الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 106 ] باب الشجاج وكسر العظام . قوله ( الشجة : اسم لجرح الرأس والوجه خاصة ) . قاله الأصحاب . قال الزركشي : وقد يستعمل في غيرهما . وهي عشر ، خمس لا مقدر فيها أولها : الخارصة . بإعجام الخاء وإهمالها مع إهمال الصاد فيها ، وهي التي تخرص الجلد ، أي تشقه قليلا ولا تدميه . وتسمى الخرصة والقاشرة والقشرة بإعجام الشين مع القاف . ثم البازلة بموحدة وزاي معجمة مكسورة التي يسيل منها الدم . وتسمى الدامية ، والدامعة ، بعين مهملة . وهي التي تدمى ولا تشق اللحم . وقيل : الدامعة : ما ظهر دمها ولم يسل . ثم الباضعة التي تبضع اللحم . وقيل : ما تشقه بعد الجلد ولم يسل دمها . ثم المتلاحمة التي أخذت في اللحم . وقيل : ما التحم أعلاها واتسع أسفلها . ولم تبلغ جلدة تلي العظم . ( ثم السمحاق التي بينها وبين العظم قشرة رقيقة ) . هذا المذهب على هذا الترتيب . وعليه جماهير الأصحاب ، وجزم به في الوجيز ، وغيره ، وقدمه في الفروع ، وغيره . وعند الخرقي : الباضعة بين الخارصة والبازلة ، تشق اللحم ولا تدميه ، وتبعه ابن البناء . قال الزركشي : البازلة التي تشق اللحم بعد الجلد ، يعني ولا يسيل منها دم قاله الجوهري ، وابن فارس . [ ص: 107 ] وقال المصنف في المغني : لعل ما في نسخ الخرقي غلط من الكتاب ; لأن الباضعة التي تشق اللحم بعد الجلد يسيل منها دم كثير في الغالب . بخلاف البازلة . فإنها الدامعة بالمهملة لقلة سيلان دمها . فالباضعة أشد . انتهى . وهو قول الأصمعي والأزهري . قوله ( فهذه الخمسة فيها حكومة في ظاهر المذهب ) . وهو المذهب . وعليه الأصحاب . قال الزركشي : هذا المشهور ، والمختار للأصحاب من الروايتين . وعنه : في البازلة بعير ، وفي الباضعة بعيران ، وفي المتلاحمة ثلاثة ، وفي السمحاق أربعة ، اختارها أبو بكر . وحكى الشيرازي عن ابن أبي موسى : أنه اختار ذلك في السمحاق . وعن القاضي أنه قال : متى أمكن اعتبار الجراحات من الموضحة مثل أن يكون في رأس المجني عليه موضحة إلى جانبها قدرت هذه الجراحات منها . فإن كانت بقدر النصف : وجب نصف أرش الموضحة . وإن كانت بقدر الثلث : وجب ثلث الأرش . وعلى هذا إلا أن تزيد الحكومة على ذلك . فيجب ما تخرجه الحكومة . وملخصه : أنه يوجب الأكثر مما تخرجه الحكومة أو قدرها من الموضحة . قال المصنف : وهذا لا نعلمه مذهبا للإمام أحمد رحمه الله ، ولا يقتضيه . انتهى .

التالي السابق


الخدمات العلمية