الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                              صفحة جزء
                                                                                              4870 (7) باب

                                                                                              تجديد الاستغفار والتوبة في اليوم مائة مرة

                                                                                              [ 2625 ] عن الأغر المزني - وكانت له صحبة - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إنه ليغان على قلبي ، وإني لأستغفر الله في اليوم مائة مرة .

                                                                                              رواه أحمد (4 \ 260) ، ومسلم (2702)(41) ، وأبو داود (1515) .

                                                                                              [ ص: 26 ]

                                                                                              التالي السابق


                                                                                              [ ص: 26 ] [ (7) ومن باب : تجديد التوبة والاستغفار في اليوم مائة مرة ]

                                                                                              (قوله : " إنه ليغان على قلبي وإني لأستغفر الله في اليوم مائة مرة ) ليغان : ليغطى ، والغين : التغطية ، ومنه يقال للغيم : الغين ، لأنه يغطي . ولا يظن أن أحدا قال : إن قلب النبي - صلى الله عليه وسلم - تأثر بسبب ذنب وقع منه بغين أو رين ، أو طبع عليه ، فإن من جوز الصغائر على الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ، لم يقل : إنها إذا وقعت منهم أثرت في قلوبهم كما تؤثر الذنوب في قلوب العصاة ، بل : هم مغفور لهم ومكرمون ، وغير مؤاخذين بشيء من ذلك ، فثبت بهذا أن ذلك الغين ليس هو بسبب ذنب ، ولكن اختلفوا في ذلك الغين . فقالت طائفة : إنه عبارة عن فترات وغفلات عن [ ص: 27 ] الذكر الذي كان دأبه ، فكان يستغفر الله من تلك الفترات ، وقيل : كان ذلك بسبب ما اطلع عليه من أحوال أمته ، وما يكون منها بعده ، فكان يستغفر الله لهم . وقيل : كان ذلك لما يشغله من النظر في أمور أمته ومصالحهم ، ومحاربة عدوه عن عظيم مقامه ، فكان يرى أن ذلك - وإن كان من أعظم الطاعات وأفضل الأعمال - نزول عن علو درجاته ورفعة مقامه ، فيستغفر ربه من ذلك ، وقيل : كان ذلك حال خشية وإعظام لله تعالى ، والاستغفار الذي صدر منه لم يكن لأجل ذلك الغين ، بل للقيام بالعبادة ، ألا ترى قوله في الحديث : " إنه ليغان على قلبي ، وإني لأستغفر الله " فأخبر بأمرين مستأنفين ليس أحدهما معلقا على آخر . وقال بعض أرباب الإشارات : إن النبي صلى الله عليه وسلم كان دائم الترقي في المقامات ، سريع التنقل في المنازلات ، فكان إذا ترقى من مقام إلى غيره اطلع على المنتقل عنه ، فظهر له : أنه نقص بالنسبة إلى المنتقل إليه ، فكان يستغفر الله من الأول ويتوب منه . كما قال في الحديث . وقد أشار الجنيد - رحمه الله - إلى هذا بقوله : حسنات الأبرار سيئات المقربين ، والله تعالى أعلم .




                                                                                              الخدمات العلمية