الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ برق ]

                                                          برق : قال ابن عباس : البرق سوط من نور يزجر به الملك السحاب . والبرق : واحد بروق السحاب . والبرق الذي يلمع في الغيم ، وجمعه بروق . وبرقت السماء تبرق برقا وأبرقت : جاءت ببرق . والبرقة : المقدار من البرق ، وقرئ : ( يكاد سنا برقه ) ، فهذا لا محالة جمع برقة . ومرت بنا الليلة سحابة براقة وبارقة أي سحابة ذات برق ; عن اللحياني . وأبرق القوم : دخلوا في البرق ، وأبرقوا البرق : رأوه ; قال طفيل :


                                                          ظعائن أبرقن الخريف وشمنه وخفن الهمام أن تقاد قنابله .



                                                          قال الفارسي : أراد أبرقن برقه . ويقال : أبرق الرجل إذا أم البرق أي قصده . والبارق : سحاب ذو برق . والسحابة بارقة ، وسحابة بارقة ذات برق . ويقال : ما فعلت البارقة التي رأيتها البارحة ؟ يعني السحابة التي يكون فيها برق ; عن الأصمعي . برقت السماء ورعدت برقانا أي لمعت . وبرق الرجل ورعد يرعد إذا تهدد ; قال ابن أحمر :


                                                          يا جل ما بعدت عليك بلادنا     وطلابنا ، فابرق بأرضك وارعد .



                                                          وبرق الرجل وأبرق : تهدد وأوعد ، وهو من ذلك ، كأنه أراه مخيلة الأذى كما يري البرق مخيلة المطر ; قال ذو الرمة :


                                                          إذا خشيت منه الصريمة ، أبرقت     له برقة من خلب غير ماطر .



                                                          جاء بالمصدر على برق لأن أبرق وبرق سواء ، وكان الأصمعي ينكر أبرق وأرعد ولم يك يرى ذا الرمة حجة ; وكذلك أنشد بيت الكميت :


                                                          أبرق وأرعد يا يزيد     فما وعيدك لي بضائر .



                                                          فقال : هو جرمقاني . الليث : البرق دخيل في العربية وقد استعملوه ، وجمعه البرقان . وأرعدنا وأبرقنا بمكان كذا وكذا أي رأينا البرق والرعد . ويقال : برق الخلب وبرق خلب ، بالإضافة ، وبرق خلب بالصفة ، وهو الذي ليس فيه مطر . وأرعد القوم وأبرقوا أي أصابهم رعد وبرق . واستبرق المكان : إذا لمع بالبرق ; قال الشاعر :


                                                          يستبرق الأفق الأقصى ، إذا ابتسمت     لمع السيوف ، سوى أغمادها القضب .



                                                          وفي صفة أبي إدريس : دخلت مسجد دمشق فإذا فتى براق الثنايا ; وصف ثناياه بالحسن والضياء وأنها تلمع إذا تبسم كالبرق ، أراد صفة وجهه بالبشر والطلاقة ; ومنه الحديث : تبرق أسارير وجهه ، أي تلمع وتستنير كالبرق . برق السيف وغيره يبرق برقا وبريقا وبروقا وبرقانا : لمع وتلألأ ، والاسم البريق . وسيف إبريق : كثير اللمعان والماء ; قال ابن أحمر :


                                                          تعلق إبريقا ، وأظهر جعبة     ليهلك حيا ذا زهاء وجامل .



                                                          والإبريق : السيف الشديد البريق ; عن كراع ، قال : سمي به لفعله ، وأنشد البيت المتقدم ; وقال بعضهم : الإبريق السيف هاهنا ، سمي به لبريقه ، وقال غيره : الإبريق هاهنا قوس فيه تلاميع . وجارية إبريق : براقة الجسم . والبارقة : السيوف على التشبيه بها لبياضها . ورأيت البارقة أي بريق السلاح ; عن اللحياني . وفي الحديث : كفى ببارقة السيوف على رأسه فتنة أي لمعانها . وفي حديث عمار - رضي الله عنه - : الجنة تحت البارقة ، أي تحت السيوف . يقال للسلاح إذا رأيت بريقه : رأيت البارقة . وأبرق الرجل إذا لمع بسيفه وبرق به أيضا ، وأبرق بسيفه يبرق إذا لمع به . ولا أفعله ما برق في السماء نجم أي ما طلع ; عنه أيضا ، وكله من البرق . والبراق : دابة يركبها الأنبياء - عليهم السلام - مشتقة من البرق ، وقيل : البراق فرس جبريل ، صلى الله على نبينا وعليه وسلم . الجوهري : البراق اسم دابة ركبها سيدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليلة المعراج ، وذكر في الحديث قال : وهو الدابة التي ركبها ليلة الإسراء ; سمي بذلك لنصوع لونه وشدة بريقه ، وقيل : لسرعة حركته شبهه فيها بالبرق . وشيء براق : ذو بريق . والبرقانة : دفعة البريق . ورجل برقان : براق البدن . وبرق بصره : لألأ به . الليث : برق فلان بعينيه تبريقا إذا لألأ بهما من شدة النظر ; وأنشد :


                                                          وطفقت بعينها تبريقا     نحو الأمير ، تبتغي تطليقا .



                                                          وبرق عينيه تبريقا : إذا أوسعهما وأحد النظر . وبرق : لوح بشيء ليس له مصداق ، تقول العرب : برقت وعرقت ; عرقت أي قللت . وعمل رجل عملا فقال له صاحبه : عرقت وبرقت لوحت بشيء ليس له مصداق . وبرق بصره برقا وبرق يبرق بروقا ; الأخيرة عن اللحياني : دهش فلم يبصر ، وقيل : تحير فلم يطرف ; قال ذو الرمة :


                                                          ولو أن لقمان الحكيم تعرضت     لعينيه مي سافرا ، كاد يبرق .



                                                          وفي التنزيل : فإذا برق البصر ، وبرق ، قرئ بهما جميعا ; قال الفراء : قرأ عاصم وأهل المدينة برق ، بكسر الراء ، وقرأها نافع وحده برق ، بفتح الراء ، من البريق أي شخص ، ومن قرأ ( برق ) فمعناه فزع ; وأنشد قول طرفة :

                                                          [ ص: 67 ]

                                                          فنفسك فانع ولا تنعني     وداو الكلوم ولا تبرق .



                                                          يقول : لا تفزع من هول الجراح التي بك ، قال : ومن قرأ ( برق ) يقول : فتح عينيه من الفزع ، وبرق بصره أيضا كذلك . وأبرقه الفزع . والبرق أيضا : الفزع . ورجل بروق : جبان . ثعلب عن ابن الأعرابي : البرق الضباب ، والبرق العين المنفتحة . وفي حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - : لكل داخل برقة أي دهشة ، والبرق : الدهش . وفي حديث عمرو : أنه كتب إلى عمر - رضي الله عنهما - : إن البحر خلق عظيم يركبه خلق ضعيف دود على عود بين غرق وبرق ; البرق ، بالتحريك : الحيرة والدهش . وفي حديث الدعاء : إذا برقت الأبصار . يجوز كسر الراء وفتحها ، فالكسر بمعنى الحيرة ، والفتح بمعنى البريق اللموع . وفي حديث وحشي : فاحتمله حتى إذا برقت قدماه رمى به أي ضعفتا وهو من قولهم برق بصره أي ضعف . وناقة بارق : تشذر بذنبها من غير لقح ; عن ابن الأعرابي . وأبرقت الناقة بذنبها ، وهي مبرق وبروق ; الأخيرة شاذة : شالت به عند اللقاح ، وبرقت أيضا ، ونوق مباريق ; وقال اللحياني : هو إذا شالت بذنبها وتلقحت وليست بلاقح . وتقول العرب : دعني من تكذابك وتأثامك شولان البروق ; نصب شولان على المصدر أي أنك بمنزلة الناقة التي تبرق بذنبها أي تشول به فتوهمك أنها لاقح ، وهي غير لاقح ، وجمع البروق برق . وقول ابن الأعرابي ، وقد ذكر شهرزور : قبحها الله ! إن رجالها لنزق وإن عقاربها لبرق ، أي أنها تشول بأذنابها كما تشول الناقة البروق . وأبرقت المرأة بوجهها وسائر جسمها وبرقت ; الأخيرة عن اللحياني ، وبرقت إذا تعرضت وتحسنت ، وقيل : أظهرته على عمد ; قال رؤبة :


                                                          يخدعن بالتبريق والتأنث .



                                                          وامرأة براقة وإبريق : تفعل ذلك . اللحياني : امرأة إبريق إذا كانت براقة . ورعدت المرأة وبرقت أي تزينت . والبرقانة : الجرادة المتلونة ، وجمعها برقان . والبرقة والبرقاء : أرض غليظة مختلطة بحجارة ورمل ، وجمعها برق وبراق ، شبهوه بصحاف لأنه قد استعمل استعمال الأسماء ، فإذا اتسعت البرقة فهي الأبرق ، وجمعه أبارق ، كسر تكسير الأسماء لغلبته . الأصمعي : الأبرق والبرقاء غلظ فيه حجارة ورمل وطين مختلطة ، وكذلك البرقة ، وجمع البرقاء برقاوات ، وتجمع البرقة براقا . ويقال : قنفذ برقة كما يقال ضب كدية ، والجمع برق . وتيس أبرق : فيه سواد وبياض . قال اللحياني : من الغنم أبرق وبرقاء للأنثى ، وهو من الدواب أبلق وبلقاء ، ومن الكلاب أبقع وبقعاء . وفي الحديث : أبرقوا فإن دم عفراء أزكى عند الله من دم سوداوين ، أي ضحوا بالبرقاء ، وهي الشاة التي في خلال صوفها الأبيض طاقات سود ، وقيل : معناه : اطلبوا الدسم والسمن ، من برقت له إذا دسمت طعامه بالسمن . وجبل أبرق : فيه لونان من سواد وبياض ، ويقال للجبل أبرق لبرقة الرمل الذي تحته . ابن الأعرابي : الأبرق الجبل مخلوطا برمل ، وهي البرقة ذات حجارة وتراب ، وحجارتها الغالب عليها البياض وفيها حجارة حمر وسود ، والتراب أبيض وأعفر وهو يبرق لك بلون حجارتها وترابها ، وإنما برقها اختلاف ألوانها ، وتنبت أسنادها وظهرها البقل والشجر نباتا كثيرا يكون إلى جنبها الروض أحيانا ; ويقال للعين برقاء لسواد الحدقة مع بياض الشحمة ; وقول الشاعر :


                                                          بمنحدر من رأس برقاء ، حطه     تذكر بين من حبيب مزايل .



                                                          يعني دمعا انحدر من العين ، وفي المحكم : أراد العين لاختلاطها بلونين من سواد وبياض . وروضة برقاء : فيها لونان من النبت ; أنشد ثعلب :


                                                          لدى روضة قرحاء برقاء جادها     من الدلو والوسمي ، طل وهاضب .



                                                          ويقال للجراد إذا كان فيه بياض وسواد : برقان ; وكل شيء اجتمع فيه سواد وبياض ، فهو أبرق . قال ابن بري : ويقال للجنادب البرق ; قال طهمان الكلابي :


                                                          قطعت ، وحرباء الضحى متشوس     وللبرق يرمحن المتان نقيق .



                                                          والنقيق : الصرير . أبو زيد : إذا أدمت الطعام بدسم قليل قلت : برقته أبرقه برقا . والبرقة : قلة الدسم في الطعام . وبرق الأدم بالزيت والدسم يبرقه برقا وبروقا : جعل فيه شيئا يسيرا ، وهي البريقة ، وجمعها برائق ، وكذلك التباريق . وبرق الطعام يبرقه إذا صب فيه الزيت . والبريقة : طعام فيه لبن وماء يبرق بالسمن والإهالة ; ابن السكيت عن أبي صاعد : البريقة وجمعها برائق وهي اللبن يصب عليه إهالة أو سمن قليل . ويقال : ابرقوا الماء بزيت ، أي صبوا عليه زيتا قليلا . وقد برقوا لنا طعاما بزيت أو سمن برقا : وهو شيء منه قليل لم يسغسغوه ، أي لم يكثروا دهنه . المؤرج : برق فلان تبريقا إذا سافر سفرا بعيدا ، وبرق منزله أي زينه وزوقه ، وبرق فلان في المعاصي إذا ألح فيها ، وبرق لي الأمر أي أعيا علي . وبرق السقاء يبرق برقا وبروقا : أصابه حر فذاب زبده وتقطع فلم يجتمع . يقال : سقاء برق . والبرقي : الطفيلي ، حجازية . والبرق : الحمل ، فارسي معرب ، وجمعه أبراق وبرقان وبرقان . وفي حديث الدجال : أن صاحب رايته في عجب ذنبه مثل ألية البرق وفيه هلبات كهلبات الفرس ; البرق ، بفتح الباء والراء : الحمل ، وهو تعريب ( بره ) بالفارسية . وفي حديث قتادة : تسوقهم النار سوق البرق الكسير ، أي المكسور القوائم يعني تسوقهم النار سوقا رفيقا كما يساق الحمل الظالع . والإبريق : إناء ، وجمعه أباريق ، فارسي معرب ; قال ابن بري : شاهده قول عدي بن زيد :


                                                          ودعا بالصبوح ، يوما ، فجاءت     قينة في يمينها إبريق .



                                                          وقال كراع : هو الكوز . وقال أبو حنيفة مرة : هو الكوز ، وقال مرة : هو مثل الكوز وهو في كل ذلك فارسي . وفي التنزيل : يطوف عليهم ولدان مخلدون بأكواب وأباريق ; وأنشد أبو حنيفة لشبرمة الضبي :

                                                          [ ص: 68 ]

                                                          كأن أباريق الشمول عشية     إوز بأعلى الطف ، عوج الحناجر .



                                                          والعرب تشبه أباريق الخمر برقاب طير الماء ; قال أبو الهندي :


                                                          مفدمة قزا ، كأن رقابها     رقاب بنات الماء أفزعها الرعد .



                                                          وقال عدي بن زيد :


                                                          بأباريق شبه أعناق طير ال     ماء قد جيب ، فوقهن ، حنيف .



                                                          ويشبهون الإبريق أيضا بالظبي ; قال علقمة بن عبدة :


                                                          كأن إبريقهم ظبي على شرف     مفدم بسبا الكتان ملثوم .



                                                          وقال آخر :


                                                          كأن أباريق المدام لديهم     ظباء ، بأعلى الرقمتين ، قيام .



                                                          وشبه بعض بني أسد أذن الكوز بياء حطي ; فقال أبو الهندي اليربوعي :


                                                          وصبي في أبيرق مليح     كأن الأذن منه رجع حطي .



                                                          والبروق : ما يكسو الأرض من أول خضرة النبات ، وقيل : هو نبت معروف ; قال أبو حنيفة : البروق شجر ضعيف له ثمر حب أسود صغار ، قال : أخبرني أعرابي قال : البروق نبت ضعيف ريان له خطرة دقاق ، في رءوسها قماعيل صغار مثل الحمص ، فيها حب أسود ولا يرعاها شيء ولا تؤكل وحدها لأنها تورث التهبج ; وقال بعضهم : هي بقلة سوء تنبت في أول البقل لها قصبة مثل السياط وثمرة سوداء ، واحدته بروقة . وتقول العرب : هو أشكر من بروق ، وذلك أنه يعيش بأدنى ندى يقع من السماء ، وقيل : لأنه يخضر إذا رأى السحاب . وبرقت الإبل والغنم ، بالكسر ، تبرق برقا إذا اشتكت بطونها من أكل البروق ; ويقال أيضا : أضعف من بروقة ; قال جرير :


                                                          كأن سيوف التيم عيدان بروق     إذا نضيت عنها لحرب جفونها .



                                                          وبارق وبريرق وبريق وبرقان وبراقة : أسماء . وبنو أبارق : قبيلة . وبارق : موضع إليه تنسب الصحاف البارقية ; قال أبو ذؤيب :


                                                          فما إن هما في صحفة بارقية     جديد ، أمرت بالقدوم وبالصقل .



                                                          أراد وبالمصقلة ، ولولا ذلك ما عطف العرض على الجوهر . وبراق : ماء بالشام ; قال :


                                                          فأحمى رأسه بصعيد عك     وسائر خلقه بجبا براق .



                                                          وبارق : قبيلة من اليمن منهم معقر بن حمار البارقي الشاعر . وبارق : موضع قريب من الكوفة ; ومنه قول أسود بن يعفر :


                                                          أرض الخورنق والسدير وبارق     والقصر ذي الشرفات من سنداد .



                                                          قال ابن بري : الذي في شعر الأسود : أهل الخورنق بالخفض ; وقبله :


                                                          ماذا أؤمل بعد آل محرق     تركوا منازلهم ، وبعد إياد ؟



                                                          أهل الخورنق . . . البيت ، وخفضه على البدل من آل ، وإن صحت الرواية بأرض فينبغي أن تكون منصوبة بدلا من ( منازلهم ) . وتبارق : اسم موضع أيضا ; عن أبي عمرو ; وقال عمران بن حطان :


                                                          عفا كنفا حوران من أم معفس     وأقفر منها تستر وتبارق .



                                                          وبرقة : موضع . وفي الحديث ذكر برقة ، وهو بضم الباء وسكون الراء ، موضع بالمدينة به مال كانت صدقات سيدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منها . وذكر الجوهري هنا : الإستبرق الديباج الغليظ ، فارسي معرب ، وتصغيره أبيرق .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية