الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 328 ] سورة القصص

3- من نبإ موسى أي من خبره.

وجعل أهلها شيعا أي فرقا وأصنافا في الخدمة.

يستضعف طائفة منهم يعني: بني إسرائيل .

5- ونجعلهم الوارثين للأرض.

7- وأوحينا إلى أم موسى أي ألقينا في قلبها. ومثله: وإذ أوحيت إلى الحواريين .

فألقيه في اليم أي في البحر.

8- فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوا وحزنا لم يلتقطوه في وقتهم ذاك لهذه العلة. وإنما التقطوه: ليكون لهم ولدا بالتبني; فكان عدوا وحزنا فاختصر الكلام.

10- وأصبح فؤاد أم موسى فارغا قال أبو عبيدة: "فارغا من الحزن لعلمها أنه لم يقتل"; أو قال: لم يغرق .

وهذا من أعجب التفسير. كيف يكون فؤادها من الحزن فارغا في وقتها ذاك، والله سبحانه يقول: لولا أن ربطنا على قلبها ؟! وهل يربط إلا على قلب [ ص: 329 ] الجازع والمحزون؟! والعرب تقول للخائف والجبان: "فؤاده هواء". لأنه لا يعي عزما ولا صبرا. قال الله وأفئدتهم هواء . وقد خالفه المفسرون إلى الصواب فقالوا أصبح فارغا من كل شيء إلا من أمر موسى; كأنها لم تهتم بشيء -مما يهتم به الحي- إلا أمر ولدها.

11- وقالت لأخته قصيه أي قصي أثره واتبعيه.

فبصرت به عن جنب أي عن بعد منها عنه وإعراض: لئلا يفطنوا لها. و"المجانبة" من هذا.

وهم لا يشعرون بها.

12- وحرمنا عليه المراضع أي منعناه أن يرضع [منهن] و"المراضع": جمع "مرضع".

يكفلونه أي يضمونه إليهم.

14- ولما بلغ أشده قد تقدم ذكره .

واستوى أي استحكم وانتهى شبابه واستقر: فلم تكن فيه زيادة.

15- ودخل المدينة على حين غفلة من أهلها يقال: نصف النهار.

هذا من شيعته أي من أصحابه. يعني: بني إسرائيل.

وهذا من عدوه أي من أعدائه. و "العدو" يدل على الواحد، وعلى الجمع . [ ص: 330 ] فوكزه موسى أي لكزه. يقال وكزته ولكزته [ونكزته ونهزته] ولهزته; إذا دفعته.

فقضى عليه أي قتله. وكل شيء فرغت منه: فقد قضيته، وقضيت عليه.

18- خائفا يترقب أي ينتظر سوءا يناله منهم.

فإذا الذي استنصره بالأمس يستصرخه أي يستغيث به. يعني: الإسرائيلي.

قال له موسى إنك لغوي مبين يجوز أن يكون هذا القول للإسرائيلي . أي أغويتني بالأمس حتى قتلت بنصرتك رجلا. ويجوز أن يكون لعدوهما .

يسعى أي يسرع [في مشيه] .

قال يا موسى إن الملأ يعني: الوجوه من الناس والأشراف .

يأتمرون بك ليقتلوك قال أبو عبيدة: "يتشاورون فيك ليقتلوك". واحتج بقول الشاعر:


أحار بن عمرو! كأني خمر ... ويعدو على المرء ما يأتمر



وهذا غلط بين لمن تدبر، ومضادة للمعنى. كيف يعدو على المرء ما شاور فيه، [ ص: 331 ] والمشاورة بركة وخير؟! وإنما أراد: يعدو عليه ما هم به للناس من الشر. ومثله: قولهم: "من حفر حفرة وقع فيها".

وقوله: إن الملأ يأتمرون أي يهمون بك. يدلك على ذلك قول النمر بن تولب:


اعلمن أن كل مؤتمر ...     مخطئ في الرأي أحيانا


فإذا لم يصب رشدا ...     كان بعض اللوم ثنيانا



يعني: أن كل من ركب هواه وفعل ما فعل بغير مشاورة فلا بد من أن يخطئ أحيانا. فإذا لم يصب رشدا لامه الناس مرتين: مرة لركوبه الأمر بغير مشاورة، ومرة لغلطه.

ومما يدلك على ذلك أيضا قوله عز وجل: وأتمروا بينكم بمعروف لم يرد تشاوروا، وإنما أراد: هموا به، واعتزموا عليه. وقالوا في تفسيره: هو أن لا تضر المرأة بزوجها، ولا الزوج بالمرأة.

ولو أراد المعنى الذي ذهب إليه أبو عبيدة، لكان أولى به أن يقول: "إن الملأ يتآمرون فيك" أي يستأمر بعضهم بعضا.

22- تلقاء مدين أي تجاه مدين ونحوها. وأصله: "اللقاء". زيدت فيه التاء. قال الشاعر:


فاليوم قصر عن تلقائه الأمل

[ ص: 332 ] أي عن لقائه.

سواء السبيل أي قصده.

23- وجد عليه أمة من الناس يسقون أي جماعة .

ووجد من دونهم امرأتين تذودان أي تكفان غنمهما. وحذف "الغنم" اختصارا.

وفي تفسير أبي صالح: "تحبس إحداهما الغنم على الأخرى".

قال ما خطبكما أي ما أمركما؟ وما شأنكما؟.

(يصدر الرعاء أي يرجع الرعاء. ومن قرأ: يصدر الرعاء ; أراد: يرد الرعاء أغنامهم عن الماء.

27- على أن تأجرني أي تجازيني عن التزويج، والأجر من الله إنما هو: الجزاء على العمل.

28- أيما الأجلين قضيت فلا عدوان علي قال المفسرون: لا سبيل علي. والأصل من "التعدي"، وهو: الظلم. كأنه قال: أي الأجلين قضيت، فلا تعتد علي بأن تلزمني أكثر منه.

29- أو جذوة من النار أي قطعة منها. ومثلها الجذمة وفي التفسير: "الجذوة عود قد احترق". [ ص: 333 ]

32- اسلك يدك في جيبك أي أدخل يدك، يقال: سلكت يدي وأسلكتها .

(الجناح الإبط. والجناح: اليد أيضا.

الرهب والرهب [والرهب] والرهبة واحد.

برهانان أي حجتان.

34- فأرسله معي ردءا أي معينا. يقال: أردأته على كذا، أي أعنته.

35- ونجعل لكما سلطانا أي حجة.

38- فأوقد لي يا هامان على الطين أي اصنع لي الآجر.

فاجعل لي منه صرحا أي قصرا عاليا.

45- وما كنت ثاويا في أهل مدين أي مقيما. يقال: ثويت بالمكان; إذا أقمت به. ومنه قيل للضيف: الثوي.

48- (ساحران تظاهرا) أي تعاونا.

51- ولقد وصلنا لهم القول أي أتبعنا بعضه بعضا، فاتصل عندهم. يعني: القرآن.

57- أولم نمكن لهم حرما آمنا أي ألم نسكنهم إياه ونجعله مكانا لهم؟!. [ ص: 334 ]

58- بطرت معيشتها أي أشرت. وكأن المعنى: أبطرتها معيشتها. كما تقول: أبطرك مالك، فبطرت.

59- في أمها رسولا أي في أعظمها.

61- ثم هو يوم القيامة من المحضرين أي محضري النار.

63- الذين حق عليهم القول أي وجبت عليهم الحجة، فوجب العذاب.

66- فعميت عليهم الأنباء أي عموا عنها -من شدة الهول يومئذ- فلم يجيبوا. و"الأنباء": الحجج هاهنا.

68- وربك يخلق ما يشاء ويختار أي يختار للرسالة.

ما كان لهم الخيرة أي لا يرسل الله الرسل على اختيارهم.

71- ( السرمد ) الدائم.

75- ونزعنا من كل أمة شهيدا أي: أحضرنا رسولهم المبعوث إليهم.

76- ما إن مفاتحه لتنوء بالعصبة أي تميل بها العصبة -إذا حملتها- من ثقلها. يقال: ناءت بالعصبة، أي مالت بها. وأناءت العصبة: أمالتها. ونحوه في المعنى قوله: ولا يئوده حفظهما أي لا يثقله حتى يؤوده، أي يميله. [ ص: 335 ] و"العصبة": ما بين العشرة إلى الأربعين.

وفي تفسير أبي صالح: ما إن مفاتحه يعني: الكنز نفسه وقد تكون "المفاتح": مكان الخزائن. قال في موضع آخر: أو ما ملكتم مفاتحه أي ما ملكتموه: من المخزون. وقال: وعنده مفاتح الغيب نرى: أنها خزائنه.

لا تفرح لا تأشر، ولا تبطر. قال الشاعر:


ولست بمفراح إذا الدهر سرني ...     ولا جازع من صرفه المتحول



أي لست بأشر. فأما السرور فليس بمكروه.

77- ولا تنس نصيبك من الدنيا أي لا تترك حظك منها.

78- قال إنما أوتيته على علم عندي أي لفضل عندي. وروي في التفسير: أنه كان أقرأ بني إسرائيل للتوراة .

ولا يسأل عن ذنوبهم المجرمون قال قتادة يدخلون النار بغير حساب. وقال غيره يعرفون بسيماهم. [ ص: 336 ]

80- ولا يلقاها أي لا يوفق لها. ويقال: يرزقها.

82- ويكأن الله قال قتادة: هي "ألم تعلم! ". وقال أبو عبيدة: سبيلها سبيل "ألم تر؟ ".

وقد ذكرت الحرف والاختلاف فيه، في كتاب "تأويل المشكل" .

85- إن الذي فرض عليك القرآن أي أوجب عليك العمل به. وقال بعض المفسرين أنزله عليك.

لرادك إلى معاد قال مجاهد: يعني مكة. وفي تفسير أبي صالح: "أن جبريل -عليه السلام- أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أتشتاق إلى مولدك ووطنك، يعني: مكة؟ قال: نعم. فأنزل الله عز وجل هذه الآية: وهو فيما بين مكة والمدينة".

وقال الحسن والزهري - أحدهما: "معاده: يوم القيامة"; والآخر: "معاده: الجنة".

وقال قتادة: هذا مما كان ابن عباس يكتمه .

التالي السابق


الخدمات العلمية