الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ سلا ]

                                                          سلا : سلاه وسلا عنه وسليه سلوا وسلوا وسليا وسليا وسلوانا : نسيه ، وأسلاه عنه وسلاه فتسلى ; قال أبو ذؤيب :


                                                          على أن الفتى الخثمي سلى بنصل السيف غيبة من يغيب

                                                          أراد عن غيبة من يغيب فحذف وأوصل ، وهي السلوة . الأصمعي : سلوت عنه فأنا أسلو سلوا وسليت عنه أسلى سليا بمعنى سلوت ; قال رؤبة :


                                                          مسلم لا أنساك ما حييت     لو أشرب السلوان ما سليت
                                                          ما بي غنى عنك وإن غنيت

                                                          الجوهري : وسلاني من همي تسلية أسلاني أي كشفه عني . وانسلى عني الهم وتسلى بمعنى أي انكشف . وقال أبو زيد : معنى سلوت إذا نسي ذكره وذهل عنه . وقال ابن شميل : سليت فلانا أي أبغضته وتركته . وحكى محمد بن حيان قال : حضرت الأصمعي ونصير بن أبي نصير يعرض عليه بالري فأجرى هذا البيت فيما عرض عليه فقال لنصير : ما السلوان ؟ فقال : يقال : إنه خرزة تسحق ويشرب ماؤها فيورث شاربه سلوة ، فقال : اسكت لا يسخر منك هؤلاء ، إنما السلوان مصدر قولك سلوت أسلو سلوانا ، فقال : لو أشرب السلوان أي السلو شربا ما سلوت . ويقال : أسلاني عنك كذا وكذا وسلاني . أبو زيد : يقال ما سليت أن أقول ذلك أي لم أنس ولكن تركته عمدا ، ولا يقال سليت أن أقوله إلا في معنى ما سليت أن أقوله . ابن الأعرابي : السلوانة خرزة للبغض بعد المحبة . ابن سيده : والسلوة والسلوانة ، بالضم ، كلاهما خرزة شفافة إذا دفنتها في الرمل ثم بحثت عنها رأيتها سوداء يسقاها الإنسان فتسليه . وقال اللحياني : السلوانة والسلوان خرزة شفافة إذا دفنتها في الرمل ثم بحثت عنها تؤخذ بها النساء الرجال . وقال أبو عمرو السعدي : السلوانة خرزة تسحق ويشرب ماؤها فيسلو شارب ذلك الماء عن حب من ابتلي بحبه . والسلوان : ما يشرب فيسلي . وقال اللحياني : السلوان والسلوانة شيء يسقاه العاشق ليسلو عن المرأة . قال : وقال بعضهم : هو أن يؤخذ من تراب قبر ميت فيذر على الماء فيسقاه العاشق ليسلو عن المرأة فيموت حبه ; وأنشد :


                                                          يا ليت أن لقلبي من يعلله     أو ساقيا فسقاني عنك سلوانا

                                                          وقال بعضهم : السلوانة بالهاء حصاة يسقى عليها العاشق الماء فيسلو ; وأنشد :


                                                          شربت على سلوانة ماء مزنة     فلا وجديد العيش يا مي ما أسلو

                                                          الجوهري : السلوانة ، بالضم ، خرزة كانوا يقولون إذا صب عليها ماء المطر فشربه العاشق سلا ، واسم ذلك الماء السلوان . قال الأصمعي : [ ص: 248 ] يقول الرجل لصاحبه : سقيتني سلوة وسلوانا أي طيبت نفسي عنك ; وأنشد ابن بري :


                                                          جعلت لعراف اليمامة حكمه     وعراف نجد إن هما شفياني
                                                          فما تركا من رقية يعلمانها     ولا سلوة إلا بها سقياني

                                                          وقال بعضهم : السلوان دواء يسقاه الحزين فيسلو ، والأطباء يسمونه المفرح ، وفي التنزيل العزيز : وأنزلنا عليكم المن والسلوى ; السلوى : طائر ، وقيل : طائر أبيض مثل السمانى ، واحدته سلواة ; قال الشاعر :


                                                          كما انتفض السلواة من بلل القطر

                                                          قال الأخفش : لم أسمع له بواحد ; قال : وهو شبيه أن يكون واحده سلوى مثل جماعته ، كما قالوا دفلى للواحد والجماعة . وفي التهذيب : السلوى طائر ، وهو في غير القرآن العسل . قال أبو بكر : قال المفسرون المن الترنجبين والسلوى السمانى ، قال : والسلوى عند العرب العسل ; وأنشد :


                                                          لو أطعموا المن والسلوى مكانهم     ما أبصر الناس طعما فيهم نجعا

                                                          ويقال : هو في سلوة من العيش أي في رخاء وغفلة ; قال الراعي :


                                                          أخو سلوة مسى به الليل أملح

                                                          ابن السكيت : السلوة والسلوة رخاء العيش . ابن سيده : والسلوى العسل ; قال خالد بن زهير :


                                                          وقاسمها بالله جهدا لأنتم     ألذ من السلوى إذا ما نشورها

                                                          أي نأخذها من خليتها ; يعني العسل . قال الزجاج : أخطأ خالد إنما السلوى طائر . قال الفارسي : السلوى كل ما سلاك ، وقيل للعسل سلوى ، لأنه يسليك بحلاوته وتأتيه عن غيره مما تلحقك فيه مئونة الطبخ وغيره من أنواع الصناعة ، يرد بذلك على أبي إسحاق . وبنو مسلية : حي من بلحارث بن كعب بطن . والسلي والسلي : واد ; قال الأعشى :


                                                          وكأنما تبع الصوار بشخصها     عجزاء ترزق بالسلي عيالها

                                                          ويروى : بالسلي ، وكتابه بالألف . والسلى : الجلدة الرقيقة التي يكون فيها الولد ، يكون ذلك للناس والخيل والإبل ، والجمع أسلاء . وقال أبو زيد : السلى لفافة الولد من الدواب والإبل ، وهو من الناس المشيمة . وسليت الناقة أي أخذت سلاها . ابن السكيت : السلى سلى الشاة ، يكتب بالياء ، وإذا وصفت قلت شاة سلياء . وسليت الشاة : تدلى ذلك منها ، وهي إن نزعت عن وجه الفصيل ساعة يولد ، وإلا قتلته ، وكذلك إذا انقطع سلى في البطن ، فإذا خرج السلى سلمت الناقة وسلم الولد ، وإن انقطع في بطنها هلكت وهلك الولد . وفي الحديث : أن المشركين جاءوا بسلى جزور فطرحوه على النبي ، صلى الله عليه وسلم ، وهو يصلي ; قيل في تفسيره : السلى الجلد الرقيق الذي يخرج فيه الولد من بطن أمه ملفوفا فيه ، وقيل : هو في الماشية السلى وفي الناس المشيمة ، والأول أشبه لأن المشيمة تخرج بعد الولد ولا يكون الولد فيها حين يخرج . وفي المثل : وقع القوم في سلى جمل ، ووقع في سلى جمل أي في أمر لا مخرج له لأن الجمل لا سلى له ، وإنما يكون للناقة ، وهذا كقولهم : أعز من الأبلق العقوق ، وبيض الأنوق ; وأنشد ابن بري لجحل بن نضلة :


                                                          لما رأت ماء السلى مشروبها     والفرث يعصر في الإناء أرنت

                                                          قال : ومثل هذا الشعر في العروض قول ابن الخرع :


                                                          يا قرة بن هبيرة بن قشير     يا سيد السلمات إنك تظلم

                                                          وسليت الشاة سلى ، فهي سلياء : انقطع سلاها . وسلاها سليا : نزع سلاها . وقال اللحياني : سليت الناقة مددت سلاها بعد الرحم . وفي التهذيب : وسليت الناقة وأخذت سلاها وأخرجته . الجوهري : وسليت الناقة أسليها تسلية إذا نزعت سلاها فهي سلياء ; وقوله :


                                                          الآكل الأسلاء لا     يحفل ضوء القمر

                                                          ليس بالسلى الذي تقدم ذكره وإنما كنى به عن الأفعال الخسيسة لخسة السلى ، وقوله : لا يحفل ضوء القمر أي لا يبالي الشهر لأن القمر يفضح المكتتم . وفي حديث عمر ، رضي الله عنه : لا يدخلن رجل على مغيبة يقول : ما سليتم العام وما نتجتم العام أي ما أخذتم من سلى ماشيتكم وما ولد لكم ؟ وقيل : يحتمل أن يكون أصله ما سلأتم ، بالهمز ، من السلاء وهو السمن ، فترك الهمز فصارت ألفا ثم قلبت الألف ياء . ويقال للأمر إذا فات : قد انقطع السلى ; يضرب مثلا للأمر يفوت وينقطع . الجوهري : يقال انقطع السلى في البطن إذا ذهبت الحيلة ، كما يقال : بلغ السكين العظم . ويقال : هو في سلوة من العيش أي في رغد ; عن أبي زيد . وفي حديث ابن عمرو : وتكون لكم سلوة من العيش أي نعمة ورفاهية ورغد يسليكم عن الهم . والسلي : واد بالقرب من النباج فيه طلح لبني عبس ; قال كعب بن زهير في باب المراثي من الحماسة :


                                                          لعمرك ما خشيت على أبي     مصارع بين قو فالسلي
                                                          ولكني خشيت على أبي     جريرة رمحه في كل حي



                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية