الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ سند ]

                                                          سند : السند : ما ارتفع من الأرض في قبل الجبل أو الوادي ، والجمع أسناد ، لا يكسر على غير ذلك . وكل شيء أسندت إليه شيئا ، فهو مسند . وقد سند إلى الشيء يسند سنودا واستند وتساند وأسند وأسند غيره . ويقال : ساندته إلى الشيء فهو يتساند إليه ؛ أي أسندته إليه ؛ قال أبو زيد :

                                                          [ ص: 272 ]

                                                          ساندوه حتى إذا لم يروه شد أجلاده على التسنيد

                                                          وما يسند إليه يسمى مسندا ومسندا ، وجمعه المساند . الجوهري : السند ما قابلك من الجبل وعلا عن السفح . والسند : سنود القوم في الجبل . وفي حديث أحد : رأيت النساء يسندن في الجبل أي يصعدن ، ويروى بالشين المعجمة وسنذكره . وفي حديث عبد الله بن أنيس : ثم أسندوا إليه في مشربة أي صعدوا . وخشب مسندة : شدد للكثرة . وتساندت إليه : استندت . وساندت الرجل مساندة إذا عاضدته وكانفته . وسند في الجبل يسند سنودا وأسند : رقي . وفي خبر أبي عامر : حتى يسند عن يمين النميرة بعد صلاة العصر . والمسند والسنيد : الدعي . ويقال للدعي : سنيد ؛ قال لبيد :


                                                          كريم لا أجد ولا سنيد



                                                          وسند في الخمسين مثل سنود الجبل أي رقي ، وفلان سند أي معتمد . وأسند في العدو : اشتد وجمد . وأسند الحديث : رفعه . الأزهري : والمسند من الحديث ما اتصل إسناده حتى يسند إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - والمرسل والمنقطع ما لم يتصل . والإسناد في الحديث : رفعه إلى قائله . والمسند : الدهر . ابن الأعرابي : يقال : لا آتيه يد الدهر ويد المسند أي لا آتيه أبدا . وناقة سناد : طويلة القوائم مسندة السنام ، وقيل : ضامرة ؛ أبو عبيدة : الهبيط الضامرة ؛ وقال غيره : السناد مثله ، وأنكره شمر . وناقة مساندة القرى : صلبته ملاحكته ؛ أنشد ثعلب :


                                                          مذكرة الثنيا مساندة القرى     جمالية تختب ثم تنيب

                                                          ويروى مذكرة ثنيا . أبو عمرو : ناقة سناد شديدة الخلق ؛ وقال ابن بزرج : السناد من صفة الإبل أن يشرف حاركها . وقال الأصمعي : هي المشرفة الصدر والمقدم وهي المساندة ، وقال شمر : أي يساند بعض خلقها بعضا ، الجوهري : السناد الناقة الشديدة الخلق ؛ قال ذو الرمة :


                                                          جمالية حرف سناد يشلها     وظيف أزج الخطو ظمآن سهوق

                                                          جمالية : ناقة عظيمة الخلق مشبهة بالجمل لعظم خلقها ، والحرف : الناقة الضامرة الصلبة مشبهة بالحرف من الجبل . وأزج الخطو : واسعه . وظمآن : ليس برهل ، ويروى ريان مكان ظمآن ، وهو الكثير المخ ، والوظيف : عظم الساق ، والسهوق : الطويل : والإسناد : إسناد الراحلة في سيرها وهو سير بين الذميل والهملجة . ويقال : سندنا في الجبل وأسندنا جبلها فيها . وفي حديث عبد الله بن أنيس : ثم أسندوا إليه في مشربة أي صعدوا إليه ، يقال : أسند في الجبل إذا ما صعده . والسند : أن يلبس قميصا طويلا تحت قميص أقصر منه . ابن الأعرابي : السند ضروب من البرود . وفي الحديث : أنه رأى على عائشة رضي الله عنها أربعة أثواب سند وهو واحد وجمع ، قال الليث : السند ضرب من الثياب قميص ثم فوقه قميص أقصر منه ، وكذلك قمص قصار من خرق مغيب بعضها تحت بعض ، وكل ما ظهر من ذلك يسمى سمطا . قال العجاج يصف ثورا وحشيا :


                                                          كتانها أو سند أسماط



                                                          وقال ابن بزرج : السند الأسناد من الثياب وهي من البرود ؛ وأنشد :


                                                          جبة أسناد نقي لونها     لم يضرب الخياط فيها بالإبر

                                                          قال : وهي الحمراء من جباب البرود . ابن الأعرابي : سند الرجل إذا لبس السند وهو ضرب من البرود . وخرجوا متساندين إذا خرجوا على رايات شتى . وفي حديث أبي هريرة : خرج ثمامة بن أثال وفلان متساندين أي متعاونين ، كأن كل واحد منهما يسند على الآخر ويستعين به . والمسند : خط لحمير مخالف لخطنا هذا ، كانوا يكتبونه أيام ملكهم فيما بينهم ، قال أبو حاتم : هو في أيديهم إلى اليوم باليمن ، وفي حديث عبد الملك : أن حجرا وجد عليه كتاب بالمسند ، قال : هي كتابة قديمة ، وقيل : هو خط حمير ؛ قال أبو العباس : المسند كلام أولاد شيث . والسند : جيل من الناس تتاخم بلادهم بلاد أهل الهند ، والنسبة إليهم سندي . أبو عبيدة : من عيوب الشعر السناد وهو اختلاف الأرداف ، كقول عبيد بن الأبرص :


                                                          فقد ألج الخباء على جوار     كأن عيونهن عيون عين

                                                          ثم قال :


                                                          فإن يك فاتني أسفا شبابي     وأضحى الرأس مني كاللجين

                                                          وهذا العجز الأخير غيره الجوهري فقال :


                                                          وأصبح رأسه مثل اللجين

                                                          والصواب في إنشادهما تقديم البيت الثاني على الأول ، وروي عن ابن سلام أنه قال : السناد في القوافي مثل شيب وشيب ؛ وساند فلان في شعره . ومن هذا يقال : خرج القوم متساندين أي على رايات شتى إذا خرج كل بني أب على راية ، ولم يجتمعوا على راية واحدة ، ولم يكونوا تحت راية أمير واحد ، قال ابن بزرج : يقال أسند في الشعر إسنادا بمعنى ساند مثل إسناد الخبر ، ويقال : ساند الشاعر ؛ قال ذو الرمة :


                                                          وشعر قد أرقت له غريب     أجانبه المساند والمحالا

                                                          ابن سيده : ساند شعره سنادا ساند فيه ، كلاهما : خالف بين الحركات التي تلي الأرداف في الروي ، كقوله :


                                                          شربنا من دماء بني تميم     بأطراف القنا حتى روينا

                                                          وقوله فيها :


                                                          ألم تر أن تغلب بيت عز     جبال معاقل ما يرتقينا

                                                          فكسر ما قبل الياء في روينا وفتح ما قبلها في يرتقينا ، فصارت قينا مع وينا وهو عيب ، قال ابن جني : بالجملة إن اختلاف الكسرة والفتحة قبل الردف عيب ، إلا أن الذي استهوى في استجازتهم إياه أن الفتحة [ ص: 273 ] عندهم قد أجريت مجرى الكسرة وعاقبتها في كثير من الكلام ، وكذلك الياء المفتوح ما قبلها قد أجريت مجرى الياء المكسور ما قبلها ، أما تعاقب الحركتين ففي مواضع : منها أنهم عدلوا لفظ المجرور فيما لا ينصرف إلى لفظ المنصوب ، فقالوا مررت بعمر كما قالوا ضربت عمر ، فكأن فتحة راء عمر عاقبت ما كان يجب فيها من الكسرة لو صرف الاسم فقيل : مررت بعمر ، وأما مشابهة الياء المكسور ما قبلها للياء المفتوح ما قبلها فلأنهم قالوا هذا جيب بكر فأدغموا مع الفتحة ، كما قالوا هذا سعيد داود ، وقال شيبان وقيس عيلان فأمالوا كما أمالوا سيحان وتيحان ، وقال الأخفش بعد أن خصص كيفية السناد : أما ما سمعت من العرب في السناد فإنهم يجعلونه كل فساد في آخر الشعر ولا يحدون في ذلك شيئا وهو عندهم عيب ، قال : ولا أعلم إلا أني قد سمعت بعضهم يجعل الإقواء سنادا ؛ وقد قال الشاعر :


                                                          فيه سناد وإقواء وتحريد



                                                          فجعل السناد غير الإقواء وجعله عيبا . قال ابن جني : وجه ما قاله أبو الحسن أنه إذا كان الأصل السناد إنما هو لأن البيت المخالف لبقية الأبيات كالمسند إليها لم يمتنع أن يشيع ذلك في كل فساد في آخر البيت فيسمى به ، كما أن القائم لما كان إنما سمي بهذا الاسم لمكان قيامه لم يمتنع أن يسمي كل من حدث عنه القيام قائما ؛ قال : ووجه من خص بعض عيوب القافية بالسناد أنه جار مجرى الاشتقاق ، والاشتقاق على ما قدمناه غير مقيس ، إنما يستعمل بحيث وضع إلا أن يكون اسم فاعل أو مفعول على ما ثبت في ضارب ومضروب ؛ قال وقوله :


                                                          فيه سناد وإقواء وتحريد



                                                          الظاهر منه ما قاله الأخفش من أن السناد غير الإقواء لعطفه إياه عليه ، وليس ممتنعا في القياس أن يكون السناد يعني به هذا الشاعر الإقواء نفسه ، إلا أنه عطف الإقواء على السناد لاختلاف لفظيهما كقول الحطيئة :


                                                          وهند أتى من دونها النأي والبعد

                                                          قال : ومثله كثير . قال : وقول سيبويه هذا باب المسند والمسند إليه ؛ المسند هو الجزء الأول من الجملة ، والمسند إليه الجزء الثاني منها ، والهاء من إليه تعود على اللام في المسند الأول ، واللام في قوله : المسند إليه وهو الجزء الثاني يعود عليها ضمير مرفوع في نفس المسند ، لأنه أقيم مقام الفاعل ، فإن أكدت ذلك الضمير قلت : هذا باب المسند والمسند هو إليه . قال الخليل : الكلام سند ومسند ، فالسند كقولك عبد الله رجل صالح ، فعبد الله سند ، ورجل صالح مسند إليه ؛ التهذيب في ترجمة " قصم " قال الرياشي : أنشدني الأصمعي في النون مع الميم :


                                                          تطعنها بخنجر من لحم     تحت الذنابى في مكان سخن

                                                          قال : ويسمى هذا السناد . قال الفراء : سمى الدال والجيم الإجادة ؛ رواه عن الخليل . الكسائي : رجل سندأوة وقندأوة وهو الخفيف ؛ وقال الفراء : هي من النوق الجريئة . أبو سعيد : السندأوة خرقة تكون وقاية تحت العمامة من الدهن . والأسناد : شجر . والسندان : الصلاءة . والسند : جيل معروف ، والجمع سنود وأسناد . وسند : بلاد ، تقول سندي للواحد وسند للجماعة ، مثل زنجي وزنج . والمسندة والمسندية : ضرب من الثياب . وفي حديث عائشة رضي الله عنها : أنه رأى عليها أربعة أثواب سند ؛ قيل : هو نوع من البرود اليمانية وفيه لغتان : سند وسند ، والجمع أسناد . وسنداد : موضع . والسند : بلد معروف في البادية ؛ ومنه قوله :


                                                          يا دار مية بالعلياء فالسند



                                                          والعلياء : اسم بلد آخر . وسنداد : اسم نهر ، ومنه قول الأسود بن يعفر :


                                                          والقصر ذي الشرفات من سنداد



                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية