الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ سوم ]

                                                          سوم : السوم : عرض السلعة على البيع . الجوهري : السوم في المبايعة يقال منه ساومته سواما ، واستام علي ، وتساومنا . المحكم وغيره : سمت بالسلعة أسوم بها سوما وساومت واستمت بها وعليها غاليت ، واستمته إياها وعليها غاليت ، واستمته إياها سألته سومها ، وسامنيها ذكر لي سومها . وإنه لغالي السيمة والسومة إذا كان يغلي السوم . ويقال : سمت فلانا سلعتي سوما إذا قلت أتأخذها بكذا من الثمن ؟ ومثل ذلك سمت بسلعتي سوما . ويقال : استمت عليه بسلعتي استياما إذا كنت أنت تذكر ثمنها . ويقال : استام مني بسلعتي استياما إذا كان هو العارض عليك الثمن . وسامني الرجل بسلعته سوما : وذلك حين يذكر لك هو ثمنها ، والاسم من جميع ذلك السومة والسيمة . وفي الحديث : نهى أن يسوم الرجل على سوم أخيه ؛ المساومة : المجاذبة بين البائع والمشتري على السلعة وفصل ثمنها ، والمنهي عنه أن يتساوم المتبايعان في السلعة ويتقارب الانعقاد فيجيء رجل آخر يريد أن يشتري تلك السلعة ويخرجها من يد المشتري الأول بزيادة على ما استقر الأمر عليه بين المتساومين ورضيا به قبل الانعقاد ، فذلك ممنوع عند المقاربة لما فيه من الإفساد ، ومباح في [ ص: 308 ] أول العرض والمساومة . وفي الحديث أيضا : أنه - صلى الله عليه وسلم - نهى عن السوم قبل طلوع الشمس ؛ قال أبو إسحاق : السوم أن يساوم بسلعته ، ونهى عن ذلك في ذلك الوقت لأنه وقت يذكر الله فيه فلا يشتغل بغيره ، قال : ويجوز أن يكون السوم من رعي الإبل لأنها إذا رعت الرعي قبل شروق الشمس عليه وهو ند أصابها منه داء قتلها ، وذلك معروف عند أهل الماء من العرب . وسمتك بعيرك سيمة حسنة ، وإنه لغالي السيمة . وسام أي مر ؛ وقال صخر الهذلي :

                                                          أتيح لها أقيدر ذو حشيف إذا سامت على الملقات ساما

                                                          سوم الرياح : مرها ، وسامت الإبل والريح سوما : استمرت ؛ وقول ذي الرمة :


                                                          ومستامة تستام وهي رخيصة     تباع بصاحات الأيادي وتمسح

                                                          يعني أرضا تسوم فيها الإبل ، من السوم الذي هو الرعي لا من السوم الذي هو البيع ، وتباع : تمد فيها الإبل باعها ، وتمسح : من المسح الذي هو القطع ، من قول الله عز وجل : فطفق مسحا بالسوق والأعناق ؛ الأصمعي : السوم سرعة المر ؛ يقال : سامت الناقة تسوم سوما ؛ وأنشد بيت الراعي :


                                                          مقاء منفتق الإبطين ماهرة     بالسوم ناط يديها حارك سند

                                                          ومنه قول عبد الله ذي النجادين يخاطب ناقة سيدنا رسول الله ، صلى الله عليه وسلم :


                                                          تعرضي مدارجا وسومي     تعرض الجوزاء للنجوم

                                                          وقال غيره : السوم سرعة المر مع قصد الصوب في السير . والسوام والسائمة بمعنى : وهو المال الراعي . وسامت الراعية والماشية والغنم تسوم سوما : رعت حيث شاءت ، فهي سائمة ؛ وقوله أنشده ثعلب :


                                                          ذاك أم حقباء بيدانة     غربة العين جهاد المسام

                                                          وفسره فقال : المسام الذي تسومه أي تلزمه ولا تبرح منه . والسوام والسائمة : الإبل الراعية . وأسامها هو : أرعاها ، وسومها ، وأسمتها أنا : أخرجتها إلى الرعي ؛ قال الله تعالى : فيه تسيمون . والسوام : كل ما رعى من المال في الفلوات إذا خلي وسومه يرعى حيث شاء . والسائم : الذاهب على وجهه حيث شاء . يقال : سامت السائمة وأنا أسمتها أسيمها إذا رعيتها . ثعلب : أسمت الإبل إذا خليتها ترعى . وقال الأصمعي : السوام والسائمة كل إبل ترسل ترعى ولا تعلف في الأصل ، وجمع السائم والسائمة سوائم . وفي الحديث : في سائمة الغنم زكاة . وفي الحديث أيضا : السائمة جبار ، يعني أن الدابة المرسلة في مرعاها إذا أصابت إنسانا كانت جنايتها هدرا . وسامه الأمر سوما : كلفه إياه ، وقال الزجاج : أولاه إياه ، وأكثر ما يستعمل في العذاب والشر والظلم . وفي التنزيل : يسومونكم سوء العذاب ؛ وقال أبو إسحاق : يسومونكم يولونكم ؛ التهذيب : السوم من قوله تعالى : يسومونكم سوء العذاب ؛ قال الليث : السوم أن تجشم إنسانا مشقة أو سوءا أو ظلما ، وقال شمر : ساموهم أرادوهم به ، وقيل : عرضوا عليهم ، والعرب تقول : عرض علي سوم عالة ؛ قال الكسائي : وهو بمعنى قول العامة عرض سابري ؛ قال شمر : يضرب هذا مثلا لمن يعرض عليك ما أنت عنه غني ، كالرجل يعلم أنك نزلت دار رجل ضيفا فيعرض عليك القرى . وسمته خسفا أي أوليته إياه وأردته عليه . ويقال : سمته حاجة أي كلفته إياها وجشمته إياها ، من قوله تعالى : يسومونكم سوء العذاب ؛ أي يجشمونكم أشد العذاب . وفي حديث فاطمة : أنها أتت النبي - صلى الله عليه وسلم - ببرمة فيها سخينة فأكل وما سامني غيره ، وما أكل قط إلا سامني غيره . هو من السوم التكليف ، وقيل : معناه عرض علي ، من السوم وهو طلب الشراء . وفي حديث علي ، عليه السلام : من ترك الجهاد ألبسه الله الذلة وسيم الخسف . أي : كلف وألزم . والسومة والسيمة والسيماء والسيمياء : العلامة . وسوم الفرس : جعل عليه السيمة . وقوله عز وجل : حجارة من طين مسومة عند ربك للمسرفين ؛ قال الزجاج : روي عن الحسن أنها معلمة ببياض وحمرة ، وقال غيره : مسومة بعلامة يعلم بها أنها ليست من حجارة الدنيا ويعلم بسيماها أنها مما عذب الله بها ؛ الجوهري : مسومة أي عليها أمثال الخواتيم . الجوهري : السومة - بالضم - العلامة تجعل على الشاة وفي الحرب أيضا ، تقول منه : تسوم . قال أبو بكر : قولهم : عليه سيما حسنة - معناه علامة ، وهي مأخوذة من وسمت أسم ، قال : والأصل في سيما وسمى فحولت الواو من موضع الفاء فوضعت في موضع العين ، كما قالوا ما أطيبه وأيطبه ، فصار سومى وجعلت الواو ياء لسكونها وانكسار ما قبلها . وفي التنزيل العزيز : والخيل المسومة ؛ قال أبو زيد : الخيل المسومة المرسلة وعليها ركبانها ، وهو من قولك : سومت فلانا إذا خليته وسومه ، أي : وما يريد . وقيل : الخيل المسومة هي التي عليها السيما والسومة وهي العلامة . وقال ابن الأعرابي : السيم العلامات على صوف الغنم . وقال تعالى : من الملائكة مسومين ؛ قرئ بفتح الواو ، أراد معلمين ، والخيل المسومة : المرعية ، والمسومة المعلمة . وقوله تعالى : مسومين ؛ قال الأخفش : يكون معلمين ويكون مرسلين من قولك سوم فيها الخيل أي أرسلها ؛ ومنه السائمة وإنما جاء بالياء والنون لأن الخيل سومت وعليها ركبانها . وفي الحديث : إن لله فرسانا من أهل السماء مسومين أي معلمين . وفي الحديث : قال يوم بدر : سوموا فإن الملائكة قد سومت ، أي : اعملوا لكم علامة يعرف بها بعضكم بعضا . وفي حديث الخوارج : سيماهم التحليق أي علامتهم ، والأصل فيها الواو فقلبت لكسرة السين وتمد وتقصر ، الليث : سوم فلان فرسه إذا أعلم عليه بحريرة أو بشيء يعرف به ، قال : والسيما ياؤها في الأصل واو ، وهي العلامة يعرف بها الخير والشر . قال الله تعالى : تعرفهم بسيماهم ؛ قال : وفيه لغة أخرى السيماء بالمد ؛ قال الراجز :


                                                          غلام رماه الله بالحسن يافعا     له سيماء لا تشق على البصر

                                                          تأنيث سيما غير مجرى . الجوهري : السيما مقصور من الواو ، قال [ ص: 309 ] تعالى : سيماهم في وجوههم ؛ قال : وقد يجيء السيما والسيميا ممدودين ؛ وأنشد لأسيد بن عنقاء الفزاري يمدح عميلة حين قاسمه ماله :


                                                          غلام رماه الله بالحسن يافعا     له سيمياء لا تشق على البصر
                                                          كأن الثريا علقت فوق نحره     وفي جيده الشعرى وفي وجهه القمر

                                                          له سيمياء لا تشق على البصر أي يفرح به من ينظر إليه . قال ابن بري : وحكى علي بن حمزة أن أبا رياش قال : لا يروي بيت ابن عنقاء الفزاري :


                                                          غلام رماه الله بالحسن يافعا

                                                          إلا أعمى البصيرة لأن الحسن مولود ، وإنما هو :

                                                          رماه الله بالخير يافعا ، قال : حكاه أبو رياش عن أبي زيد . الأصمعي : السيماء ، ممدودة ، السيمياء ؛ أنشد شمر في باب السيما مقصورة للجعدي :


                                                          ولهم سيما إذا تبصرهم     بينت ريبة من كان سأل

                                                          والسامة : الحفر الذي على الركية ، والجمع سيم ، وقد أسامها ، والسامة : عرق في الجبل مخالف لجبلته إذا أخذ من المشرق إلى المغرب لم يخلف أن يكون فيه معدن فضة ، والجمع سام ، وقيل : السام عروق الذهب والفضة في الحجر ، وقيل : السام عروق الذهب والفضة ، واحدته سامة ، وبه سمي سامة بن لؤي بن غالب ؛ قال قيس بن الخطيم :


                                                          لو أنك تلقي حنظلا فوق بيضنا     تدحرج عن ذي سامه المتقارب

                                                          أي على ذي سامه ، وعن فيه بمعنى على ، والهاء في سامه ترجع إلى البيض ، يعني البيض المموه بها ، أي : البيض الذي له سام ؛ قال ثعلب : معناه أنهم تراصوا في الحرب حتى لو وقع حنظل على رءوسهم على املاسه واستواء أجزائه لم ينزل إلى الأرض ، قال : وقال الأصمعي و ابن الأعرابي وغيره : السام الذهب والفضة ؛ قال النابغة الجعدي :


                                                          كأن فاها إذا توسن من     طيب رضاب وحسن مبتسم
                                                          ركب في السام والزبيب أقا     حي كثيب يندى من الرهم

                                                          قال : فهذا لا يكون إلا فضة لأنه إنما شبه أسنان الثغر بها في بياضها ، والأعرف من كل ذلك أن السام الذهب دون الفضة . أبو سعيد : يقال للفضة بالفارسية سيم وبالعربية سام . والسام : الموت . وروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : في الحبة السوداء شفاء من كل داء إلا السام ، قيل : وما السام ؟ قال : الموت . وفي الحديث : كانت اليهود إذا سلموا على النبي - صلى الله عليه وسلم - قالوا : السام عليكم ، ويظهرون أنهم يريدون السلام عليكم ، فكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يرد عليهما فيقول : وعليكم . أي : وعليكم مثل ما دعوتم . وفي حديث عائشة : أنها سمعت اليهود تقول للنبي ، صلى الله عليه وسلم : السام عليك يا أبا القاسم ، فقالت : عليكم السام والذام واللعنة ، ولهذا قال ، عليه السلام : إذا سلم عليكم أهل الكتاب فقولوا وعليكم . يعني : الذي يقولون لكم ردوه عليهم ؛ قال الخطابي : عامة المحدثين يروون هذا الحديث يقولون : وعليكم ، بإثبات واو العطف ، قال : وكان ابن عيينة يرويه بغير واو وهو الصواب لأنه إذا حذف الواو صار قولهم الذي قالوه بعينه مردودا عليهم خاصة ، وإذا أثبت الواو وقع الاشتراك معهم فيما قالوه لأن الواو تجمع بين الشيئين ، والله أعلم . وفي الحديث : لكل داء دواء إلا السام يعني الموت . والسام : شجر تعمل منه أدقال السفن ؛ هذه عن كراع ؛ وأنشد شمر قول العجاج :


                                                          ودقل أجرد شوذبي     صعل من السام ورباني

                                                          أجرد يقول الدقل لا قشر عليه ، والصعل الدقيق الرأس ، يعني رأس الدقل ، والسام شجر يقول الدقل منه ، ورباني : رأس الملاحين . وسام إذا رعى ، وسام إذا طلب ، وسام إذا باع ، وسام إذا عذب . النضر : سام يسوم إذا مر . وسامت الناقة إذا مضت ، وخلى لها سومها أي وجهها . وقال شجاع : يقال سار القوم وساموا - بمعنى واحد . ابن الأعرابي : السامة الساقة ، والسامة الموتة ، والسامة السبيكة من الذهب ، والسامة السبيكة من الفضة ، وأما قولهم لا سيما فإن تفسيره في موضعه لأن " ما " فيها صلة . وسامت الطير على الشيء تسوم سوما : حامت ، وقيل : كل حوم سوم . وخليته وسومه ، أي : وما يريد . وسومه : خلاه وسومه أي وما يريد . ومن أمثالهم : عبد وسوم أي وخلي وما يريد . وسومه في مالي : حكمه . وسومت الرجل تسويما إذا حكمته في مالك . وسومت على القوم إذا أغرت عليهم فعثت فيهم . وسومت فلانا في مالي إذا حكمته في مالك . والسوم : العرض ؛ عن كراع . والسوام : طائر . وسام : من بني آدم ، قال ابن سيده : وقضينا على ألفه بالواو لأنها عين . الجوهري : سام أحد بني نوح - عليه السلام - وهو أبو العرب . وسيوم : جبل يقولون - والله أعلم - من حطها من رأس سيوم ؟ يريدون شاة مسروقة من هذا الجبل .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية