الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
فصل

ثم آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين المهاجرين والأنصار في دار أنس بن مالك ، وكانوا تسعين رجلا نصفهم من المهاجرين ، ونصفهم من الأنصار ، آخى بينهم على المواساة ، يتوارثون بعد الموت دون ذوي الأرحام إلى حين وقعة بدر ، فلما [ ص: 57 ] أنزل الله عز وجل : ( وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله ) [ الأحزاب : 6 ] رد التوارث إلى الرحم دون عقد الأخوة .

وقد قيل : إنه آخى بين المهاجرين بعضهم مع بعض مؤاخاة ثانية ، واتخذ فيها عليا أخا لنفسه والثبت الأول ، والمهاجرون كانوا مستغنين بأخوة الإسلام ، [ ص: 58 ] وأخوة الدار ، وقرابة النسب عن عقد مؤاخاة بخلاف المهاجرين مع الأنصار ، ولو آخى بين المهاجرين كان أحق الناس بأخوته أحب الخلق إليه ، ورفيقه في الهجرة ، وأنيسه في الغار ، وأفضل الصحابة وأكرمهم عليه أبو بكر الصديق ، وقد قال : ( لو كنت متخذا من أهل الأرض خليلا ، لاتخذت أبا بكر خليلا ، ولكن أخوة الإسلام أفضل ) ، وفي لفظ : ( ولكن أخي وصاحبي ) وهذه الأخوة في الإسلام وإن كانت عامة كما قال : ( وددت أن قد رأينا إخواننا، قالوا : ألسنا إخوانك ؟ قال : أنتم أصحابي ، وإخواني قوم يأتون من بعدي يؤمنون بي ولم يروني ) فللصديق من هذه الأخوة أعلى مراتبها ، كما له من الصحبة أعلى مراتبها ، فالصحابة لهم الأخوة ومزية الصحبة ، ولأتباعه بعدهم الأخوة دون الصحبة .

التالي السابق


الخدمات العلمية