الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      باب في تدوين العطاء

                                                                      2960 حدثنا موسى بن إسمعيل حدثنا إبراهيم يعني ابن سعد حدثنا ابن شهاب عن عبد الله بن كعب بن مالك الأنصاري أن جيشا من الأنصار كانوا بأرض فارس مع أميرهم وكان عمر يعقب الجيوش في كل عام فشغل عنهم عمر فلما مر الأجل قفل أهل ذلك الثغر فاشتد عليهم وتواعدهم وهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا يا عمر إنك غفلت عنا وتركت فينا الذي أمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم من إعقاب بعض الغزية بعضا

                                                                      التالي السابق


                                                                      قال في القاموس : الديوان ويفتح مجتمع الصحف والكتاب يكتب فيه أهل الجيش وأهل العطية ، وأول من وضعه عمر رضي الله عنه جمعه دواوين ودياوين وقد دونه .

                                                                      ( وكان عمر يعقب الجيوش في كل عام ) : قال الخطابي : الإعقاب أن يبعث الإمام في أثر المقيمين في الثغر جيشا يقيمون مكانهم وينصرف أولئك ، فإنه إذا طالت [ ص: 140 ] عليهم الغيبة والغربة تضرروا به وأضر ذلك بأهليهم ، وقد قال عمر رضي الله عنه في بعض كلامه " لا تجمروا الجيوش فتفتنوهم " يريد لا تطيلوا حبسهم في الثغور انتهى ( فشغل عنهم ) : أي عن ذلك الجيش المقيمين ( عمر ) : فلم يبعث جيشا آخر مكانهم ولم يطلبهم .

                                                                      قال في فتح الودود : لعل شغله كان بجهة تدوين العطايا ونحوه ، فلذلك ذكر المصنف رحمه الله هذا الحديث في الباب والله تعالى أعلم .

                                                                      قلت : بل قوله " يعقب الجيوش في كل عام " هو موضع ترجمة الباب لأن بعث الجيوش المتأخرة وطلب الجيوش المتقدمة لا يكون إلا بأن أسماءهم كانت محفوظة في الدفاتر لأجل ترتيبهم للغزو ، ورد بعض الجيوش مكان بعض وتبديل بعضهم من بعض ، ولأجل العطاء والفرض ( فلما مر ) : أي مضى ( الأجل ) : المعين لهم ( قفل ) : أي رجع ( أهل ذلك الثغر ) : يعني ذلك الجيش . والثغر بفتح مثلثة وسكون معجمة هو موضع يكون حدا فاصلا بين بلاد المسلمين والكفار وهو موضع المخافة من أطراف البلاد ( فاشتد عليهم ) : الخوف لكونهم جاءوا بغير الإذن ( وتواعدهم ) : كذا في أكثر النسخ ، يقال تواعدوا تواعدا ، واتعدوا اتعادا أي وعد بعضهم بعضا . والمعنى أي وعدهم عمر رضي الله عنه بالنكال والعقوبة . وفي بعضها واعدهم من باب المفاعلة يقال واعد رجل رجلا أي وعد كل منهما الآخر وفي بعضها أوعدهم من باب الأفعال ، وهذا هو الظاهر لأن الإيعاد بمعنى التهديد وهو المراد هاهنا كما لا يخفى ، يقال أوعده إيعادا تهدده أوعدني بالسجن أي تهددني بالسجن ( الذي أمر به ) : أي الأمر الذي أمر به ( من إعقاب بعض الغزية بعضا ) : بيان للذي أمر به النبي صلى الله عليه وسلم إرسال بعض في عقب بعض والحديث سكت عنه المنذري .




                                                                      الخدمات العلمية