الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 5 ] بسم الله الرحمن الرحيم . سورة المجادلة . سميت هذه السورة في كتب التفسير وفي المصاحف وكتب السنة ( سورة المجادلة ) بكسر الدال أو بفتحه كما سيأتي . وتسمى ( سورة قد سمع ) وهذا الاسم مشتهر في الكتاتيب في تونس ، وسميت في مصحف أبي بن كعب ( سورة الظهار ) .

ووجه تسميتها ( سورة المجادلة ) لأنها افتتحت بقضية مجادلة امرأة أوس بن الصامت لدى النبيء - صلى الله عليه وسلم - في شأن مظاهرة زوجها .

ولم يذكر المفسرون ولا شارحو كتب السنة ضبطه بكسر الدال أو فتحها . وذكر الخفاجي في حاشية البيضاوي عن الكشف أن كسر الدال هو المعروف ( ولم أدر ما أراد الخفاجي بالكشف الذي عزا إليه هذا ) ، فكشف القزويني على الكشاف لا يوجد فيه ذلك ، ولا في التفسير المسمى الكشف والبيان للثعلبي . فلعل الخفاجي رأى ذلك في الكشف الذي ينقل عنه الطيبي في مواضع تقريرات لكلام الكشاف وهو غير معروف في عداد شروح الكشاف ، وكسر الدال أظهر لأن السورة افتتحت بذكر التي تجادل في زوجها فحقيقة أن تضاف إلى صاحبة الجدال ، وهي التي ذكرها الله بقوله التي تجادلك في زوجها . ورأيت في نسخة من حاشية محمد الهمذاني على الكشاف المسماة توضيح المشكلات ، بخط مؤلفها جعل علامة كسرة تحت دال المجادلة . وأما فتح الدال فهو مصدر مأخوذ من فعل تجادلك كما عبر عنها بالتحاور في قوله تعالى والله يسمع تحاوركما .

وهذه السورة مدنية قال ابن عطية بالإجماع . وفي تفسير القرطبي عن عطاء : أن العشر الأول منها مدني وباقيها مكي . وفيه عن الكلبي أنها مدنية إلا قوله تعالى ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم الآية نزلت بمكة .

[ ص: 6 ] وهي السورة المائة وثلاث في عداد نزول سور القرآن نزلت بعد سورة المنافقين وقبل سورة التحريم .

والذي يظهر أن سورة المجادلة نزلت قبل سورة الأحزاب لأن الله تعالى قال في سورة الأحزاب وما جعل أزواجكم اللاء تظهرون منهن أمهاتكم ، وذلك يقتضي أن تكون هذه الآية نزلت بعد إبطال حكم الظهار بما في سورة المجادلة لأن قوله ما جعل يقتضي إبطال التحريم بالمظاهرة . وإنما أبطل بآية سورة المجادلة . وقال السخاوي : نزلت سورة المجادلة بعد سورة المنافقين وقبل سورة الحجرات .

وآيها في عد أهل المدينة وأهل مكة إحدى وعشرون ، وفي عد أهل الشام والبصرة والكوفة اثنتان وعشرون .

التالي السابق


الخدمات العلمية