الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      باب في الحائض تناول من المسجد

                                                                      261 حدثنا مسدد بن مسرهد حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن ثابت بن عبيد عن القاسم عن عائشة قالت قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم ناوليني الخمرة من المسجد فقلت إني حائض فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن حيضتك ليست في يدك

                                                                      التالي السابق


                                                                      باب الحائض تناول

                                                                      أي تأخذ شيئا ( من المسجد ) وهي خارجة من المسجد ، وتعطيه رجلا آخر سواء كان ذلك الرجل في المسجد أو خارجه .

                                                                      ( ناوليني ) أي أعطيني ( الخمرة ) بضم الخاء وإسكان الميم . قال الخطابي : هي السجادة التي يسجد عليها المصلي ، ويقال : سميت بها لأنها تخمر وجه المصلي على الأرض أي تستره ، وصرح جماعة بأنها لا تكون إلا قدر ما يضع الرجل حر وجهه في سجوده . وقد جاء في سنن أبي داود عن ابن عباس رضي الله عنه قال جاءت فأرة فأخذت تجر الفتيلة ، فجاءت بها فألقتها بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم على الخمرة التي كان قاعدا عليها فأحرقت منها موضع درهم فهذا تصريح بإطلاق الخمرة على ما زاد على قدر الوجه . وفي النهاية لابن الأثير : هي مقدار ما يضع عليه وجهه في سجوده من [ ص: 340 ] حصير أو نسيجة خوص ونحوه من النبات .

                                                                      وفي حديث الفأرة تصريح في إطلاق الخمرة على الكبير منها ( من المسجد ) اختلف في متعلقه ، فبعضهم قالوا : متعلق بناوليني ، وآخرون قالوا : متعلق بقال . أي قال لي النبي صلى الله عليه وسلم من المسجد . ذهب القاضي عياض إلى الثاني وقال : معناه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها من المسجد ، أي وهو في المسجد لتناوله إياها من خارج المسجد لا أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرها أن تخرج الخمرة من المسجد ، لأنه صلى الله عليه وسلم كان معتكفا في المسجد ، وكانت عائشة في حجرتها وهي حائض لقوله صلى الله عليه وسلم : إن حيضتك ليست في يدك . فإنما خافت من إدخال يدها المسجد ، ولو كان أمرها بدخول المسجد لم يكن لتخصيص اليد معنى . قاله النووي . وذهب إلى الأول المؤلف والنسائي والترمذي وابن ماجه والخطابي وأكثر الأئمة

                                                                      . قلت . هو الظاهر من حديث عائشة المذكور ليس فيه خفاء وهو الصواب ، وعليه تحمل رواية النسائي من طريق منبوز عن أمه أن ميمونة قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يضع رأسه في حجر إحدانا فيتلو القرآن وهي حائض وتقوم إحدانا بالخمرة إلى المسجد فتبسطها وهي حائض والحديث إسناده قوي . والمعنى أنه تقوم إحدانا بالخمرة إلى المسجد وتقف خارج المسجد فتبسطها وهي حائض خارجة من المسجد إن حيضتك ليست في يدك " . قال النووي : هو بفتح الحاء ، هذا هو المشهور في الرواية وهو الصحيح . وقال الإمام أبو سليمان الخطابي : المحدثون يقولونها بفتح الحاء وهو خطأ ، وصوابها بالكسر أي الحالة والهيئة ، وأنكر القاضي عياض هذا على الخطابي وقال : الصواب هاهنا ما قاله المحدثون من الفتح ، لأن المراد الدم وهو الحيض بالفتح بلا شك لقوله صلى الله عليه وسلم : " ليست في يدك " ، معناه أن النجاسة التي يصان المسجد عنها وهي دم الحيض ليست في يدك ، وهذا بخلاف حديث أم سلمة فأخذت ثياب حيضتي ، فإن الصواب فيه الكسر . هذا كلام القاضي عياض وهذا الذي اختاره من الفتح هو الظاهر هاهنا ، ولما قاله الخطابي وجه . انتهى كلام النووي

                                                                      قال المنذري : وأخرجه مسلم والترمذي والنسائي ، وأخرجه ابن ماجه من حديث عبد الله البهي .




                                                                      الخدمات العلمية