الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ سما ]

                                                          سما : السمو الارتفاع والعلو ، تقول منه : سموت سميت مثل علوت وعليت وسلوت وسليت ؛ عن ثعلب : وسما الشيء يسمو سموا ، فهو سام : ارتفع . وسما به وأسماه : أعلاه . ويقال للحسيب وللشريف : قد سما . وإذا رفعت بصرك إلى الشيء قلت : سما إليه بصري ، وإذا رفع لك شيء من بعيد فاستبنته قلت : سما لي شيء . وسما لي شخص فلان : ارتفع حتى استثبته . وسما بصره : علا . وتقول : رددت من سامي طرفه إذا قصرت إليه نفسه وأزلت نخوته . ويقال : ذهب صيته في الناس وسماه أي صوته في الخير لا في الشر ؛ وقوله أنشده ثعلب :


                                                          إلى جذم مال قد نهكنا سوامه وأخلاقنا فيه سوام طوامح

                                                          فسره فقال : سوام تسمو إلى كرائمها فتنحرها للأضياف . وساماه : عالاه . وفلان لا يسامى وقد علا من ساماه . وتساموا أي تباروا . وفي حديث أم معبد : وإن صمت سما وعلاه البهاء أي ارتفع وعلا على جلسائه . وفي حديث ابن زمل : رجل طوال إذا تكلم يسمو أي يعلو برأسه ويديه إذا تكلم . وفلان يسمو إلى المعالي إذا تطاول إليها . وفيحديث عائشة الذي روي في أهل الإفك : إنه لم يكن في نساء النبي - صلى الله عليه وسلم - امرأة تساميها غير زينب فعصمها الله تعالى ، ومعنى تساميها أي تباريها وتفاخرها . وقال أبو عمرو : المساماة المفاخرة . وفي الحديث : قالت زينب : يا رسول الله أحمي سمعي وبصري ، وهي التي كانت تساميني منهن أي تعاليني وتفاخرني ، وهي مفاعلة من السمو أي تطاولني في الحظوة عنده ؛ ومنه حديث أهل أحد : أنهم خرجوا بسيوفهم يتسامون كأنهم الفحول أي يتابرون ويتفاخرون ، ويجوز أن يكون يتداعون بأسمائهم ؛ وقوله أنشده ثعلب :


                                                          بات ابن أدماء يساوي الأندرا     سامى طعام الحي حين نورا

                                                          فسره فقال : سامى ارتفع وصعد ؛ قال ابن سيده : وعندي أنه أراد كلما سما الزرع بالنبات سما هو إليه حتى أدرك فحصده وسرقه ؛ وقوله أنشده ثعلب :


                                                          فارفع يديك ثم سام الحنجرا

                                                          [ ص: 266 ] فسره فقال : سام الحنجر ارفع يديك إلى حلقه . وسماء كل شيء : أعلاه ، مذكر . والسماء : سقف كل شيء وكل بيت . والسموات السبع سماء ، والسموات السبع : أطباق الأرضين ، وتجمع سماء وسموات . وقال الزجاج : السماء في اللغة يقال : لكل ما ارتفع وعلا قد سما يسمو . وكل سقف فهو سماء ، ومن هذا قيل للسحاب السماء لأنها عالية ، والسماء : كل ما علاك فأضلك ؛ ومنه قيل : لسقف البيت سماء . والسماء التي تظل الأرض أنثى عند العرب لأنها جمع سماءة ، وسبق الجمع الوحدان فيها . والسماءة : أصلها سماوة ، وإذا ذكرت السماء عنوا به السقف . ومنه قول الله تعالى : السماء منفطر به ؛ ولم يقل منفطرة . الجوهري : السماء تذكر وتؤنث أيضا ؛ وأنشد ابن بري في التذكير :


                                                          فلو رفع السماء إليه قوما     لحقنا بالسماء مع السحاب

                                                          وقال آخر :


                                                          وقالت سماء البيت فوقك مخلق     ولما تيسر اجتلاء الركائب

                                                          والجمع أسمية وسمي وسموات وسماء ؛ وقول أمية بن أبي الصلت :


                                                          له ما رأت عين البصير وفوقه     سماء الإله فوق سبع سمائيا

                                                          قال الجوهري : جمعه على فعائل كما تجمع سحابة على سحائب ، ثم رده إلى الأصل ولم ينون كما ينون جوار ، ثم نصب الياء الأخيرة لأنه جعله بمنزلة الصحيح الذي لا ينصرف كما تقول مررت بصحائف ، وقد بسط ابن سيده القول في ذلك وقال : قال أبو علي جاء هذا خارجا عن الأصل الذي عليه الاستعمال من ثلاثة أوجه أحدها أن يكون جمع سماء على فعائل ، حيث كان واحدا مؤنثا فكأن الشاعر شبهه بشمال وشمائل وعجوز وعجائز ونحو هذه الآحاد المؤنثة التي كسرت على فعائل ، حيث كان واحدا مؤنثا ، والجمع المستعمل فيه فعول دون فعائل كما قالوا عناق وعنوق ، فجمعه على فعول إذا كان على مثال عناق في التأنيث هو المستعمل ، فجاء به هذا الشاعر في سمائيا على غير المستعمل ، والآخر أنه قال سمائي ، وكان القياس الذي غلب عليه الاستعمال سمايا فجاء به هذا الشاعر لما اضطر على القياس المتروك ، فقال : سمائي على وزن سحائب ، فوقعت في الطرف ياء مكسور ما قبلها فلزم أن تقلب ألفا إذا قلبت فيما ليس فيه حرف اعتلال في هذا الجمع ، وذلك قولهم مداري وحروف الاعتلال في سمائي أكثر منها في مداري ، فإذا قلبت في مداري وجب أن تلزم هذا الضرب فيقال : سماءا ، ( وقعت ) الهمزة بين ألفين وهي قريبة من الألف ، فتجتمع حروف متشابهة يستثقل اجتماعهن كما كره اجتماع المثلين والمتقاربي المخارج فأدغما ، فأبدل من الهمزة ياء فصار سمايا ، وهذا الإبدال إنما يكون في الهمزة إذا كانت معترضة في الجمع مثل جمع سماء ومطية وركية ، فكان جمع سماء إذا جمع مكسرا على فعائل أن يكون كما ذكرنا من نحو مطايا وركايا ، لكن هذا القائل جعله بمنزلة ما لامه صحيح ، وثبتت قبله في الجمع الهمزة فقال : سماء كما قال : جوار ، فهذا وجه آخر من الإخراج عن الأصل المستعمل والرد إلى القياس المتروك الاستعمال ، ثم حرك الياء بالفتح في موضع الجر كما تحرك من جوار وموال فصار مثل موالي ؛ وقوله :


                                                          أبيت على معاري واضحات

                                                          فهذا أيضا وجه ثالث من الإخراج عن الأصل المستعمل ، وإنما لم يأت بالجمع في وجهه ، أعني أن يقول : فوق سبع سمايا لأنه كان يصير إلى الضرب الثالث من الطويل ، وإنما مبنى هذا الشعر على الضرب الثاني الذي هو مفاعلن ، لا على الثالث الذي هو فعولن . وقوله عز وجل : ثم استوى إلى السماء ؛ قال أبو إسحاق : لفظه الواحد ومعناه معنى الجمع ، قال : والدليل على ذلك قوله : فسواهن سبع سماوات ؛ فيجب أن تكون السماء جمعا كالسموات كأن الواحد سماءة وسماوة ، وزعم الأخفش أن السماء جائز أن يكون واحدا كما تقول كثر الدينار والدرهم بأيدي الناس . والسماء : السحاب . والسماء المطر مذكر يقال : ما زلنا نطأ السماء حتى أتيناكم أي المطر ومنهم من يؤنثه وإن كان بمعنى المطر كما تذكر السماء وإن كانت مؤنثة ، كقوله تعالى : السماء منفطر به ؛ قال معود الحكماء معاوية بن مالك :


                                                          إذا سقط السماء بأرض قوم     رعيناه وإن كانوا غضابا

                                                          وسمي معود الحكماء لقوله في هذه القصيدة :


                                                          أعود مثلها الحكماء بعدي     إذا ما الحق في الحدثان نابا

                                                          ويجمع على أسمية ، وسمي على فعول ؛ قال رؤبة :


                                                          تلفه الأرواح والسمي     في دفء أرطاة لها حني

                                                          وهذا الرجز أورده الجوهري :


                                                          تلفه الرياح والسمي

                                                          والصواب ما أوردناه ؛ وأنشد ابن بري للطرماح :


                                                          ومحاه تهطال أسمية     كل يوم وليلة ترده

                                                          ويسمى العشب أيضا سماء لأنه يكون عن السماء الذي هو المطر ، كما سموا النبات ندى ، لأنه يكون عن الندى الذي هو المطر ويسمى الشحم ندى لأنه يكون عن النبات ؛ قال الشاعر :


                                                          فلما رأى أن السماء سماؤهم     أتى خطة كان الخضوع نكيرها

                                                          أي رأى أن العشب عشبهم فخضع لهم ليرعى إبله فيه . وفي الحديث : صلى بنا إثر سماء من الليل أي إثر مطر ، وسمي المطر سماء لأنه ينزل من السماء . وقالوا : هاجت بهم سماء جود ، فأنثوه لتعلقه بالسماء التي تظل الأرض . والسماء أيضا : المطرة الجديدة . يقال : أصابتهم سماء وسمي كثيرة وثلاث سمي ، وقال : الجمع الكثير [ ص: 267 ] وسمي . والسماء : ظهر الفرس لعلوه ؛ وقال طفيل الغنوي :


                                                          وأحمر كالديباج أما سماؤه     فريا وأما أرضه فمحول

                                                          وسماء النعل : أعلاها التي تقع عليها القدم . وسماوة البيت : سقفه ؛ وقال علقمة :


                                                          سماوته من أتحمي معصب

                                                          قال ابن بري : صواب إنشاده بكماله :


                                                          سماوته أسمال برد محبر     وصهوته من أتحمي معصب

                                                          قال : والبيت لطفيل . وسماء البيت : رواقه ، وهي الشقة التي دون العليا أنثى وقد تذكر ، وسماوته كسمائه ، وسماوة كل شيء : شخصه وطلعته والجمع من كل ذلك سماء وسماو ، وحكى الأخيرة الكسائي غير معتلة ؛ وأنشد ذو الرمة :


                                                          وأقسم سيار مع الركب لم يدع     تراوح حافات السماو له صدرا

                                                          هكذا أنشده بتصحيح الواو . واستماه نظر إلى سماوته ، وسماوة الهلال شخصه إذا ارتفع عن الأفق شيئا ؛ وأنشد للعجاج :


                                                          ناج طواه الأين هما وجفا     طي الليالي زلفا فزلفا
                                                          سماوة الهلال حتى احقوقفا

                                                          والصائد يسمو الوحش ويستميها : يتعين شخوصها ويطلبها . والسماة : الصيادون ، صفة غالبة مثل الرماة ، وقيل : هم صيادو النهار خاصة ؛ وأنشد سيبويه :


                                                          وجداء لا يرجى بها ذو قرابة     لعطف ولا يخشى السماة ربيبها

                                                          والسماة : جمع سام . والسامي هو الذي يلبس جوربي شعر ويعدو خلف الصيد نصف النهار ؛ قال الشاعر :


                                                          أتت سدرة من سدر حرمل فابتنت     به بيتها فلا تحاذر ساميا

                                                          قال ابن سيده : والسماة الصيادون المتجوربون ، واحدهم سام ؛ أنشد ثعلب :

                                                          وليس بها ريح ولكن وديقة     قليل بها السامي يهل وينقع

                                                          والاستماء أيضا : أن يتجورب الصائد لصيد الظباء ، وذلك في الحر . واستماه استعار منه جوربا لذلك . واسم الجورب : المسماة وهو يلبسه الصياد ليقيه حر الرمضاء إذا أراد أن يتربص الظباء نصف النهار . وقد سموا واستموا إذا خرجوا للصيد . وقال : ثعلب : استمانا أصادنا استمى تصيد ؛ وأنشد ثعلب :


                                                          عوى ثم نادى هل أحصتم قلاصنا     وسمن على الأفخاذ بالأمس أربعا
                                                          غلام أضلته النبوح فلم يجد     له بين خبث والهباءة أجمعا
                                                          أناسا سوانا فاستمانا فلا ترى     أخا دلج أهدى بليل وأسمعا

                                                          أي يطلب الصياد الظباء في غيرانهن عند مطلع سهيل ، عن ابن الأعرابي ، يعني بالغيران الكنس . وإذا خرج القوم للصيد في قفار الأرض وصحاريها ، قلت : سموا وهم السماة أي الصيادون . أبو عبيدة : خرج فلان يستمي الوحش أي يطلبها . قال ابن بري : وغلط ثعلب : من يقول : خرج فلان يستمي إذا خرج للصيد ، قال : وإنما يستمي من المسماة ، وهو الجورب من الصوف يلبسه الصائد ويخرج إلى الظباء نصف النهار فتخرج من أكنستها ويلدها حتى تقف فيأخذها . والقروم السوامي الفحول الرافعة رءوسها سما الفحل سماوة : تطاول على شوله وسطا سماوته شخصه ؛ وأنشد :


                                                          كأن على أشباتها حين آنست     سماوته قيا من الطير وقعا

                                                          وإن أمامي ما أسامي إذا خفت من أمامك أمرا ما ؛ عن ابن الأعرابي . قال ابن سيده : وعندي أن معناه لا أطيق مساماته ولا مطاولته . والسماوة : ماء بالبادية . وأسمى الرجل إذا أتى السماوة أو أخذ ناحيتها ، وكانت أم النعمان سميت بها فكان اسمها ماء السماوة ، فسمتها العرب ماء السماء ، وفي حديث هاجر : تلك أمكم يا بني ماء السماء ، قال : يريد العرب لأنهم يعيشون بماء المطر ويتبعون مساقط المطر . والسماوة : موضع بالبادية ناحية العواصم ، قال ابن سيده : كانت أم النعمان تسمى ماء السماء ، وقال ابن الأعرابي : ماء السماء أم بني ماء السماء لم يكن اسمها غير ذلك . والبكرة من الإبل تستمى بعد أربع عشرة ليلة أو بعد إحدى وعشرين أي تختبر ألاقح هي أم لا ؛ قال ابن سيده : حكاه . ابن الأعرابي : وأنكر ذلك ثعلب : وقال : إنما هي تستمنى من المنية ، وهي العدة التي تعرف بانتهائها ألاقح هي أم لا ، واسم الشيء سمه وسمه وسمه وسماه علامته . التهذيب : والاسم ألفه ألف وصل والدليل على ذلك أنك إذا صغرت الاسم قلت سمي ، والعرب تقول : اسم موصول وهذا أسم ، وقال الزجاج : معنى قولنا اسم هو مشتق من السمو وهو الرفعة ، قال : والأصل فيه سمو مثل قنو وأقناء . الجوهري : والاسم مشتق من سموت لأنه تنويه ورفعة ، وتقديره : إفع والذاهب منه الواو لأن جمعه أسماء وتصغيره سمي ، واختلف في تقدير أصله فقال بعضهم : فعل ، وقال بعضهم : فعل ، وأسماء يكون جمعا لهذا الوزن ، وهو مثل جذع وأجذاع وقفل وأقفال ، وهذا لا يدرى صيغته إلا بالسمع ، وفيه أربع لغات إسم وأسم ، بالضم ، سم وسم وينشد :


                                                          والله أسماك سما مباركا     آثرك الله به إيثاركا

                                                          وقال آخر :


                                                          وعامنا أعجبنا مقدمه     يدعى أبا السمح وقرضاب سمه

                                                          [ ص: 268 ]

                                                          مبتركا لكل عظم يلحمه

                                                          سمه وسمه ، بالضم والكسر جميعا ، وألفه ألف وصل ، وربما جعلها الشاعر ألف قطع للضرورة كقول الأحوص :


                                                          وما أنا بالمخسوس في جذم مالك     لا ومن تسمى ثم يلتزم الإسما

                                                          قال ابن بري ؛ وأنشد أبو زيد لرجل من كلب :


                                                          أرسل فيها بازلا يقرمه     وهو بها ينحو طريقا يعلمه
                                                          باسم الذي في كل سورة سمه

                                                          وإذا نسبت إلى الاسم قلت سموي وسموي ، وإن شئت اسمي ، تركته على حاله ، وجمع الأسماء أسام ، قال أبو العباس : الاسم رسم وسمة توضع على الشيء تعرف به ؛ قال ابن سيده : والاسم اللفظ الموضوع على الجوهر أو العرض لتفصل به بعضه من بعض كقولك مبتدئا اسم هذا كذا ، وإن شئت قلت أسم هذا ، كذا ، وكذلك سمه وسمه . قال اللحياني إسمه فلان ، كلام العرب . وحكي عن بني عمرو بن تميم : أسمه فلان ، بالضم ، وقال : الضم في قضاعة كثير ، وأما سم فعلى لغة من قال : إسم ، بالكسر ، فطرح الألف وألقى حركتها على السين أيضا ، قال الكسائي عن بني قضاعة :


                                                          باسم الذي في كل سورة سمه

                                                          بالضم ، وأنشد عن غير قضاعة سمه ، بالكسر . قال أبو إسحاق : إنما جعل الإسم تنويها بالدلالة على المعنى لأن المعنى تحت الإسم . التهذيب : ومن قال : إن اسما مأخوذ من وسمت فهو غلط ، لأنه لو كان اسم من سمته لكان تصغيره وسيما مثل تصغير عدة وصلة وما أشبههما ، والجمع أسماء . وفي التنزيل : وعلم آدم الأسماء كلها ؛ قيل : معناه علم آدم أسماء جميع المخلوقات بجميع اللغات العربية والفارسية والسريانية والعبرانية والرومية وغير ذلك من سائر اللغات ، فكان آدم - على نبينا محمد وعليه أفضل الصلاة والسلام - وولده يتكلمون بها ، ثم إن ولده تفرقوا في الدنيا وعلق كل منهم بلغة من تلك اللغات ، ثم ضلت عنه ما سواها لبعد عهدهم بها ، وجمع الأسماء أسامي وأسام ؛ قال :


                                                          ولنا أسام ما تليق بغيرنا     ومشاهد تهتل حين ترانا

                                                          وحكى اللحياني في جمع الاسم أسماوات ، وحكى له الكسائي عن بعضهم : سألتك بأسماوات الله ، وحكى الفراء : أعيذك بأسماوات الله ، وأشبه ذلك أن تكون أسماوات جمع أسماء وإلا فلا وجه له . وفي حديث شريح : أقتضي مالي مسمى أي باسمي ، وقد سميته فلانا وأسميت إياه ، وأسميته وسميته به . الجوهري : سميت فلانا زيدا وسميته بزيد بمعنى ، وأسميته مثله فتسمى به ؛ قال سيبويه : الأصل الباء لأنه كقولك عرفته بهذه العلامة وأوضحته بها ؛ قال اللحياني يقال : سميته فلانا وهو الكلام وقال : يقال : أسميته فلانا ؛ وأنشد :


                                                          والله أسماك سما مباركا

                                                          وحكى ثعلب : سموته ، لم يحكها غيره . وسئل أبو العباس عن الاسم : أهو المسمى أو غير المسمى ؟ فقال : قال أبو عبيدة : الاسم هو المسمى ، وقال سيبويه : الاسم غير المسمى ، فقيل له : فما قولك ؟ قال : ليس لي فيه قول . قال أبو العباس : السما ، مقصور ، سما الرجل : بعد ذهاب اسمه ؛ وأنشد :


                                                          فدع عنك ذكر اللهو واعمد بمدحة     لخير معد كلها حيثما انتمى
                                                          لأعظمها قدرا وأكرمها أبا     وأحسنها وجها وأعلنها سما

                                                          يعني الصيت ؛ قال ويروى :


                                                          لأوضحها وجها وأكرمها أبا     وأسمحها كفا وأبعدها سما

                                                          قال : والأول أصح ؛ وقال آخر :


                                                          أنا الحباب الذي يكفي سمي نسبي     إذا القميص تعدى وسمه النسب

                                                          وفي الحديث : لما نزلت : فسبح باسم ربك العظيم ؛ قال : اجعلوها في ركوعكم ، قال : الإسم هاهنا صلة وزيادة بدليل أنه كان يقول في ركوعه سبحان ربي العظيم فحذف الاسم ، قال : وعلى هذا قول من زعم أن الاسم هو المسمى ، ومن قال : إنه غيره لم يجعله صلة . وسميك : المسمى باسمك ، تقول هو سمي فلان إذا وافق اسمه اسمه كما تقول هو كنيه . وفي التنزيل العزيز : لم نجعل له من قبل سميا ؛ قال ابن عباس : لم يسم قبله أحد بيحيى وقيل : معنى " لم نجعل له من قبل سميا " أي نظيرا ومثلا ، وقيل : سمي بيحيى لأنه حيي بالعلم والحكمة . وقوله عز وجل : هل تعلم له سميا ؛ أي نظيرا يستحق مثل اسمه ، ويقال : مساميا يساميه ، قال ابن سيده : ويقال : هل تعلم له مثلا ؛ وجاء أيضا : لم يسم بالرحمن إلا الله . وتأويله - والله أعلم - هل تعلم سميا يستحق أن يقال له : خالق وقادر وعالم لما كان ويكون ، فكذلك ليس إلا من صفات الله - عز وجل - قال :


                                                          وكم من سمي ليس مثل سميه     من الدهر إلا اعتاد عيني واشل

                                                          وقوله عليه الصلاة والسلام : " سموا وسمتوا ودنوا " أي كلما أكلتم بين لقمتين فسموا الله - عز وجل - وقد تسمى به ، وتسمى ببني فلان : والاهم النسب ، والسماء : فرس صخر أخي الخنساء ، وسمي : اسم بلد ، قال الهذلي :


                                                          تركنا ضبع سمي إذا استباءت     كأن عجيجهن عجيج نيب

                                                          ويروى : إذا اسننات ، وقال ابن جني : لا أعرف في الكلام " س م ي " غير هذه ، قال : على أنه قد يجوز أن يكون من سموت ثم لحقه التغيير للعلمية كحيوة ، وماسى فلان فلانا إذا سخر منه ، وساماه إذا فاخره ، والله أعلم .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية