الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ سهر ]

                                                          سهر : السهر : الأرق وقد سهر ، بالكسر ، يسهر سهرا ، فهو ساهر : لم ينم ليلا ، وهو سهران ، أسهره غيره ، ورجل سهرة مثال همزة : أي كثير السهر ، عن يعقوب . ومن دعاء العرب على الإنسان : ما له سهر وعبر وقد أسهرني الهم أو الوجع ؛ قال ذو الرمة ووصف حميرا وردت مصايد :


                                                          وقد أسهرت ذا أسهم بات جاذلا له فوق زجي مرفقيه وحاوح



                                                          الليث : السهر امتناع النوم بالليل . ورجل سهار العين : لا يغلبه النوم ، عن اللحياني . وقالوا : ليل ساهر ، أي ذو سهر ، كما قالوا ليل نائم ؛ وقول النابغة :


                                                          كتمتك ليلا بالجمومين ساهرا     وهمين هما مستكنا وظاهرا



                                                          يجوز أن يكون ساهرا نعتا لليل جعله ساهرا على الاتساع ، وأن يكون حالا من التاء في كتمتك ؛ وقول أبي كبير :


                                                          فسهرت عنها الكالئين فلم أنم     حتى التفت إلى السماك الأعزل



                                                          أراد سهرت معهما حتى ناما ، وفي التهذيب : السهار والسهاد ، بالراء والدال ، والساهرة الأرض ، وقيل : وجهها . وفي التنزيل : فإذا هم بالساهرة ؛ وقيل : الساهرة الفلاة ؛ قال أبو كبير الهذلي :


                                                          يرتدن ساهرة كأن جميمها     وعميمها أسداف ليل مظلم



                                                          وقيل : هي الأرض التي لم توطأ ، وقيل : هي أرض يجددها الله يوم القيامة . الليث : الساهرة وجه الأرض العريضة البسيطة . وقال الفراء : الساهرة وجه الأرض كأنها سميت بهذا الاسم لأن فيها الحيوان نومهم وسهرهم ، وقال ابن عباس : الساهرة الأرض ؛ وأنشد :


                                                          وفيها لحم ساهرة وبحر     وما فاهوا به لهم مقيم



                                                          وساهور العين : أصلها ومنبع مائها ، يعني عين الماء ؛ قال أبو النجم :


                                                          لاقت تميم الموت في ساهورها     بين الصفا والعيس من سديرها



                                                          ويقال لعين الماء : ساهرة إذا كانت جارية ، وفي الحديث " خير المال عين ساهرة لعين نائمة " ؛ أي عين ماء تجري ليلا ونهارا وصاحبها نائم ، فجعل دوام جريها سهرا لها ، ويقال للناقة : إنها لساهرة العرق وهو طول حفلها وكثرة لبنها ، الأسهران : عرقان يصعدان من الأنثيين حتى يجتمعا عند باطن الفيشلة ، وهما عرقا المني ، وقيل : هما العرقان اللذان يندران من الذكر عند الإنعاظ ، وقيل : هما عرقان في المتن يجري فيهما الماء ، وقيل : هما عرقان في المتن يجري فيهما الماء ثم يقع في الذكر ؛ قال الشماخ :


                                                          توائل من مصك أنصبته     حوالب أسهريه بالذنين



                                                          وأنكر الأصمعي الأسهرين ، قال : وإنما الرواية أسهرته أي لم تدعه ينام ، وذكر أن أبا عبيدة غلط ، قال أبو حاتم وهو في كتاب عبد الغفار الخزاعي وإنما أخذ كتابه فزاد فيه ، أعني كتاب صفة الخيل ، ولم يكن لأبي عبيدة علم بصفة الخيل . وقال الأصمعي : لو أحضرته فرسا وقيل : ضع يدك على شيء منه ما درى أين يضعها . وقال أبو عمرو الشيباني في قول الشماخ : حوالب أسهريه ، قال : أسهراه ذكره وأنفه ، قال : ورواه شمر له يصف حمارا وأتنه . والأسهران : عرقان في الأنف ، وقيل : عرقان في العين ، وقيل : هما عرقان في المنخرين من باطن إذا اغتلم الحمار سالا دما أو ماء ، والساهرة والساهور : كالغلاف للقمر يدخل فيه إذا كسف فيما تزعمه العرب ؛ قال أمية بن أبي الصلت :


                                                          لا نقص فيه غير أن خبيئه     قمر وساهور يسل ويغمد



                                                          وقيل : الساهور للقمر كالغلاف للشيء ، وقال آخر يصف امرأة :


                                                          كأنها عرق سام عند ضاربه     أو فلقة خرجت من جوف ساهور



                                                          يعني شقة القمر ؛ قال القتيبي : وقال الشاعر :


                                                          كأنها بهثة ترعى بأقربة     أو شقة خرجت من جنب ساهور



                                                          البهثة : البقرة . والشقة : شقة القمر ؛ ويروى من جنب ناهور ، والناهور السحاب . قال القتيبي : يقال للقمر إذا كسف : دخل في ساهوره ، وهو الغاسق إذا وقب ، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - لعائشة - رضي الله عنها - وأشار إلى القمر فقال " تعوذي بالله من هذا فإنه الغاسق إذا وقب " ؛ يريد : يسود إذا كسف ، وكل شيء اسود فقد غسق . والساهور والسهر : نفس القمر ، والساهور : دارة القمر ، كلاهما سرياني . ويقال : الساهور ظل الساهرة ، وهي وجه الأرض .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية