الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ أجل ]

                                                          أجل : الأجل : غاية الوقت في الموت وحلول الدين ونحوه . والأجل : مدة الشيء . وفي التنزيل العزيز : ولا تعزموا عقدة النكاح حتى يبلغ الكتاب أجله أي : حتى تقضي عدتها . وقوله تعالى : ولولا كلمة سبقت من ربك لكان لزاما وأجل مسمى أي : لكان القتل الذي نالهم لازما لهم أبدا وكان العذاب دائما بهم ، ويعنى بالأجل المسمى القيامة ؛ لأن الله تعالى وعدهم بالعذاب ليوم القيامة ، وذلك قوله تعالى : بل الساعة موعدهم والجمع آجال . والتأجيل : تحديد الأجل ، وفي التنزيل كتابا مؤجلا . وأجل الشيء يأجل ، فهو آجل وأجيل : تأخر ، وهو نقيض العاجل . والأجيل : المؤجل إلى وقت ؛ وأنشد :


                                                          وغاية الأجيل مهواة الردى



                                                          والآجلة : الآخرة ، والعاجلة : الدنيا ، والآجل والآجلة : ضد العاجل والعاجلة . وفي حديث قراءة القرآن : " يتعجلونه ولا يتأجلونه " ، وفي حديث آخر : " يتعجله ولا يتأجله " التأجل تفعل من الأجل ، وهو الوقت المضروب المحدود في المستقبل ؛ أي : أنهم يتعجلون العمل بالقرآن ولا يؤخرونه . وفي حديث مكحول : " كنا بالساحل مرابطين فتأجل متأجل منا - أي : استأذن في الرجوع إلى أهله - وطلب أن يضرب له في ذلك أجل " ، واستأجلته فأجلني إلى مدة . والإجل ، بالكسر : القطيع من بقر الوحش ، والجمع آجال . وفي حديث زياد : " في يوم مطير ترمض فيه الآجال ؛ هي جمع إجل بكسر الهمزة وسكون الجيم ، وهو القطيع من بقر الوحش والظباء ، وتأجلت البهائم ؛ أي : صارت آجالا ؛ قال لبيد :


                                                          والعين ساكنة على أطلائها عوذا تأجل بالفضاء بهامها



                                                          وتأجل الصوار : صار إجلا . والإجل : لغة في الإيل ، وهو الذكر من الأوعال ، ويقال : هو الذي يسمى بالفارسية كوزن ، والجيم بدل من الياء كقولهم في برني برنج ، قال أبو عمرو بن العلاء : بعض الأعراب يجعل الياء المشددة جيما وإن كانت أيضا غير طرف ؛ وأنشد ابن الأعرابي لأبي النجم :


                                                          كأن في أذنابهن الشول     من عبس الصيف قرون الإجل



                                                          ، قال : يريد الإيل ، ويروى قرون الإيل ، وهو الأصل .

                                                          وتأجلوا على الشيء : تجمعوا . والإجل : وجع في العنق ، وقد أجله منه يأجله ؛ عن الفارسي ، وأجله وآجله عن غيره ، كل ذلك : داواه فأجله ، كحمأ البئر نزع حمأتها ، وأجله كقذى العين نزع قذاها ، وآجله كعاجله ، وقد أجل الرجل ؛ بالكسر ، أي : نام على عنقه فاشتكاها . والتأجيل : المداواة منه . وحكي عن ابن الجراح : بي إجل فأجلوني ؛ أي : داووني منه ، كما يقال طنيته من الطنى ومرضته . ابن الأعرابي : هو الإجل والإدل ، وهو وجع العنق من تعادي الوساد . الأصمعي : هو البدل أيضا . وفي حديث المناجاة : " أجل أن يحزنه " أي : من أجله ولأجله ، والكل لغات ، وتفتح همزتها وتكسر ؛ ومنه الحديث : " أن تقتل ولدك أجل أن يأكل معك " . والأجل : الضيق . وأجلوا مالهم : حبسوه عن المرعى . وأجل ، بفتحتين : بمعنى نعم ، وقولهم أجل إنما هو جواب مثل نعم ؛ قال الأخفش : إلا أنه أحسن من نعم في التصديق ، ونعم أحسن منه في الاستفهام ، فإذا قال : أنت سوف تذهب قلت : أجل ؛ وكان أحسن من نعم ، إذا قال أتذهب قلت : نعم ؛ وكان أحسن من أجل . وأجل : تصديق لخبر يخبرك به صاحبك فيقول فعل ذلك فتصدقه بقولك له : أجل ، وأما نعم فهو جواب المستفهم بكلام لا جحد فيه ، تقول له : هل صليت ؟ فيقول : نعم ، فهو جواب المستفهم . والمأجل ؛ بفتح الجيم : مستنقع الماء ، والجمع المآجل . ابن سيده : والمأجل شبه حوض واسع يؤجل ؛ أي : يجمع فيه الماء إذا كان قليلا ثم يفجر إلى المشارات والمزرعة والآبار ، وهو بالفارسية طرحه . وأجله فيه : جمعه ، وتأجل فيه : تجمع . والأجيل : الشربة ، وهو الطين يجمع حول النخلة ؛ أزدية ، وقيل : المآجل الجبأة التي تجتمع فيها مياه الأمطار من الدور ؛ قال أبو منصور : وبعضهم لا يهمز المأجل ويكسر الجيم فيقول : الماجل ، ويجعله من المجل ، وهو الماء يجتمع من النفطة تمتلئ ماء من عمل أو حرق . وقد تأجل الماء فهو متأجل : يعني استنقع في موضع . وماء أجيل ؛ أي : مجتمع . وفعلت ذلك من أجلك وإجلك - بفتح الهمزة وكسرها - ، وفي التنزيل العزيز : من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل الألف مقطوعة ؛ أي : من جرا ذلك ؛ قال : وربما حذفت العرب " من " فقالت : فعلت ذلك أجل كذا ، قال اللحياني : ، وقد قرئ : ( من إجل ذلك ) وقراءة العامة : من أجل ذلك ، وكذلك فعلته من أجلاك وإجلاك ؛ أي : من جراك ، ويعدى بغير " من " قال عدي بن زيد :


                                                          أجل أن الله قد فضلكم     فوق من أحكأ صلبا بإزار



                                                          ، وقد روي هذا البيت : إجل أن الله قد فضلكم . قال الأزهري : والأصل في قولهم فعلته من أجلك أجل عليهم أجلا أي : جنى عليهم وجر . والتأجل : الإقبال والإدبار ، قال :


                                                          عهدي به قد كسي ثمت لم يزل     بدار يزيد طاعما يتأجل



                                                          والأجل : مصدر . وأجل عليهم شرا يأجله ويأجله أجلا : جناه ، وهيجه ؛ قال خوات بن جبير :


                                                          وأهل خباء صالح كنت بينهم     قد احتربوا في عاجل أنا آجله



                                                          [ ص: 61 ] أي : أنا جانيه . قال ابن بري : قال أبو عبيدة هو للخنوت ؛ قال : ، وقد وجدته أنا في شعر زهير في القصيدة التي أولها :


                                                          صحا القلب عن ليلى وأقصر باطله



                                                          ، قال : وليس في رواية الأصمعي ؛ وقوله : " وأهل " مخفوض بواو رب ؛ عن ابن السيرافي ، قال : ، وكذلك وجدته في شعر زهير ؛ قال : ومثله قول توبة بن مضرس العبسي :


                                                          فإن تك أم ابني زميلة أثكلت     فيا رب أخرى قد أجلت لها ثكلا



                                                          أي : جلبت لها ثكلا ، وهيجته ؛ قال : ومثله أيضا لتوبة :


                                                          وأهل خباء آمنين فجعتهم     بشيء عزيز عاجل ، أنا آجله
                                                          وأقبلت أسعى أسأل القوم ما لهم     سؤالك بالشيء الذي أنت جاهله



                                                          ، قال : وقال أطيط :


                                                          وهم تعناني ، وأنت أجلته     فعنى الندامى والغريرية الصهبا



                                                          أبو زيد : أجلت عليهم آجل وآجل أجلا ؛ أي : جررت جريرة . قال أبو عمرو : يقال جلبت عليهم وجررت وأجلت بمعنى واحد ؛ أي : جنيت . وأجل لأهله يأجل ويأجل : كسب وجمع واحتال ؛ هذه عن اللحياني : وأجلى ، على فعلى : موضع وهو مرعى لهم معروف ؛ قال الشاعر :


                                                          حلت سليمى ساحة القليب     بأجلى محلة الغريب



                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية