الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 417 - 418 ] باب )

يؤاخذ المكلف ، بلا حجر بإقراره [ ص: 419 - 420 ] لأهل لم يكذبه ، ولم يتهم ، [ ص: 421 ] كالعبد في غير المال ، [ ص: 422 ] وأخرس ، ومريض ، إن ورثه ولد لأبعد [ ص: 423 ] أو لملاطفه ، أو لمن يرثه ، [ ص: 424 ] أو لمجهول حاله : [ ص: 425 - 426 ] كزوج علم بغضه لها أو جهل ، وورثه ابن أو بنون ، إلا أن تنفرد بالصغير

التالي السابق


( باب ) في بيان أحكام الإقرار

( يؤاخذ ) بضم التحتية ومد الهمز وفتح الخاء المعجمة ، أي يلزم بضم التحتية وفتح الزاي الشخص ( المكلف ) بضم الميم وفتح الكاف واللام مشددا ، أي البالغ العاقل حال كونه ( بلا حجر ) عليه في المعاوضة بأن كان حرا رشيدا غير مفلس ولو زوجة أو [ ص: 419 ] مريضا في زائد الثلث . طفي وهم الشارح في إخراج الزوجة والمريض بقوله بلا حجر ، وتبعه تت وغيره إذ لا حجر عليهما في الإقرار ولو في زائد الثلث ، إذ ليس هو من التبرع . ا هـ . وتبعه البناني قائلا فقوله بلا حجر ، أي في المعاوضات فتدخل الزوجة والمريض والله أعلم ، وصلة يؤاخذ ( بإقراره ) أي المكلف بلا حجر في الذخيرة ، هذه المادة وهي الإقرار والقرار والقر والقارورة أصلها السكون والثبوت لأن الإقرار يثبت الحق والمقر أثبت الحق على نفسه ، والقرار محل السكون ، والقر البرد وهو يسكن الدماء والأعضاء ، والقارورة يستقر فيها المائع . ابن عرفة لم يعرفوه وكأنه بديهي عندهم ، ومن ينصف لا يدعي بداهته لأن مقتضى حال مدعيها أنه قول يوجب حقا على قائله والأظهر أنه نظري فيعرف بأنه خبر يوجب حكم صدقه على قائله فقط بلفظه أو لفظ نائبه فيدخل إقرار الوكيل وتخرج الإنشاءات كبعت وطلقت ونطق الكافر بالشهادتين ولازمها الإخبار عنها بلفظ بعت وطلقت وأسلمت ونحو ذلك ، والرواية والشهادة والقذف كقوله زيد زان فإنه وإن أوجب حكما على قائله فقط فليس هو حكم مقتضى صدقه ا هـ .

البناني قوله ونطق الكافر بالشهادتين فيه الجزم بأنه منه إنشاء ، وجوز الرصاع فيه الخبرية ورد بعض المحققين على ابن عرفة بأن الظاهر أنه منه إخبار لا إنشاء ، لأن الإيمان القلبي من قبيل العلوم أو من توابعها لأنه المعرفة أو حديث النفس التابع لها ، والمراد بحديث النفس القبول والإذعان لما عرفه ، وإذا كان كذلك فكلمة الشهادة عبارة عنه فهو يخبر أنه اعتقد مضمونها وأقر به فهي خبر من الأخبار فتدخل في تعريفه . وأما كونها إنشاء فمشكل لأن المنشأ إن كان ما في الاعتقاد فلا يصح لأنه سابق على التلفظ بها والمنشأ يلزم تأخره عن صيغته ، وإن كان الدخول في الإسلام فهو حاصل بنفس النطق من غير اعتبار أمر زائد على معناها الخبري ، وأيضا فيلزمه أن كل إقرار إنشاء لدخول كل مقر في التزام ما أقر به ، وهذا باطل لأن الإقرار إخبار ، فالصواب أن نطق الكافر بها إخبار عن اعتقاده ، وكذا الذاكر بالأحرى ، نعم إذا قصد الذاكر إنشاء الثناء [ ص: 420 ] بها ناقلا لها عن معناها صح ذلك فيه ولا يصح في الكافر لأن هذه الحالة إنما تحصل بعد الإيمان .

الحط وخرج بالمكلف إقرار المكره ، فإنه غير مكلف على الصحيح . القرطبي في شرح مسلم شرط صحة الإقرار أن لا يكون بإكراه ، واختلف في أخذ المحبوس والمهدد بإقراره واضطرب المذهب فيه هل يقبل جملة أو لا يقبل جملة أو يفرق ، فيقبل إذا عين ما اعترف به من قتل أو سرقة ، ولا يقبل إذا لم يعين ثلاثة أقوال .

الدماميني في حاشية البخاري وعن الإمام مالك رضي الله تعالى عنه أن المذعور لا يلزمه ما صدر منه في حال ذعره من بيع وإقرار وغيرهما . " ق " ابن شاس المقر ينقسم إلى مطلق ومحجور فالمطلق ينفذ إقراره في كل ما يقر به على نفسه في ماله وبدنه ، والمحجور ستة أشخاص الصبي وإقراره مسلوب قطعا مطلقا نعم لو أقر بأنه بلغ بالاحتلام في وقت إمكانه لصدق ، إذ لا يمكن معرفته إلا من جهته والمجنون وهو مسلوب القول مطلقا والمبذر والمفلس والعبد والمريض وهو محجور عليه في الإقرار لمن يتهم عليه ا هـ .

( فائدة ) الإقرار والشهادة والدعوى إخبار ، والفرق بينها أن الخبر إن كان حكمه قاصرا على قائله فهو إقرار ، وإلا فإن كان فيه نفع له فدعوى وإلا فشهادة . ( لأهل ) أي صالح الملك المقر به ولو حكما كحمل ومسجد وقنطرة فلا يؤاخذ المكلف بلا حجر بما أقر به لغير أهل كجبل وبحر وسبع . ابن شاس من شرط المقر له أن يكون أهلا للاستحقاق ، فلو قال لهذا الحجر أو الحمار علي ألف بطل ( لم يكذبه ) أي الأهل المقر له المقر في إقراره له . ابن شاس من شرط المقر له أيضا أن لا يكذب المقر ، فإن كذبه فلا يسلم له المقر به ويترك بيد المقر . ابن عرفة هذا نقل الشيخ عن سحنون ، إذ لا يصح دخول ملك الغير في ملك أحد جبرا إلا في الميراث ( ولم يتهم ) بضم التحتية وشد الفوقية مفتوحة هي والهاء ، أي المقر في إقراره بكذب لا كيد قرابة أو صداقة أو زوجية . [ ص: 421 ]

" ق " هذا الشرط لا يحتاج له في إقرار صحيح غير محجور ، انظر أول الإقرار من الكافي ، فإنه قال إقرار غير المحجور بأمر لا يلحقه فيه تهمة ، ولا يظن به توليج يلزمه ولا يحتاج إلى معاينة قبض المال إلا أن يكون المقر له ممن يعرف بالقهر والتعدي . ابن الحاجب لا يقبل إقرار المريض لمن يتهم عليه ، وتقدم في الغريم منع إقراره لمتهم عليه .

" طفي " قوله ولم يتهم مستغنى عنه بقوله بلا حجر ، إذ هو مخرج للمريض كما قال في الجواهر المقر ينقسم إلى مطلق ومحجور فالمطلق ينفذ إقراره والمحجور عليه ستة الصبي والمجنون والمبذر والمفلس والعبد والمريض وهو محجور عليه في الإقرار لمن يتهم عليه . ا هـ . أي وعدم الاتهام إنما يعتبر في إقرار المريض . البناني وفيه نظر ، بل الظاهر أن هذا القيد لا بد منه لحمل الحجر المنفي فيما تقدم على الحجر في المعاوضات كما تقدم والله أعلم .

عب إنما يعتبر عدم الاتهام في إقرار المريض والصحيح المحجور عليه . البناني يعني بالمحجور عليه المفلس وفيه نظر لأن إقراره لمن يتهم عليه لازم ، لكن لا يحاصص المقر له به ويتبعه به في ذمته كما تقدم في الفلس خلاف ما يوهمه كلامه هنا من بطلانه فالصواب أن عدم الاتهام إنما يعتبر في إقرار المريض والله أعلم .

ومثل لمن يؤاخذ بإقراره بمن يتوهم فيه عدم مؤاخذته به فقال ( كالعبد ) غير المأذون يؤاخذ بإقراره ( في غير المال ) كجرح أو قتل عمدا مما يجب فيه قصاص أو حد كقذف وسرقة بالنسبة للقطع لا لغرم المسروق ، ونبه بقوله في غير المال على أن التفرقة بين المال وغيره شرعية ، يعني أن الشارع حجر على العبد بالنسبة للمال فلا ينفذ تصرفه فيه ولم يحجر عليه بالنسبة إلى نفسه في قتل أو جرح أو ما أشبههما ، فيؤاخذ بإقراره به ، وقد يجتمع الأمران في شيء واحد فيؤاخذ ببعض دون بعض ، كالسرقة فيقطع ، ولا يغرم ولم يقيد العبد بغير المأذون لأن قوله بلا حجر أغنى عنه ، وبهذا اندفع قول الشارح ينبغي أن يقيد العبد بغير المأذون قاله تت ، وتبعه الخرشي وعب ، وفيه أن قوله بلا حجر يفيد [ ص: 422 ] تقييده بالمأذون لا بغيره ، ولذا قال العدوي الأولى أن يقول أن تقييده بغير المال يفيد تقييده بغير المأذون ، لأن المأذون يصح إقراره بالمال وغيره ، ويكون فيما بيده من مال التجارة لا في غلته ورقبته لأنهما لسيده وما زاد على مال التجارة فهو في ذمته وليس لسيده إسقاطه عنه قاله في كتاب المأذون منها .

وأما غير المأذون فلا يصح إقراره بالمال ، ولا يلزم في ماله ويكون في ذمته إن عتق إلا أن يسقطه سيده أو السلطان قاله في كتاب المأذون . " ق " ابن عرفة حجر الرق يلغي الإقرار في المال لا البدن ، ففي جناياتها إن أقر عبد بما يلزمه في جسده من قطع أو قتل أو غيره صدق فيه وما آل إلى غرم سيده فلا يقبل إقراره به . ابن سحنون وقال الإمام مالك رضي الله تعالى عنه وأصحابه إقرار المأذون له من عبد أو مدبر أو أم ولد بدين أو وديعة أو عارية أو غصب لازم . وفي الموازية وإقرار المكاتب ببيع أو دين أو وديعة جائز في المدونة مالك في ثوب بيد عبد قال فلان أودعنيه وسيده يدعيه إن السيد مصدق إلا أن يقيم فلان البينة . ا هـ . عبد الحق ويحلف إن قال هو لي على البت ، أو قال هو لعبدي أعلم شراؤه أو ملكه . وأما إن قال هو بيد عبدي أو حوزه فليحلف ما علمت لك فيه حقا .

( و ) كشخص ( أخرس ) فيؤاخذ بإقراره بما يفهم عنه من إشارة أو كتابة ودفع ما يتوهم من عدم لزوم إقراره . " ق " لم أجد ذكر هذا في الباب ( و ) كشخص ( مريض ) فيؤاخذ بإقراره بمال ولو زائدا على ثلث ماله ( إن ورثه ) أي المريض ( ولد ) ذكرا أو أنثى أو ولد ابن إذا أقر ( ل ) قريب ( أبعد ) من الولد سواء استحق الولد جميع ماله كابن أو بعضه كبنت . ابن رشد إقرار المريض لوارث أبعد ممن لم يقر له غير وارث أو لصديق ملاطف . قيل جائز مطلقا . وقيل لا يجوز إلا إن ورثه ولد وهما قائمان منها .

عب لكن الذي في الشارح عن ابن رشد يفيد أن ما اقتصر المصنف عليه المشهور وإن كان الآخر قائما منها أيضا إذا لا يلزم من قيامه منها كونه مشهورا . البناني مثله لابن سلمون [ ص: 423 ] ونصه وأما إذا أقر لقريب غير وارث أو صديق ملاطف فالمشهور من المذهب أن إقراره جائز إن كان يورث بولد لا كلالة . وقيل إن إقراره جائز كأن يورث بكلالة أو بولد والقولان في المدونة ، وقد قيل إن كان يورث بولد جاز إقراره من رأس المال ، وإن كان بكلالة جاز من الثلث ، وظاهر سياقه أنه عن ابن رشد .

( أو ) أقر المريض ( ل ) صديق ( ملاطفه ) بضم الميم وكسر الطاء المهملة أي معامل له معاملة جميلة أجنبي من نسبه فيؤاخذ بإقراره له إن ورثه ولد ، ومفهوم أبعد وملاطف أنه إن أقر لأجنبي غير ملاطف فيؤاخذ بإقراره وإن لم يرثه ولد لعدم اتهامه فيه . " غ " الشرط راجع لمن بعد الأبعد واحترز بالأبعد من الأقرب والمساوي والمتوسط بينهما ، وقد صرح بأحكامهم فيما بعد وقصد اختصار تحصيل ابن رشد في ثاني مسألة من رسم ليفعلن ( أو ) أقر مريض ( لمن ) أي شخص قريب ( لم يرثه ) أي الشخص الموصى له المريض أصلا لكونه من ذوي الأرحام كخاله وأبي أمه ، فيؤاخذ بإقرار له إن ورثه ولد .

الحط يعني لقريب غير وارث ولا يريد الأجنبي لإيهامه أنه يشترط في صحة إقراره له أن يرثه ولد وليس كذلك ، فإن إقراره له جائز سواء كان له ولد أم لا . طفي قوله أو لمن لم يرثه ، أي مع كونه قريبا إذ الكلام فيه فزيادة . تت أو أجنبيا غير ظاهرة . تت تنكيت تمثيل البساطي بقوله أو حجبا لكنه قريب غير ظاهر مع قول المصنف قبله لا بعد . طفي فهم تت أن المحجوب دخل في قوله لا بعد فعنده الأبعد الذي من شأنه الإرث سواء ورث بالفعل أو حجب ، ولذا قال سواء استغرق الولد المال أو لا .

وهذا اغترار بظاهر كلام المصنف من اشتراطه في الإقرار للأبعد وجود ولد وهو غير مشترط فيه ، إذ لا مستند للمصنف في ذلك واعتماده في هذا على كلام ابن رشد وهو لم يشترط فإنه قال وإن أقر لوارث أبعد كإقراره لعصبة وله ابنة أو لأخ لأب أو لأم وله أخ شقيق أو لأخ شقيق أو لأب أو لأم وله أم جاز إقراره اتفاقا . ا هـ . واعتمده ابن عرفة أيضا ، ولا مخالف له ، وإنما شرط وجود الولد في الإقرار للملاطف أو للقريب غير الوارث [ ص: 424 ] فكلام البساطي هو الصواب والجاري على كلام ابن رشد ، فقوله لأبعد أي مع كونه وارثا بالفعل ، والقريب غير الوارث هو قوله أو لمن لم يرثه ، سواء كان لا يرث أصلا أو حجبا وهو معنى قول ابن رشد لقريب غير وارث ا هـ .

البناني ونحوه لابن عاشر ، فالإقرار للبعيد المحجوب مشروط بإرث ولد وفيه نظر مع ما في المواق عن ابن رشد ونصه ابن رشد إن أقر المريض لوارث أبعد ممن لم يقر له من الورثة مثل أن يقر لعصبة وله أب أو لأخ لأم وله أخ شقيق إلخ ، قوله أن يقر لعصبة وله أب ، هكذا رأيته في كثير من نسخ المواق بلفظ وله يدل على شمول الأبعد لمن لا يرث لحجب العصبة بالأب وطفي نقل كلام ابن رشد بلفظ وله ابنة وهو خلاف ما رأيته في نسخ " ق " والله أعلم .

قلت والذي في نسخة " ق " التي رأيتها بلفظ وله ابنة ( أو ) أقر المريض ( ل ) شخص ( مجهول حاله ) مع المريض المقر له هل هو قريبه وارثه أو غير وارثه أو أجنبي ملاطف له أو غيره فيؤاخذ بإقراره له إن ورثه ولد . ( تنبيه )

الشرط في قول المصنف أولا إن ورثه ولد قيد في إقراره للملاطف وغير الوارث والمجهول لا في الإقرار للأبعد ، وتلخص من كلامه أن إقرار المريض لغير زوج خمسة أقسام لوارث لقريب غير وارث لملاطف لمجهول لأجنبي قاله تت . " ق " ابن رشد فإن أقر المريض لمجهول ، فإن ورث بولد جاز من رأس ماله وإن ورث بكلالة ، ففي كونه من الثلث مطلقا أو من رأس المال إن قل وإن كثر بطل ، ثالثها إن أوصى بوقفه حتى يأتي طالبه من رأس المال ، وإن أوصى أن يتصدق به عنه بطل مطلقا . الحط سواء أوصى أن يتصدق به عن صاحبه أو يوقف له فذلك شرط والله أعلم . ( تنبيه )

ظاهر كلام المصنف أنه إذا لم يكن له ولد لا يصح إقراره للمجهول ، وفيه ثلاثة ذكرها في البيان والمقدمات ، ونقلها في التوضيح ، وليس فيها قول بعدم الصحة مطلقا كما [ ص: 425 ] يفهم من كلام المصنف ، أحدها : أن إقراره جائز إن أوصى أن يوقف حتى يأتي طالبه ، وإن أوصى أن يتصدق به عنه لم يصح . والثاني : أنه من الثلث والثالث أنه إن كان يسيرا فمن رأس المال وإن كان كثيرا بطل ، وظاهر كلام الشامل أن فيها قولا بالبطلان مطلقا ، وكأنه اعتمد على ظاهر كلام المصنف ا هـ . قلت جوابه أنه من باب التفصيل في المفهوم والله أعلم .

طفي عبارة ابن رشد أو لمن لا يعرف وفي رسم إن خرجت سئل عن رجل أوصى أن عليه لأناس لا يعرفون ، وفرض المسألة أنهم غير حاضرين ولا معروفين بالعين ، ولذا قال ابن رشد فيه وتبعه ابن عرفة ، فإن كان يورث بولد جاز إقراره من رأس المال أوصى أن يتصدق به عنه أو يوقف له . عب مفهوم مريض أن إقرار الصحيح صحيح بلا شرط وهو الموافق لما مر من أن قوله لم يتهم إنما هو شرط في إقرار المريض ، ولقول ابن عبد البر وكل من أقر لوارث أو لغير وارث في صحته بشيء من المال أو الدين أو البر آت أو قبض أثمان المبيعات فإقراره عليه جائز لا تلحقه فيه تهمة ولا يظن فيه توليج ، والأجنبي والوارث فيه سواء ، وكذا القريب والبعيد والعدو والصديق في الإقرار في الصحة سواء ولا يحتاج من أقر على نفسه في الصحة ببيع شيء وقبض ثمنه إلى معاينة قبض الثمن . ا هـ . فإذا قام بقية أولاد من مرض بعد إشهاده في صحته لبعض ولده فلا كلام لهم إن كان كتب الموثق أن الصحيح قبض من ولده ثمن ما باعه له ، فإن لم يكتب فقيل يحلف مطلقا . وقيل لا مطلقا . وقيل إن اتهم الأب بالميل له حلف وإلا فلا .

البناني إقرار الصحيح جائز بلا شرط وهو كذلك ، سواء أقر لمن علم ميله إليه أم لا ، ورث بولد أم لا ، وسواء قام المقر له في الصحة أو المرض أو بعد الموت . ابن رشد هذا هو المعلوم من قول ابن القاسم وروايته عن مالك رضي الله تعالى عنهما المشهور في المذهب . وفي المبسوط لابن كنانة والمخزومي وابن أبي حازم ومحمد بن مسلمة أنه لا شيء له ، وإن أقر له في صحته إذا لم تقم عليه بينة حتى هلك إلا أن يعرف ذلك وأن يكون باع له شيئا ، أو أخذ من موروث له شيئا ، فإن عرف ذلك وإلا فلا شيء له ، وهو قول له وجه من النظر لأن الرجل [ ص: 426 ] يتهم أن يقر بدين في صحته لمن يثق به من ورثته أنه لا يقوم به حتى يموت فيكون وصية لوارث . ا هـ . ونحوه لابن سلمون .

وحاصله أن الإقرار في الصحة للوارث إذا لم يقم به إلا بعد موت المقر إن عرف وجهه فهو جائز اتفاقا ، وإلا فقولان المشهور وهو رواية المصريين الصحة ، ومقابله وهو قول المدنيين واختيار ابن رشد عدمها ، وعلى القول الأول إذا طلب من المقر له اليمين أنه لم يكن توليجا فقال ابن رشد الأظهر لحوق اليمين مراعاة لقول من لم يعمل الإقرار بعد الموت ، وصرح ابن سلمون بلزومها إن ثبت ميل الميت للمقر له ومثل الإقرار بدين تصيير الأب لابنه دورا أو عروضا في دين أقر له به ، فإن كان يعرف سبب الدين جاز التصيير ، سواء كان في الصحة أو في المرض ، وإن لم يعرف أصله فكالإقرار بالدين ، فإن كان في الصحة ففيه القولان أحدهما نفوذه ويحاصص به الغرماء ، وهو قول ابن القاسم في المدونة والعتبية . المتيطي وعليه العمل ، والثاني أنه غير نافذ وهو قول المدنيين .

وشبه في المؤاخذة بالإقرار فقال ( ك ) إقرار ( زوج ) لزوجته فيؤاخذ به إن ( علم ) بضم فكسر أي ثبت ( بغضه ) أي الزوج ( لها ) أي الزوجة وإن لم يرثه ابن أو انفردت بصغير على المعتمد كما لابن رشد والناصر وغيرهما خلافا لابن الحاجب وظاهر المصنف ( أو جهل ) بضم فكسر حاله معها ( و ) الحال أنه ( ورثه ) أي الزوج في هذا الحال فقط ( ابن ) صغير أو كبير منها أو من غيرها ( أو ) ورثه ( بنون ) ذكور وحدهم أو معهم إناث . وأما إن ورثه إناث فقط فهو قوله الآتي ، ومع الإناث والعصبة قولان ، فيؤاخذ بإقراره لها مع البنين في كل حال ( إلا أن تنفرد ) الزوجة المجهول حاله معها ( ب ) الولد ( الصغير ) ولو أنثى قاله أحمد ، فإن انفردت بصغير بأن لم يكن لغيرها من زوجاته ولد صغير ألغي إقراره لها ، سواء كان الكبير منها أو من غيرها أو منهما معا والظاهر من كلامهم أن المراد بالصغير من لم يبلغ ، ولو قال المصنف كان جهل إن ورثه ابن كبير [ ص: 427 ] مطلقا أو صغيرة من غيرها مع كبير مطلقا لجرى على قاعدته الأغلبية من رجوع القيد لما بعد الكاف ، ومفهومه أنه إن لم يرثه ابن أو انفردت بالصغير فلا يؤاخذ بإقراره لها إذا جهل حاله معها .




الخدمات العلمية