الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        ( باب فسخ الإجارة ) ذكر الفسخ آخرا ; لأن فسخ العقد بعد وجوده لا محالة فناسب ذكره آخرا قال رحمه الله ( وتفسخ بالعيب ) أي تفسخ الإجارة بالعيب وظاهر قوله تفسخ أفاد أنها لا تتوقف على رضا الآخر ولا على القضاء وفي التتارخانية ، وإذا تحقق العذر هل ينفسخ بنفسه أو يحتاج إلى الفسخ إشارات الكتب متعارضة ففي بعضها ينفسخ بنفس العذر وبه أخذ بعض المشايخ وفي عامتها يحتاج إلى الفسخ وعليه عامة المشايخ وهو الصحيح ، وقيل العقد ينفسخ بدون الرضا قيل هو الصحيح وبعض المشايخ قال إن كان العذر يمنع المضي ينفسخ بنفسه ولا يحتاج إلى القضاء وإن كان لا يمنع المضي يحتاج إلى القضاء ا هـ .

                                                                                        وفي الزيادات يرفع الأمر إلى القاضي ليفسخ الإجارة قال شمس الأئمة رواية الزيادات أصح كذا في الخلاصة ، وفي الجامع الصغير يشترط لصحة الفسخ الرضا أو القضاء ا هـ .

                                                                                        وأطلق المؤلف في العيب ، وقال في البدائع هذا إذا كان العيب مما يضر بالانتفاع بالمستأجر فإن كان لا يضر بالانتفاع به بقي العقد لازما ولا خيار للمستأجر كالعبد المستأجر ذهبت إحدى عينيه وذلك لا يضر بالخدمة ، أو سقط شعره أو سقط في الدار المستأجرة حائط لا ينتفع به في سكناها إلى آخره بخلاف ما إذا كان العيب الحادث مما يضر بالانتفاع ; لأنه إذا كان يضر بالانتفاع فالنقصان يرجع إلى المعقود عليه فأوجب له الخيار فله أن يفسخ ، ثم إنما يلي الفسخ إذا كان المؤجر حاضرا فإن كان غائبا فحدث بالمستأجر ما يوجب حق الفسخ ، فليس للمستأجر أن يفسخ ; لأن فسخ العقد لا يجوز إلا بحضور العاقدين أو من يقوم مقامهما فلو كان لا يضر بها ، فليس له الفسخ كالعبد المستأجر إذا ذهب إحدى عينيه وهي لا تضر بالخدمة أو الدار إذا سقط منها حائط لا ينتفع به في سكناها وإن كان يؤثر في السكنى أو الخدمة كالعبد إذا مرض أو الدابة إذا دبرت أو الدار إذا سقط منها حائط ينتفع في السكنى ، ولو استأجر دارين فسقط من أحدهما حائط أو منع مانع من أحدهما أو وجد في أحدهما عيب ينقص السكنى فله أن يتركهما جميعا إذا كان عقد عليهما عقدا واحدا ا هـ .

                                                                                        قال الشارح : لأن العقد يقتضي سلامة البدل فإذا لم يسلم فات رضاه فله أن يفسخ كما في البيع والمعقود عليه هنا المنافع وهي تحدث ساعة فساعة فما وجد من العيب يكون حادثا قبل القبض في حق ما بقي من المنافع فيوجب خيار الفسخ فإذا فعل المؤجر ما زال به العيب فلا خيار للمستأجر ; لأن الموجب للرد قد زال قبل الفسخ ، والعقد يتجدد ساعة فساعة فلم يوجد فيما يأتي بعد فسقط اختيار الفسخ ، وإذا استوفى المستأجر المنفعة مع العيب يلزمه جميع البدل وفي الظهيرية وذلك إما أن يكون من قبل أحد العاقدين أو من قبل المعقود عليه وفي التجريد إما أن يمنع الانتفاع أو ينقص الانتفاع بالمنفعة ولما تنوع العيب إلى هذه الأنواع شرع يبين الأنواع .

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        الخدمات العلمية