الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
[ ص: 89 ] فصل في تصرف الولاة ونوابهم يتصرف الولاة ونوابهم بما ذكرنا من التصرفات بما هو الأصلح للمولى عليه درءا للضرر والفساد ، وجلبا للنفع والرشاد ، ولا يقتصر أحدهم على الصلاح مع القدرة على الأصلح إلا أن يؤدي إلى مشقة شديدة ، ولا يتخيرون في التصرف حسب تخيرهم في حقوق أنفسهم مثل أن يبيعوا درهما بدرهم ، أو مكيلة زبيب بمثلها لقول الله تعالى : { ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن } ، وإن كان هذا في حقوق اليتامى فأولى أن يثبت في حقوق عامة المسلمين فيما يتصرف فيه الأئمة من الأموال العامة ; لأن اعتناء الشرع بالمصالح العامة أوفر وأكثر من اعتنائه بالمصالح الخاصة ، وكل تصرف جر فسادا أو دفع صلاحا فهو منهي عنه كإضاعة المال بغير فائدة ، وإضرار الأمزجة لغير عائدة ، والأكل على الشبع منهي عنه ; لما فيه من إتلاف الأموال ، وإفساد الأمزجة ، وقد يؤدي إلى تفويت الأرواح ، ولو وقعت مثل قصة الخضر عليه السلام في زماننا هذا لجاز تعييب المال حفظا لأصله ولأوجبت الولاية ذلك في حق المولى عليه حفظا للأكثر بتفويت الأقل فإن الشرع يحصل الأصلح بتفويت المصالح ، كما يدرأ الأفسد بارتكاب المفاسد ، وما لا فساد فيه ولا صلاح فلا يتصرف فيه الولاة على المولى عليه إذا أمكن الانفكاك عنه .

التالي السابق


الخدمات العلمية