدبوغ بالسلم . والجلد المسلوم : المدبوغ بالسلم . شمر : السلمة شجرة ذات شوك ، يدبغ بورقها وقشرها ويسمى ورقها القرظ لها زهرة صفراء فيها حبة خضراء طيبة الريح تؤكل في الشتاء وهي في الصيف تخضر ; وقال :


                                                          كلي سلم الجرداء في كل صيفة     فإن سألوني عنك كل غريم
                                                          إذا ما نجا منها غريم بخيبة     أتى معك بالدين غير سئوم

                                                          الجرداء بلد دون الفلج ببلاد بني جعدة ، وإذا دبغ الأديم بورق السلم فهو مقروظ ، وإذا دبغ بقشر السلم فهو مسلوم ; وقال :


                                                          إنك لن ترويها فاذهب ونم     إن لها ريا كمعصال السلم

                                                          السلام : شجر ; قال أبو حنيفة : زعموا أن السلام أبدا أخضر لا يأكله شيء والظباء تلزمه تستظل به ولا تستكن فيه ، وليس من عظام الشجر ولا عضاهها ; قال الطرماح يصف ظبية :


                                                          حذرا والسرب أكنافها     مستظل في أصول السلام

                                                          واحدته سلامة . ابن بري : السلم شجر ، وجمعه سلام ; وروي بيت بشر :

                                                          [ ص: 245 ]

                                                          بصاحة في أسرتها السلام

                                                          قال : من رواه السلام ، بالكسر ، فهو جمع سلمة كأكمة وإكام ، ومن رواه السلام ، بفتح السين ، فهو جمع سلامة ، وهو نبت آخر غير السلمة ; وأنشد بيت الطرماح قال : وقال امرؤ القيس :


                                                          حور يعللن العبير روادعا     كمها الشقائق أو ظباء سلام

                                                          والسلامان : شجر سهلي واحدته سلامانة ، ابن دريد : سلامان ضرب من الشجر ، والسلام والسلم : الحجارة واحدتها سلمة ، وقال ابن شميل : السلام جماعة الحجارة الصغير منها والكبير لا يوحدونها ، وقال أبو خيرة : السلام اسم جمع ، وقال غيره : هو اسم لكل حجر عريض ، وقال : سليمة وسليم مثل سلام ; قال رؤبة :


                                                          سالمه فوقك السليما

                                                          التهذيب : ومن السلام الشجر فهو شجر عظيم ; قال : أحسبه سمي سلاما لسلامته من الآفات . والسلام ، بكسر السين : الحجارة الصلبة ، سميت بهذا سلاما لسلامتها من الرخاوة ; قال الشاعر :


                                                          تداعين باسم الشيب في متثلم     جوانبه من بصرة وسلام

                                                          والواحدة سلمة ; قال لبيد :


                                                          خلقا كما ضمن الوحي سلامها

                                                          والسلمة : واحدة السلم ، وهي الحجارة ; قال : وأنشد أبو عبيد في السلمة :


                                                          ذاك خليلي وذو يعاتبني     يرمي ورائي بامسهم وامسلمه

                                                          أراد والسلمة ، وهي من لغات حمير ; قال ابن بري : هو لبجير بن عنمة الطائي ; قال : وصوابه :


                                                          وإن مولاي ذو يعاتبني     لا إحنة عنده ولا جرمه
                                                          ينصرني منك غير معتذر     يرمي ورائي بامسهم وامسلمه

                                                          واستلم الحجر واستلأمه : قبله أو اعتنقه ، وليس أصله الهمز ، وله نظائر . قال سيبويه : استلم من السلام لا يدل على معنى الاتخاذ ; وقول العجاج :


                                                          بين الصفا والكعبة المسلم

                                                          قيل في تفسيره : أراد المستلم كأنه بنى فعله على فعل . ابن السكيت : استلأمت الحجر وإنما هو من السلام وهي الحجارة وكأن الأصل استلمت ، وقال غيره : استلام الحجر افتعال في التقدير مأخوذ من السلام ، وهي الحجارة ، تقول : استلمت الحجر إذا لمسته من السلام ، كما تقول اكتحلت من الكحل ; قال الأزهري : وهذا قول القتيبي ، وقال : والذي عندي في استلام الحجر أنه افتعال من السلام وهو التحية ، واستلامه لمسه باليد تحريا لقبول السلام منه تبركا به ، وهذا كما يقال : اقترأت منه السلام ، قال : وقد أملى علي أعرابي كتابا إلى بعض أهاليه فقال في آخره : اقترئ مني السلام ، قال : وهذا يدل على صحة هذا القول أن أهل اليمن يسمون الركن الأسود المحيا ، معناه أن الناس يحيونه بالسلام ، فافهمه ، وفي حديث ابن عمر قال : استقبل رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، الحجر فاستلمه ثم وضع شفتيه عليه يبكي طويلا ، فالتفت فإذا هو بعمر يبكي فقال : يا عمر هاهنا تسكب العبرات ، وروى أبو الطفيل قال : رأيت رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، يطوف على راحلته يستلم بمحجنه ويقبل المحجن ; قال الليث : استلام الحجر تناوله باليد وبالقبلة ومسحه بالكف ، قال الأزهري : وهذا صحيح . الجوهري : استلم الحجر لمسه إما بالقبلة أو باليد ، لا يهمز لأنه مأخوذ من السلام ، وهو الحجر ، كما تقول : استنوق الجمل ، وبعضهم يهمزه . والسلامى : عظام الأصابع في اليد والقدم ، وسلامى البعير : عظام فرسنه ، قال ابن الأعرابي : السلامى عظام صغار على طول الإصبع أو قريب منها ، وفي كل يد ورجل أربع سلاميات أو ثلاث . وروي عن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، أنه قال : على كل سلامى من أحدكم صدقة ، ويجزئ في ذلك ركعتان يصليهما من الضحى ; قال ابن الأثير : السلامى جمع سلامية وهي الأنملة من الأصابع ، وقيل : واحده وجمعه سواء ، وتجمع على سلاميات ، وهي التي بين كل مفصلين من أصابع الإنسان ، وقيل : السلامى كل عظم مجوف من صغار العظام . وفي حديث خزيمة في ذكر السنة : حتى آل السلامى أي رجع إليه المخ ; قال أبو عبيد : السلامى في الأصل عظم يكون في فرسن البعير ، ويقال : إن آخر ما يبقى فيه المخ من البعير إذا عجف في السلامى وفي العين ، فإذا ذهب منهما لم يكن له بقية بعد ; وأنشد لأبي ميمون النضر بن سلمة العجلي :


                                                          لا يشتكين عملا ما أنقين     ما دام مخ في سلامى أو عين

                                                          قال : وكأن معنى قوله " على كل سلامى من أحدكم صدقة " أن على كل عظم من عظام ابن آدم صدقة ، والركعتان تجزيان من تلك الصدقة . وقال الليث : السلامى عظام الأصابع والأشاجع والأكارع ، وهي كعابر كأنها كعاب ، والجمع سلاميات ; قال ابن شميل : في القدم قصبها وسلامياتها ، وقال : عظام القدم كلها سلاميات ، وقصب عظام الأصابع أيضا سلاميات ، الواحدة سلامى ، وفي كل فرسن ست سلاميات ومنسمان وأظل . الجوهري : ويقال للجلدة التي بين العين والأنف سالم ; وقال عبد الله بن عمر في ابنه سالم :


                                                          يديرونني عن سالم وأريغه     وجلدة بين العين والأنف سالم

                                                          قال : وهذا المعنى أراد عبد الملك في جوابه عن كتاب الحجاج أنه عندي كسالم والسلام ; قال ابن بري : هذا وهم قبيح أي جعله سالما اسما للجلدة التي بين العين والأنف ، وإنما سالم ابن ابن عمر فجعله لمحبته بمنزلة جلدة بين عينه وأنفه . والسليم من الفرس : ما بين الأشعر وبين الصحن من حافره . والأسيلم : عرق في اليد ، لم يأت إلا مصغرا ، وفي التهذيب : عرق في الجسد . الجوهري : الأسيلم عرق [ ص: 246 ] بين الخنصر والبنصر . والسلم : واحد السلاليم التي يرتقى عليها ، وفي المحكم : السلم الدرجة والمرقاة ، يذكر ويؤنث ; قال ابن مقبل :


                                                          لا تحرز المرء أحجاء البلاد ولا     يبنى له في السماوات السلاليم

                                                          احتاج فزاد الياء ، قال الزجاج : سمي السلم سلما لأنه يسلمك إلى حيث تريد . والسلم : السبب إلى الشيء ، سمي بهذا الاسم لأنه يؤدي إلى غيره كما يؤدي السلم الذي يرتقى عليه ; قال الجوهري : وربما سمي الغرز بذلك ; قال أبو الربيس التغلبي :


                                                          مطارة قلب إن ثنى الرجل ربها     بسلم غرز في مناخ يعاجله

                                                          وقال أبو بكر بن الأنباري : سميت بغداد مدينة السلام لقربها من دجلة ، وكانت دجلة تسمى نهر السلام . وسلمى : أحد جبلي طيئ . والسلامى : الجنوب من الرياح ; قال ابن هرمة :


                                                          مرته السلامى فاستهل ولم تكن     لتنهض إلا بالنعامى حوامله

                                                          أبو سلمان : ضرب من الوزغ والجعلان . وقال ابن الأعرابي : أبو سلمان كنية الجعل ، وقيل : هو أعظم الجعلان ، وقيل : هو دويبة مثل الجعل له جناحان ، وقال كراع : كنيته أبو جعران ، بفتح الجيم . وسلمان : اسم جبل ، واسم رجل ، وسالم : اسم رجل ، وسلامان : ماء لبني شيبان . وسلامان : بطنان بطن في قضاعة ، وبطن في الأزد ، وفي المحكم : سلامان بطن في الأزد وقضاعة وطيئ وقيس عيلان ، وسلامان بن غنم : قبيلة اسم غنم اسم قبيلة وسليم : قبيلة من قيس عيلان ، وهو سليم بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس عيلان . وسليم أيضا : قبيلة في جذام من اليمن بنو سليمة بطن من الأزد ، وسلمة : غيرهم ، بكسر اللام ، والنسبة إليهم سلمي والنسبة إلى بني سليم وإلى سلامة سلامي ، وأبو سلمى بضم السين ، أبو زهير بن أبي سلمى الشاعر المزني ، على فعلى ، واسمه بن رباح من بني مازن من مزينة ، وليس في العرب سلمى غيره ، ليس سلمى من الأسلم كالكبرى من الأكبر . وعبد الله بن سلام ، بتخفيف اللام ، وكذلك سلام بن مشكم رجل كان من اليهود مخفف ; قال الشاعر :


                                                          فلما تداعوا بأسيافهم     وحان الطعان دعونا سلاما

                                                          يعني دعونا سلام بن مشكم ، وأما القاسم بن سلام ومحمد بن سلام فاللام فيهما مشددة . وفي حديث خيبر : ذكر السلالم ; هي بضم السين ، وقيل : بفتحها ، حصن من حصون خيبر ، ويقال فيه : والسلاليم أيضا والأسلوم بطون من اليمن وسلمان وسلالم : موضعان ، والسلام : موضع ، ودارة السلام : موضع هنالك . وذات السليم : موضع ; قال ساعدة بن جؤية :


                                                          تحملن من ذات السليم كأنها     سفائن يم تنتحيها دبورها

                                                          وسلمية قرية ، وسلمية : قبيلة من الأزد ، وسليم بن منصور قبيلة . وسلمة ومسلمة وسلام وسلامة وسليمان وسليم وسلم وسلام وسلامة ، بالتشديد ، ومسلم وسلمان : أسماء . ومسلمة : اسم مفعلة من السلم ، وسلمة ، بكسر اللام أيضا : اسم رجل . وسلمى : اسم رجل . المحكم : وسلمى : اسم امرأة ، وربما سمي بها الرجل . قال ابن جني : ليس سلمان من سلمى كسكران من سكرى ، ألا ترى أن فعلان الذي يقابله فعلى إنما بابه الصفة كغضبان وغضبى وعطشان وعطشى ؟ وليس سلمان وسلمى بصفتين ولا نكرتين ، وإنما سلمان من سلمى كقحطان من قحطى ، وليلان من ليلى ، غير أنهما كانا من لفظ واحد فتلاقيا في عرض اللغة من غير قصد ولا إيثار لتقاودهما ، ألا ترى أنك لا تقول هذا رجل سلمان ولا هذه امرأة سلمى كما تقول هذا رجل سكران وهذه امرأة سكرى ، وهذا رجل غضبان وهذه امرأة غضبى ، وكذلك لو جاء في العلم ليلان لكان من ليلى كسلمان من سلمى ، وكذلك لو وجد فيه قحطى لكان من قحطان كسلمى من سلمان ، وقال أبو العباس : سليمان تصغير سلمان ; وقول الحطيئة :


                                                          جدلاء محكمة من نسج سلام

                                                          كما قال النابغة الذبياني :


                                                          ونسج سليم كل قضاء ذائل

                                                          أراد نسج داود ، فجعله سليمان ثم غير الاسم فقال : سلام وسليم ، ومثل ذلك في أشعارهم كثير ; قال ابن بري : وقالوا في سليمان اسم النبي ، صلى الله عليه وسلم ، سليم وسلام فغيروه ضرورة ; وأنشد بيت النابغة الذبياني ; وأنشد لآخر :


                                                          مضاعفة تخيرها سليم     كأن قتيرها حدق الجراد

                                                          وقال الأسود بن يعفر :


                                                          ودعا بمحكمة أمين سكها     من نسج داود أبي سلام

                                                          وحكى الرؤاسي : كان فلان يسمى محمدا ثم تمسلم أي تسمى مسلما . الجوهري : وسلمى حي من دارم ; وقال :


                                                          تعيرني سلمى وليس بقضأة     ولو كنت من سلمى تفرعت دارما

                                                          قال : وفي بني قشير سلمتان : سلمة بن قشير وهو سلمة الشر وأمه لبينى بنت كعب بن كلاب ، وسلمة بن قشير وهو سلمة الخير وهو ابن القشيرية ; قال ابن سيده : والسلمتان سلمة الخير وسلمة الشر ، وإنما قال الشاعر :


                                                          يا قرة بن هبيرة بن قشير     يا سيد السلمات إنك تظلم

                                                          لأنه عناهما وقومهما . وحكي أسلم اسم رجل ; حكاه كراع وقال : سمي بجمع سلم ، ولم يفسر أي سلم يعني ، قال : وعندي أنه جمع السلم [ ص: 247 ] الذي هو الدلو العظيمة . وسلالم : اسم أرض ; قال كعب بن زهير :


                                                          ظليم من التسعاء حتى كأنه     حديث بحمى أسأرتها سلالم

                                                          وسلم : فرس زبان بن سيار . والسلام ، بالكسر : ماء ; قال بشر :


                                                          كأن قتودي على أحقب     يريد نحوصا تؤم السلاما

                                                          قال ابن بري : المشهور في شعره تدق السلاما ، والسلام ، على هذه الرواية : الحجارة .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية