الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      باب في حكم الجاسوس إذا كان مسلما

                                                                      2650 حدثنا مسدد حدثنا سفيان عن عمرو حدثه الحسن بن محمد بن علي أخبره عبيد الله بن أبي رافع وكان كاتبا لعلي بن أبي طالب قال سمعت عليا يقول بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا والزبير والمقداد فقال انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ فإن بها ظعينة معها كتاب فخذوه منها فانطلقنا تتعادى بنا خيلنا حتى أتينا الروضة فإذا نحن بالظعينة فقلنا هلمي الكتاب قالت ما عندي من كتاب فقلت لتخرجن الكتاب أو لنلقين الثياب فأخرجته من عقاصها فأتينا به النبي صلى الله عليه وسلم فإذا هو من حاطب بن أبي بلتعة إلى ناس من المشركين يخبرهم ببعض أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ما هذا يا حاطب فقال يا رسول الله لا تعجل علي فإني كنت امرأ ملصقا في قريش ولم أكن من أنفسها وإن قريشا لهم بها قرابات يحمون بها أهليهم بمكة فأحببت إذ فاتني ذلك أن أتخذ فيهم يدا يحمون قرابتي بها والله يا رسول الله ما كان بي من كفر ولا ارتداد فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم صدقكم فقال عمر دعني أضرب عنق هذا المنافق فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم قد شهد بدرا وما يدريك لعل الله اطلع على أهل بدر فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم حدثنا وهب بن بقية عن خالد عن حصين عن سعد بن عبيدة عن أبي عبد الرحمن السلمي عن علي بهذه القصة قال انطلق حاطب فكتب إلى أهل مكة أن محمدا صلى الله عليه وسلم قد سار إليكم وقال فيه قالت ما معي كتاب فانتحيناها فما وجدنا معها كتابا فقال علي والذي يحلف به لأقتلنك أو لتخرجن الكتاب وساق الحديث

                                                                      التالي السابق


                                                                      ( الحسن بن محمد بن علي ) : أي ابن أبي طالب ( وكان ) : أي عبيد الله ( أنا ) : كذا في جميع النسخ الحاضرة وكذا في صحيح البخاري ، والظاهر إياي .

                                                                      قال القاري فكأنه من باب استعارة المرفوع للمنصوب ( والزبير ) : أي ابن العوام ( والمقداد ) : بكسر الميم وهو ابن عمرو الكندي ( روضة خاخ ) : بخائين معجمتين مصروفا وقد لا يصرف ، موضع باثني عشر ميلا من المدينة ، وقيل : بمهملة وجيم وهو تصحيف كذا في المجمع والمرقاة ( ظعينة ) : أي امرأة اسمها سارة وقيل أم سارة مولاة لقريش ( معها كتاب ) : أي مكتوب من أهل المدينة إلى أهل مكة ( تتعادى ) : أي تتسابق وتتسارع من العدو ( هلمي الكتاب ) : أي أعطيه ( لتخرجن ) : بفتح لام فضم فسكون فكسرتين وتشديد نون أي لتظهرن ( أو لتلقين ) : [ ص: 251 ] بفتح فضم مثناة فوقية فسكون فكسر ففتح فتشديد نون كذا في بعض النسخ بإثبات التحتية المفتوحة .

                                                                      قال القاري في شرح المشكاة : قال ميرك كذا جاءت الرواية بإثبات الياء مكسورة ومفتوحة ، فإن قلت القواعد العربية تقتضي أن تحذف تلك الياء ويقال لتلقن ، قلت : القياس ذلك وإذا صحت الرواية بالياء فتأويل الكسرة أنها لمشاكلة لتخرجن والفتح بالحمل على المؤنث الغائب على طريق الالتفات من الخطاب إلى الغيبة انتهى .

                                                                      والمعنى لترمين الثياب وتتجردين عنها ليتبين لنا الأمر .

                                                                      وفي بعض النسخ لنلقين بالنون بصيغة جمع المتكلم وهو ظاهر ( من عقاصها ) : بكسر العين جمع عقيصة وهي الشعر المضفور .

                                                                      قال الحافظ : والجمع بينه وبين رواية : أخرجته من حجزتها أي معقد الإزار لأن عقيصتها طويلة بحيث تصل إلى حجزتها فربطته في عقيصتها وغرزته بحجزتها ( فإذا هو ) : أي الكتاب ( ببعض أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ) : قال الحافظ : وفي مرسل عروة يخبرهم بالذي أجمع عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأمر في السير إليهم ( لا تعجل علي ) : أي في الحكم بالكفر ونحوه ( ملصقا ) : بصيغة المجهول أي حليفا ( في قريش ) : أي فيما بينهم .

                                                                      قال النووي : وكان حليف الزبير بن العوام ( من أنفسها ) : الضمير لقريش ( وإن قريشا لهم بها قرابات يحمون بها أهليهم بمكة ) : ولفظ الشيخين الذي وقع في المشكاة هكذا وكان من معك من المهاجرين لهم قرابة يحمون بها أموالهم وأهليهم بمكة قال القاري : قوله قرابة أي ذوو قرابة أي أقارب أو قرابة مع ناس ( يحمون ) : أي الأقارب أو الناس الذين أقاربهم يحفظون ويراعون ( بها ) : أي بتلك القرابة ( أموالهم ) : أي أموال المهاجرين انتهى .

                                                                      قلت : ويمكن أن يرجع الضمائر إلى المهاجرين ، وبهذا كله تنحل لك عبارة الكتاب إن شاء الله تعالى ( ذلك ) : أي القرب من النسب فيهم ( أن أتخذ ) : مفعول أحببت ( يدا ) : أي نعمة ومنة عليهم ( قرابتي ) : أي التي بمكة ( بها ) : أي [ ص: 252 ] بتلك اليد ( صدقكم ) : بتخفيف الدال أي قال الصدق ( دعني ) : اتركني ( وما يدريك ) : أي أي شيء يعلمك أنه مستحق للقتل ( اطلع ) : بتشديد الطاء أي أقبل ( على أهل بدر ) : ونظر إليهم نظرة الرحمة والمغفرة ( ما شئتم ) : أي من الأعمال الصالحة قليلة أو كثيرة ( فقد غفرت لكم ) : المراد غفران ذنوبهم في الآخرة ، وإلا فلو وجب على أحدهم حد مثلا لم يسقط في الدنيا .

                                                                      قال المنذري : وأخرجه البخاري والترمذي والنسائي .

                                                                      ( قد سار إليكم ) : أي للغزو ( فأنخناها ) : من الإناخة وهو بالفارسية فروخوا بانيدن شتر ، وفي بعض النسخ فابتحثناها من البحث أي فتشناها ، وفي بعضها فانتحيناها .

                                                                      قال المنذري : أبو عبد الرحمن السلمي هو عبد الله بن حبيب كوفي من كبار التابعين حكى عطاء عنه أنه قال صمت ثمانين رمضان .




                                                                      الخدمات العلمية