الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                              صفحة جزء
                                                                                              5310 (35) باب في التثاؤب وكظمه

                                                                                              [ 2550 ] عن أبي هريرة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " التثاؤب من الشيطان، فإن تثاءب أحدكم فليكظم ما استطاع".

                                                                                              رواه أحمد ( 2 \ 516 )، ومسلم (2994) (56)، والترمذي (370).

                                                                                              التالي السابق


                                                                                              و (قوله : " التثاؤب من الشيطان ") التثاؤب : مصدر تثاءب مهموزا ممدودا ، ولا يقال بالواو ، ومضارعه : يتثاءب ، والاسم : الثؤباء ، كل ذلك بالهمز . قال ابن دريد : أصله من : ثاب الرجل ، فهو مثوب : إذا استرخى وكسل ، ونسبته للشيطان ، لأنه يصدر عن تكسيله ، فإنه قل أن يصدر ذلك مع النشاط . وقيل : نسب إليه ؛ لأنه يرتضيه .

                                                                                              وفي البخاري عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن الله يحب العطاس ، ويكره التثاؤب ، فإذا عطس أحدكم . . . " الحديث ، كما تقدم . قال : " وأما التثاؤب فإنما هو من الشيطان ، فإذا تثاءب أحدكم فليرده ما استطاع ، فإن أحدكم إذا تثاءب ضحك الشيطان منه " . وهذا يشعر بصحة التأويل الثاني ، فإن ضحك الشيطان منه سخرية به ، لأنه صدر عنه التثاؤب الذي يكون عن الكسل ، وذلك كله يرضيه ، لأنه يجد به طريقا إلى التكسيل عن الخيرات والعبادات ، ولذلك جاء في بعض طرق هذا الحديث : " التثاؤب في الصلاة من الشيطان " ، لأن ذلك يدل [ ص: 626 ] على كسله فيها وعدم نشاطه ، فتثقل عليه ، فيملها ، فيستعجل فيها ، أو يخل بها .

                                                                                              و (قوله : " فليكظم ما استطاع ") هذا خطاب لمن غلبه ذلك ، فإنه يكسره بسد فاه ما أمكن ، أو بوضع يده على فمه . وأما من أحس بمباديه فهو المخاطب في حديث البخاري بقوله : " فليرده " ، ويحتمل أن يكون اللفظان بمعنى واحد .




                                                                                              الخدمات العلمية