الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                          صفحة جزء
                                                                          فصل الشرط الثالث قصد الفعل بأن يرمي السهم أو ينصب نحو المنجل أو يرسل الجارح قاصدا الصيد لأن قتل [ ص: 432 ] الصيد أمر يعتبر له الدين فاعتبر له القصد كطهارة الحدث ( وهو إرسال الآلة لقصد صيد ) لحديث { إذا أرسلت كلبك المعلم وذكرت اسم الله عليه فكل } متفق عليه ولأن إرسال الجارح جعل بمنزلة الذبح ولهذا اعتبرت التسمية معه ( فلو احتك صيد بمحدد ) فعقره بلا قصد لم يحل ( ( أو سقط ) محدد على صيد ( فعقره بلا قصد ) لم يحل ( أو استرسل الجارح بنفسه فقتل صيدا لم يحل ولو زجره ) أي : الجارح ربه لفقد شرطه ( ما لم يزد ) الجارح ( في طلبه ) أي : الصيد ( بزجره ) فيحل حيث سمى عند زجره وجرح الصيد لأن زجره أثر في عدوه أشبه ما لو أرسله . ( ومن رمى هدفا ) أي مرتفعا من بناء أو كثيب رمل أو جبل فقتل صيدا لم يحل ( أو ) رمى ( رائدا صيدا ولم يره ) أي : يعلمه لحل صيد الأعمى إذا علمه بالحس ( أو ) رمى ( حجرا يظنه صيدا ) فقتل صيدا لم يحل لأنه لم يقصد صيدا على الحقيقة ( أو ) رمى ( ما علمه ) غير صيد ( أو ) رمى ما ( ظنه غير صيد فقتل صيدا لم يحل ) لعدم وجود الشرط وهو قصد الصيد ( وإن رمى صيدا فأصاب غيره ) حل ( أو ) رمى صيدا ( واحدا ) من صيود ( فأصاب عددا حل الكل ) وكذا جارح ) أرسل على صيد فقتل غيره أو على واحد فقتل عددا فيحل الجميع نصا لعموم الآية والأخبار ولأنه أرسله بقصد الصيد فحل ما صاده كما لو أرسله على كبار فتفرقت عن صغار أو أخذ صيدا في طريقه ( ومن أعانت ريح ما رمى به ) من سهم ( فقتل ولولاها ) أي : الريح ( ما وصل ) إليهم لم يحرم الصيد لأنه لا يمكن التحرز من الريح فسقط اعتبارها ورمي السهم له حكم الحل ( أو رده ) أي : ما رمى به الصائد من نحو سهم ( حجر أو نحوه ) على الصيد ( فقتل لم يحرم ) الصيد لما تقدم ( وتحل طريدة وهي الصيد بين قوم يأخذونه قطعا ) حتى يؤتى عليه وهو حي روى أحمد بإسناده عن الحسن أنه كان لا يرى بالطريدة بأسا كان المسلمون يفعلون ذلك في مغازيهم ( وما زال الناس يفعلونه في مغازيهم ) قال أحمد وليس هو عندي إلا أن الصيد يقع بينهم لا يقدرون على ذكاته فيأخذونه قطعا . ( وكذا الناد ) نصا ( ومن أثبت صيدا ملكه ) لأنه أزال امتناعه بإثباته كما لو قتله فإن تحامل فأخذه غيره لم يملكه ( ويرده آخذه ) لمن أثبته لأنه ملكه ( وإن لم يثبته فدخل محل غيره ) غير راميه الذي لم يثبته ( فأخذه رب المحل ) [ ص: 433 ] ملكه بأخذه لأن الأول لم يملكه ( أو وثب حوت فوقع بحجر شخص ولو بسفينة ) ملكه بذلك لسبقه إلى مباح وحيازته له ( أو دخل ظبي داره فأغلق بابها و ) لو ( جهله أو لم يقصد تملكه ) ملكه كما لو فتح حجره لأخذه فإن لم يغلق بابها عليه لم يملكه ( أو فرخ في برجه طائر غير مملوك ) ملكه صاحب البرج ولو مستأجرا له أو مستعيرا لحيازته له ( وفرخ ) طير ( مملوكة لمالكها ) نصا كالولد يتبع أمه قال في المبدع : ولو تحول طير من برج زيد إلى برج عمرو لزم عمرا رده وإن اختلط ولم يتميز منع عمرو من التصرف على وجه يمنع نقل الملك حتى يصطلحا ولو باع أحدهما الآخر حقه أو وهبه صح في الأقيس ( أو أحيا أرضا بها كنز ملكه ) بإحياء الأرض التي هو بها قطع به في التنقيح ونقله في الإنصاف عن الفروع قال : في شرحه في الأصح انتهى . وتقدم في غير موضع أنه لا يملك بملك الأرض لأنه مودع فيها للنقل منها والأولى حمله على المعدن الجامد لأنه يملكه بملك الأرض كما تقدم ( كنصب خيمته ) لذلك ( وفتح حجره لذلك ) أي : للصيد ( وكعمل بركة ل ) صيد ( سمك ) فما حصل منه بها ملكه وإن لم يقصد بها ذلك لم يملكه ( و ) كنصب ( شبكة وشرك وفخ ) نصا ( و ) نصب ( منجل ) لصيد ( وحبس جارح لصيد وبإلجائه ) أي : الجارح للصيد ( لمضيق لا يفلت منه ) فيملك الصيد بذلك كما لو أثبته ( ومن وقع بشبكة صيد فذهب ) الصيد ( بها ) أي : الشبكة ( فصاده آخر ) غير صاحب الشبكة ( ف ) الصيد ( للثاني ) لأن الأول لم يملكه لبقاء امتناعه وترد الشبكة لربها وكذا لو وقع بشرك أو فخ فذهب به فصاده آخر وإن كان يمشي بالشبكة ونحوها على وجه لا يقدر معه على الامتناع ممن يقصده فهو لصاحب الشبكة ونحوها وإن أمسكه الصائد من نحو شبكة وثبتت يده عليه ثم انفلت منه لم يزل ملكه عنه بأخذ غيره كدابة شردت . ( وإن وقعت سمكة بسفينة لا بحجر أحد ) ممن فيها ( ف ) السمكة ( لربها ) أي : السفينة لأنها ملكه ويده عليها لكن إن وثبت السمكة بفعل إنسان لقصد الصيد فهي له دون صاحب السفينة ودون من وقعت في حجره فيها لأن الصائد أثبتها بذلك ( ومن حصل ) بملكه صيد لمد الماء أو غيره أو توحل في أرضه لم يملكه ( أو عشش بملكه صيد أو طائر لم يملكه ) بذلك ولغيره أخذه لأن الدار ونحوها لم تعد للصيد كالبركة التي لم يقصد بها [ ص: 434 ] الاصطياد ( وإن سقط ) مما عشش بملكه ( يرمي به فله ) أي : لرب الملك سواء كان الرامي من أهل الدار أو غيرهم لأن دارهم حريمهم ذكره في عيون المسائل وغيرها .

                                                                          وفي الإقناع هو لراميه لأنه أثبته وجزم به في المغني وقال في الإنصاف إنه المنصوص ( ويحرم صيد سمك وغيره بنجاسة ) لأنه يأكلها فيصير كالجلالة وكره أحمد الصيد ببنات وردان وقال مأواها الحشوش وكذا بالضفادع وقال الضفدع نهي عن قتله ( ويكره صيد ) الطير ( بشباش وهو طائر ) كالبومة ( تخيط عيناه ويربط ) لأن فيه تعذيبا للحيوان ( و ) يكره أن يصاد صيد ( من وكره ) لخوف الأذى و ( لا ) يكره صيد ( الفرخ ) من وكره ( ولا ) يكره ( الصيد ليلا أو بما يسكر ) الصيد نصا ( ويباح ) الصيد ( بشبكة وفخ ودبق وكل حيلة ) وذكر جماعة يكره بمثقل كبندق وكره الشيخ تقي الدين الرمي ببندق مطلقا لنهي عثمان ونقل ابن منصور وغيره لا بأس ببيع البندق يرمى بها الصيد لا للعب و ( لا ) يباح الصيد ( بمنع ماء عنه ) لما فيه من تعذيبه فإن فعل حل أكله . ( ومن أرسل صيدا وقال أعتقتك أو لم يقل ) ذلك عند إرسال ( لم يزل ملكه عنه ) ذكره ابن حزم إجماعا كفعله ذلك ببهيمة الأنعام ( وكانفلاته ) أي : الصيد بلا إرسال .

                                                                          قال ابن عقيل ولا يجوز أعتقتك في حيوان مأكول لأنه فعل الجاهلية انتهى . فلا يملكه آخذه بإعراضه عنه ( بخلاف نحو كسرة أعرض عنها ف ) إنه ( يملكها آخذها ) لأنه مما لا تتبعه الهمة وعادة الناس الإعراض عن مثلها ( ومن وجد فيما صاده علامة ملك كقلادة برقبة و ) ك ( حلقة بأذن وقص جناح طائر فهو لقطة ) يعرفه واجده ولا يملكه باصطياده للقرينة .

                                                                          التالي السابق


                                                                          الخدمات العلمية