الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ برج ]

                                                          برج : البرج : تباعد ما بين الحاجبين ، وكل ظاهر مرتفع فقد برج ، وإنما قيل للبروج بروج لظهورها وبيانها وارتفاعها . والبرج : نجل العين ، وهو سعتها ; وقيل : البرج سعة العين في شدة بياض صاحبها ; ابن سيده : البرج سعة العين ; وقيل : سعة بياض العين وعظم المقلة وحسن الحدقة ; وقيل : هو نقاء بياضها وصفاء سوادها ; وقيل : هو أن يكون بياض العين محدقا بالسواد كله ، لا يغيب من سوادها شيء . برج برجا ، وهو أبرج ، وعين برجاء ; وفي صفة عمر - رضي الله عنه : أدلم أبرج ; هو من ذلك . وامرأة برجاء : بينة البرج ; ومنه قيل : ثوب مبرج للمعين من الحلل . والتبرج : إظهار المرأة زينتها ومحاسنها للرجال . وتبرجت المرأة : أظهرت وجهها . وإذا أبدت المرأة محاسن جيدها ووجهها ، قيل : تبرجت ، وترى مع ذلك في عينيها حسن نظر ، كقول ابن عرس في الجنيد بن عبد الرحمن يهجوه :


                                                          يبغض من عينيك تبريجها وصورة في جسد فاسد



                                                          وقال أبو إسحاق في قوله عز وجل : غير متبرجات بزينة ; التبرج : إظهار الزينة وما يستدعى به شهوة الرجل ; وقيل : إنهن كن يتكسرن في مشيهن ويتبخترن ; وقال الفراء في قوله - تعالى : ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى ; ذلك في زمن ولد فيه إبراهيم النبي - عليه السلام - كانت المرأة إذ ذاك تلبس الدرع من اللؤلؤ غير مخيط الجانبين ; ويقال : كانت تلبس الثياب سلع المال لا تواري جسدها فأمرن أن لا يفعلن ذلك ; وفي الحديث : كان يكره عشر خلال ، منها التبرج بالزينة لغير محلها ; والتبرج : إظهار الزينة للناس الأجانب ، وهو المذموم ، فأما للزوج فلا ، وهو معنى قوله لغير محلها . وتباريج النبات : أزاهيره . والبرج : واحد من بروج الفلك ، وهي اثنا عشر برجا ، كل برج منها منزلتان وثلث ، منزل للقمر ، وثلاثون درجة للشمس ، إذا غاب منها ستة طلع ستة ، ولكل برج اسم على حدة ، فأولها الحمل ، وأول الحمل الشرطان ، وهما قرنا الحمل كوكبان أبيضان إلى جنب السمكة ، وخلف الشرطين البطين ، وهي ثلاثة كواكب ، فهذان منزلان وثلث للثريا من برج الحمل . قال محمد بن المكرم : قوله : كل برج منها منزلتان وثلث منزل للقمر وثلاثون درجة للشمس كلام صحيح ، لكن الشمس والقمر سواء في ذلك ، وكان حقه أن يقول : كل برج منها منزلان ، وثلث منزل للشمس والقمر ، وثلاثون درجة لهما . وقوله أيضا : وأول الحمل الشرطان وهما قرنا الحمل ، إلى وثلث للثريا من برج الحمل ، قد انتقض عليه الآن ، فإن أول دقيقة في برج الحمل اليوم ، بعض الرشاء والشرطين وبعض البطين ، والله أعلم . والجمع أبراج وبروج ، وكذلك بروج المدينة والقصر ، والواحد كالواحد ; وقال أبو إسحاق في قوله - تعالى : والسماء ذات البروج ; قيل : ذات الكواكب ; وقيل : ذات القصور في السماء . الفراء : اختلفوا في البروج ، فقالوا : هي النجوم ، وقالوا : هي البروج المعروفة اثنا عشر برجا ، وقالوا : هي القصور في السماء ، والله أعلم بما أراد . وقوله تعالى : ولو كنتم في بروج مشيدة ; البروج هاهنا : الحصون ، واحدها برج . الليث : بروج سور المدينة والحصن : بيوت تبنى على السور ; وقد تسمى بيوت تبنى على نواحي أركان القصر بروجا . الجوهري : برج الحصن ركنه ، والجمع بروج وأبراج ; وقال الزجاج في قوله : جعلنا في السماء بروجا ; قال : البروج الكواكب العظام . وثوب مبرج : فيه صور البروج ; وفي التهذيب : قد صور فيه تصاوير كبروج السور ; قال العجاج :


                                                          وقد لبسنا وشيه المبرجا



                                                          وقال :


                                                          كأن برجا فوقها مبرجا



                                                          شبه سنامها ببرج السور . ابن الأعرابي : برج أمره إذا اتسع أمره في الأكل والشرب . والبرجان ، من الحساب : أن يقال : ما مبلغ كذا ؟ أو ما جذر كذا ؟ الليث : حساب البرجان هو كقولك ما جذاء كذا في كذا ؟ وما جذر كذا وكذا ؟ فجذاؤه مبلغه ، وجذره أصله الذي يضرب بعضه في بعض ، وجملته البرجان . يقال : ما جذر مائة ؟ فيقال : عشرة ; ويقال : ما جذاء عشرة ؟ فيقال : مائة . ابن الأعرابي : أبرج الرجل إذا جاء ببنين ملاح . والبارج : الملاح الفاره . الأصمعي : البوارج السفن الكبار ، واحدتها بارجة ، وهي الفلاس والخلايا . والبارجة : سفينة من سفن البحر تتخذ للقتال . والإبريج : الممخضة ; قال الشاعر :


                                                          لقد تمخض في قلبي مودتها     كما تمخض في إبريجه اللبن



                                                          الهاء في إبريجه ترجع إلى اللبن . وما فلان إلا بارجة قد جمع فيه الشر . وبرجان : جنس من الروم يسمون كذلك ; قال الأعشى :


                                                          وهرقل ، يوم ذي ساتيدما [ ص: 51 ]     من بني برجان في البأس رجح



                                                          يقول : هم رجح على بني برجان أي هم أرجح في القتال وشدة البأس منهم . وبرجان : اسم لص ; يقال : أسرق من برجان . وبرجان : اسم أعجمي .

                                                          والبرج : اسم شاعر . وبرجة : فرس سنان بن أبي سنان ، والله أعلم .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية