الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                باب الوقف

                                                                                                                1633 حدثنا يحيى بن يحيى التميمي أخبرنا سليم بن أخضر عن ابن عون عن نافع عن ابن عمر قال أصاب عمر أرضا بخيبر فأتى النبي صلى الله عليه وسلم يستأمره فيها فقال يا رسول الله إني أصبت أرضا بخيبر لم أصب مالا قط هو أنفس عندي منه فما تأمرني به قال إن شئت حبست أصلها وتصدقت بها قال فتصدق بها عمر أنه لا يباع أصلها ولا يبتاع ولا يورث ولا يوهب قال فتصدق عمر في الفقراء وفي القربى وفي الرقاب وفي سبيل الله وابن السبيل والضيف لا جناح على من وليها أن يأكل منها بالمعروف أو يطعم صديقا غير متمول فيه قال فحدثت بهذا الحديث محمدا فلما بلغت هذا المكان غير متمول فيه قال محمد غير متأثل مالا قال ابن عون وأنبأني من قرأ هذا الكتاب أن فيه غير متأثل مالا وحدثناه أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا ابن أبي زائدة ح وحدثنا إسحق أخبرنا أزهر السمان ح وحدثنا محمد بن المثنى حدثنا ابن أبي عدي كلهم عن ابن عون بهذا الإسناد مثله غير أن حديث ابن أبي زائدة وأزهر انتهى عند قوله أو يطعم صديقا غير متمول فيه ولم يذكر ما بعده وحديث ابن أبي عدي فيه ما ذكر سليم قوله فحدثت بهذا الحديث محمدا إلى آخره وحدثنا إسحق بن إبراهيم حدثنا أبو داود الحفري عمر بن سعد عن سفيان عن ابن عون عن نافع عن ابن عمر عن عمر قال أصبت أرضا من أرض خيبر فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت أصبت أرضا لم أصب مالا أحب إلي ولا أنفس عندي منها وساق الحديث بمثل حديثهم ولم يذكر فحدثت محمدا وما بعده [ ص: 254 ]

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                [ ص: 254 ] قوله : ( أصاب عمر أرضا بخيبر ، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم يستأمره فيها ، فقال : يا رسول الله إني أصبت أرضا بخيبر ، لم أصب مالا قط هو أنفس عندي منه ، فما تأمرني به ؟ قال : إن شئت حبست أصلها وتصدقت بها فتصدق بها عمر أنه لا يباع أصلها ولا يورث ولا يوهب ، قال : فتصدق عمر في الفقراء وفي القربى وفي الرقاب وفي سبيل الله ، وابن السبيل والضعيف ، لا جناح على من وليها أن يأكل منها بالمعروف أو يطعم صديقا غير متمول فيه ) وفي رواية ( غير متأثل مالا )

                                                                                                                أما قوله : ( هو أنفس ) فمعناه : أجود ، والنفيس الجيد ، وقد نفس بفتح النون وضم الفاء نفاسة ، واسم هذا المال الذي وقفه عمر ( ثمغ ) بثاء مثلثة مفتوحة ثم ميم ساكنة ثم غين معجمة .

                                                                                                                وأما قوله : ( غير متأثل ) فمعناه : غير جامع ، وكل شيء له أصل قديم أو جمع حتى يصير له أصل فهو مؤثل ، ومنه مجد مؤثل أي قديم ، وأثلة الشيء : أصله . وفي هذا الحديث : دليل على صحة أصل الوقف ، وأنه مخالف لشوائب الجاهلية ، وهذا مذهبنا ومذهب الجماهير ، ويدل عليه أيضا إجماع المسلمين على صحة وقف المساجد والسقايات . وفيه أن الوقف ، وفيه فضيلة الوقف ، وهي الصدقة الجارية ، وفيه فضيلة الإنفاق مما يحب . وفيه فضيلة ظاهرة لعمر - رضي الله عنه - . وفيه مشاورة أهل الفضل والصلاح في الأمور وطرق الخير . وفيه أن خيبر فتحت عنوة وأن الغانمين ملكوها واقتسموها ، واستقرت أملاكهم على حصصهم ونفذت تصرفاتهم فيها .

                                                                                                                وفيه فضيلة صلة الأرحام والوقف عليهم .

                                                                                                                [ ص: 255 ] وأما قوله : ( يأكل منها بالمعروف ) فمعناه : يأكل المعتاد ولا يتجاوزه . والله أعلم .




                                                                                                                الخدمات العلمية