الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                باب ترك الوصية لمن ليس له شيء يوصي فيه

                                                                                                                1634 حدثنا يحيى بن يحيى التميمي أخبرنا عبد الرحمن بن مهدي عن مالك بن مغول عن طلحة بن مصرف قال سألت عبد الله بن أبي أوفى هل أوصى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لا قلت فلم كتب على المسلمين الوصية أو فلم أمروا بالوصية قال أوصى بكتاب الله عز وجل وحدثناه أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا وكيع ح وحدثنا ابن نمير حدثنا أبي كلاهما عن مالك بن مغول بهذا الإسناد مثله غير أن في حديث وكيع قلت فكيف أمر الناس بالوصية وفي حديث ابن نمير قلت كيف كتب على المسلمين الوصية

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                قوله : ( عن طلحة بن مصرف ) هو بضم الميم وفتح الصاد وكسر الراء المشددة ، وحكي فتح الراء ، والصواب المشهور كسرها .

                                                                                                                قوله : ( سألت عبد الله بن أبي أوفى ، هل أوصى رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقال : لا . قلت : فلم كتب على المسلمين الوصية ؟ أو فلم أمروا بالوصية ؟ قال : أوصى بكتاب الله تعالى ) وفي رواية عائشة - رضي الله عنها - : ( ما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم دينارا ولا درهما ولا شاة ولا بعيرا ولا أوصى به ) وفي رواية ( قال : ذكروا عند عائشة - رضي الله عنها - أن عليا - رضي الله عنه - كان وصيا فقالت : متى أوصى إليه ؟ فقد كنت مسندته إلى صدري ، أو قالت حجري ، فدعا بالطست فلقد انخنث في حجري وما شعرت أنه مات فمتى أوصى ؟ ) .

                                                                                                                أما قولها : ( انخنث ) فمعناه : مال وسقط ، وأما حجر الإنسان وهو حجر ثوبه فبفتح الحاء وكسرها .

                                                                                                                وأما قوله : ( لم يوص ) فمعناه لم يوص بثلث ماله ولا غيره إذ لم يكن له مال ولا أوصى إلى علي - رضي الله عنه - ولا إلى غيره ، بخلاف ما يزعمه الشيعة ، وأما الأرض التي كانت له صلى الله عليه وسلم بخيبر وفدك ، فقد سبلها صلى الله عليه وسلم في حياته ونجز الصدقة بها على المسلمين .

                                                                                                                وأما الأحاديث الصحيحة في وصيته صلى الله عليه وسلم بكتاب الله ووصيته بأهل بيته ، ووصيته بإخراج المشركين من جزيرة العرب ، وبإجازة الوفد فليست مرادة بقوله : لم يوص ، إنما المراد به ما قدمناه ، وهو مقصود السائل عن الوصية ، فلا مناقضة بين الأحاديث ، وقوله : أوصى بكتاب الله ، أي بالعمل بما فيه ، وقد قال الله تعالى : ما فرطنا في الكتاب من شيء ومعناه : أن من الأشياء ما يعلم منه نصا ، ومنها ما يحصل بالاستنباط .

                                                                                                                وأما قول السائل : ( فلم كتب على المسلمين الوصية ) فمراده قوله تعالى : [ ص: 256 ] كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصية وهذه الآية منسوخة عند الجمهور ، ويحتمل أن السائل أراد بكتب الوصية الندب إليها . والله أعلم .




                                                                                                                الخدمات العلمية