الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                      [ ص: 414 ] بسم الله الرحمن الرحيم كتاب الجعل والإجارة قال عبد الرحمن بن القاسم : قال مالك بن أنس فيمن باع سلعة من رجل بثمن على أن يتجر له في ثمنها سنة . قال : قال مالك : إن كان اشترط إن تلف المال أخلفه له البائع حتى يتم عمله بهما سنة فلا بأس بذلك وإلا فلا خير فيه ، وفسخ وهذا يشبه الذي يستأجر الرجل ليرعى له غنمه هذه بأعيانها سنة فهو إن لم يشترطا ما مات منهما فعلى رب الغنم خلفها وإلا فلا خير في هذه الإجارة ، وكذلك الدنانير التي باع بها سلعة وشرط على المشتري أن يعمل بها سنة فكذلك هو لا يصلح إلا أن يشترط إن ضاعت الدنانير ، فعلى البائع أن يخلفها حتى تتم السنة .

                                                                                                                                                                                      قلت : أرأيت إن اشترطا إن ضاعت الدنانير فعلى البائع أن يخلفها فضاعت الدنانير فقال البائع : لا أريد أن أخلفها ، ولا أريد عملا بها ؟ قال : يقال : اذهب بسلام .

                                                                                                                                                                                      قلت : وكذلك راعي الغنم بأعيانها إذا استأجره سنة يرعاها بأعيانها واشترط عليه أن ما ضاع منها أخلفه فهلك منها شيء فقال رب الغنم : لا أريد أن أخلفها فقال : يقال له : أوف الإجارة وأنت أعلم إن شئت فأخلفها ، وإن شئت فلا تخلفها ، ولا يصلح له في الأصل الإجارة إلا أن يشترط أن ما مات منها أخلفه ، وهذا قول مالك .

                                                                                                                                                                                      قلت : ولم أجاز مالك هذا البيع أن يبيعه سلعة بمائة دينار ويشترط أن يعمل بها سنة فإن تلفت أخلفها البائع فيعمل بها ؟

                                                                                                                                                                                      قال : لأن مالكا يجيز البيع والإجارة أن يجتمعا [ ص: 415 ] في صفقة واحدة وإنما هذا بيع وإجارة باعه السلعة بمائة دينار ويعمل الرجل فيها سنة ; ألا ترى لو أنك استأجرت رجلا يعمل لك بهذه المائة دينار سنة أن ذلك جائز إذا اشترطت عليه إن ضاعت أخلفها فيعمل بها ، فإن ضاعت فإن شئت فأخلفها وإن شئت فلا تخلفها ، والإجارة قد لزمتك له تامة ولا تصلح الإجارة إلا أن يكون في أصل الإجارة شرط إن ضاعت الدنانير أخلفتها فيعمل بها المستأجر .

                                                                                                                                                                                      قال : وقال مالك في الثوب يكون للرجل فيبيع نصفه من رجل على أن يبيع له النصف الباقي : إن ذلك جائز إذا ضرب لذلك أجلا .

                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية