الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                              صفحة جزء
                                                                                              5299 (11) باب

                                                                                              كرامة من قنع بالكفاف وتصدق بالفضل

                                                                                              [ 2712 ] عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : بينا رجل بفلاة من الأرض فسمع صوتا في سحابة : اسق حديقة فلان ، فتنحى ذلك السحاب فأفرغ ماءه في حرة ، فإذا شرجة من تلك الشراج قد استوعبت ذلك الماء كله ، فتتبع الماء فإذا رجل قائم في حديقته يحول الماء بمسحاته ، فقال له : يا عبد الله ما اسمك ؟ قال : فلان ، للاسم الذي سمع في السحاب ، فقال له : يا عبد الله لم تسألني عن اسمي ؟ فقال : إني سمعت صوتا في السحاب الذي هذا ماؤه يقول : اسق حديقة فلان ، لاسمك ، فما تصنع فيها ؟ قال : أما إذ قلت هذا ، فإني أنظر إلى ما يخرج منها فأتصدق بثلثه وآكل أنا وعيالي ثلثا وأرد فيها ثلثه .

                                                                                              وفي رواية : وأجعل ثلثه في المساكين والسائلين وابن السبيل .

                                                                                              رواه مسلم (2984) .

                                                                                              التالي السابق


                                                                                              (11 و 12 و 13) ومن باب : كرامة من قنع بالكفاف ، والاجتهاد في العبادة وفي التواضع

                                                                                              الفلاة من الأرض : هي القفر . والحديقة : البستان ، وسميت بذلك ; لأنها أحدق بها حاجز . قالوا : وأصله كل ما أحاط به البناء . والحديقة أيضا : القطعة من النخل . والحرة : أرض ذات حجارة سود ، كأنها أحرقت بالنار . والشرجة : مسيل الماء ، وهي بفتح الشين ، وسكون الراء ، وتجمع : شراج وشروج . ومن قال : شرجة -بفتح الراء - فقد أخطأ المعروف من اللغة . واستوعبت : جمعت . فتتبع الماء ; أي : تبعه .

                                                                                              و (قوله : تنحى ذلك السحاب ) أي : اعتمد وقصد . والنحو في أصله : هو القصد . وفى هذا الحديث دليل على صحة القول بكرامات الأولياء ، وأن الولي قد [ ص: 138 ] يكون له مال وضيعة ، ولا يناقضه قوله صلى الله عليه وسلم : " لا تتخذوا الضيعة فتركنوا إلى الدنيا " لما قدمنا من أن المقصود بالنهي إنما هو : من اتخذها مستكثرا ومتنعما ومتمتعا بزهرة الدنيا ، لما يخاف عليه من الميل إلى الدنيا والركون إليها ، وأما من اتخذها معاشا يصون بها دينه وعياله ، فاتخاذها بهذه النية من أفضل الأعمال . وهي من أفضل الأموال .




                                                                                              الخدمات العلمية