الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ بشر ]

                                                          بشر : البشر : الخلق يقع على الأنثى والذكر والواحد والاثنين والجمع لا يثنى ولا يجمع ، يقال : هي بشر وهو بشر وهما بشر وهم بشر . ابن سيده : البشر الإنسان الواحد ، والجمع والمذكر والمؤنث في ذلك سواء ، وقد يثنى . وفي التنزيل العزيز : أنؤمن لبشرين مثلنا ; والجمع أبشار . والبشرة : أعلى جلدة الرأس والوجه والجسد من الإنسان وهي التي عليها الشعر ، وقيل : هي التي تلي اللحم . وفي المثل : إنما يعاتب الأديم ذو البشرة ، قال أبو حنيفة : معناه أن يعاد إلى الدباغ ، يقول : إنما يعاتب من يرجى ومن له مسكة عقل ، والجمع بشر . ابن بزرج : والبشر جمع بشرة وهو ظاهر الجلد . الليث : البشرة أعلى جلدة الوجه ، والجسد من الإنسان ، ويعنى به اللون والرقة ، ومنه اشتقت مباشرة الرجل المرأة لتضام أبشارهما . والبشرة والبشر : ظاهر جلد الإنسان ، وفي الحديث : لم أبعث عمالي ليضربوا أبشاركم ، وأما قوله :


                                                          تدري فوق متنيها قرونا على بشر ، وآنسه لباب .



                                                          قال ابن سيده : قد يكون جمع بشرة كشجرة وشجر وثمرة وثمر ، وقد يجوز أن يكون أراد الهاء فحذفها كقول أبي ذؤيب :


                                                          ألا ليت شعري ، هل تنظر خالد     عنادي على الهجران ، أم هو يائس ؟



                                                          قال : وجمعه أيضا أبشار ; قال : وهو جمع الجمع . والبشر : بشر الأديم . وبشر الأديم يبشره بشرا وأبشره : قشر بشرته التي ينبت عليها [ ص: 90 ] الشعر ، وقيل : هو أن يأخذ باطنه بشفرة . ابن بزرج : من العرب من يقول : بشرت الأديم أبشره ، بكسر الشين ، إذا أخذت بشرته . والبشارة : ما بشر منه . وأبشره : أظهر بشرته . وأبشرت الأديم فهو مبشر إذا ظهرت بشرته التي تلي اللحم ، وآدمته إذا أظهرت أدمته التي ينبت عليها الشعر . اللحياني : البشارة ما قشرت من بطن الأديم ، والتحليء ما قشرت عن ظهره . وفي حديث عبد الله : من أحب القرآن فليبشر أي فليفرح وليسر ، أراد أن محبة القرآن دليل على محض الإيمان من بشر يبشر ، بالفتح ، ومن رواه بالضم ، فهو من بشرت الأديم أبشره إذا أخذت باطنه بالشفرة ، فيكون معناه فليضمر نفسه للقرآن فإن الاستكثار من الطعام ينسيه القرآن . وفي حديث عبد الله بن عمرو : أمرنا أن نبشر الشوارب بشرا أي نحفها حتى تبين بشرتها وهي ظاهر الجلد ، وتجمع على أبشار . أبو صفوان : يقال لظاهر جلدة الرأس الذي ينبت فيه الشعر البشرة والأدمة والشواة . الأصمعي : رجل مؤدم مبشر ، وهو الذي قد جمع لينا وشدة مع المعرفة بالأمور ، قال : وأصله من أدمة الجلد وبشرته ، فالبشرة ظاهره ، وهو منبت الشعر ، والأدمة باطنه ، وهو الذي يلي اللحم ، قال : والذي يراد منه أنه قد جمع بين لين الأدمة وخشونة البشرة وجرب الأمور . وفي الصحاح : فلان مؤدم مبشر إذا كان كاملا من الرجال ، وامرأة مؤدمة مبشرة : تامة في كل وجه . وفي حديث بحنة : ابنتك المؤدمة المبشرة ، يصف حسن بشرتها وشدتها . وبشر الجراد الأرض : أكله ما عليها . وبشر الجراد الأرض يبشرها بشرا : قشرها وأكل ما عليها ، كأن ظاهر الأرض بشرتها . وما أحسن بشرته أي سحناءه وهيئته . وأبشرت الأرض إذا أخرجت نباتها . وأبشرت الأرض إبشارا : بذرت فظهر نباتها حسنا ، فيقال عند ذلك : ما أحسن بشرتها ; قال أبو زياد الأحمر : أمشرت الأرض وما أحسن مشرتها . وبشرة الأرض : ما ظهر من نباتها . والبشرة : البقل والعشب وكله من البشرة . وباشر الرجل امرأته مباشرة وبشارا : كان معها في ثوب واحد فوليت بشرته بشرتها . وقوله - تعالى - : ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد ، معنى المباشرة الجماع ، وكان الرجل يخرج من المسجد ، وهو معتكف ، فيجامع ثم يعود إلى المسجد . ومباشرة المرأة : ملامستها . والحجر المباشر : التي تهم بالفحل . والبشر أيضا : المباشرة ; قال الأفوه :


                                                          لما رأت سري تغير ، وانثنى     من دون نهمة بشرها حين انثنى .



                                                          أي مباشرتي إياها . وفي الحديث : أنه كان يقبل ويباشر وهو صائم ، أراد بالمباشرة الملامسة وأصله من لمس بشرة الرجل بشرة المرأة ، وقد يرد بمعنى الوطء في الفرج وخارجا منه . وباشر الأمر : وليه بنفسه ، وهو مثل بذلك لأنه لا بشرة للأمر إذ ليس بعين . وفي حديث علي - كرم الله تعالى وجهه - : فباشروا روح اليقين ، فاستعاره لروح اليقين لأن روح اليقين عرض ، وبين أن العرض ليست له بشرة . ومباشرة الأمر : أن تحضره بنفسك وتليه بنفسك . والبشر : الطلاقة ، وقد بشره بالأمر يبشره ، بالضم ، بشرا وبشورا وبشرا وبشره به بشرا ، كله عن اللحياني . وبشره وأبشره فبشر به ، وبشر يبشر بشرا وبشورا . يقال : بشرته فأبشر واستبشر وتبشر وبشر : فرح . وفي التنزيل العزيز : فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به ، وفيه أيضا : وأبشروا بالجنة . واستبشره : كبشره ; قال ساعدة بن جؤية :


                                                          فبينا تنوح استبشروها بحبها     على حين أن كل المرام تروم .



                                                          قال ابن سيده : وقد يكون طلبوا منها البشرى على إخبارها إياهم بمجيء ابنها . وقوله - تعالى - : ( يا بشراي هذا غلام ) كقولك عصاي . وتقول في التثنية : يا بشريي . والبشارة المطلقة لا تكون إلا بالخير وإنما تكون بالشر إذا كانت مقيدة كقوله - تعالى - : فبشرهم بعذاب أليم ; قال ابن سيده : والتبشير يكون بالخير والشر كقوله - تعالى - : فبشرهم بعذاب أليم ، وقد يكون هذا على قولهم : تحيتك الضرب وعتابك السيف ، والاسم البشرى . وقوله - تعالى - : لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة ، فيه ثلاثة أقوال : أحدها أن بشراهم في الدنيا ما بشروا به من الثواب ، قال الله - تعالى - : ويبشر المؤمنين ، وبشراهم في الآخرة الجنة ، وقيل : بشراهم في الدنيا الرؤيا الصالحة يراها المؤمن في منامه أو ترى له ، وقيل : معناه بشراهم في الدنيا أن الرجل منهم لا تخرج روحه من جسده حتى يرى موضعه من الجنة ، قال الله - تعالى - : إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون . الجوهري : بشرت الرجل أبشره ، بالضم ، بشرا وبشورا من البشرى ، وكذلك الإبشار والتبشير ثلاث لغات ، والاسم البشارة والبشارة ، بالكسر والضم . يقال : بشرته بمولود فأبشر إبشارا أي سر . وتقول : أبشر بخير ، بقطع الألف . وبشرت بكذا ، بالكسر ، أبشر أي استبشرت به ، قال عطية بن زيد جاهلي وقال ابن بري : هذا لعبد القيس بن خفاف البرجمي :


                                                          إذا رأيت الباهشين إلى العلا     غبرا أكفهم بقاع ممحل
                                                          فأعنهم وابشر بما بشروا به     وإذا هم نزلوا بضنك فانزل .



                                                          ويروى : وايسر بما يسروا به . وأتاني أمر بشرت به أي سررت به . وبشرني فلان بوجه حسن أي لقيني . وهو حسن البشر ، بالكسر ، أي طلق الوجه . والبشارة : ما بشرت به . والبشارة : تباشر القوم بأمر . والتباشير : البشرى . وتباشر القوم أي بشر بعضهم بعضا . والبشارة والبشارة أيضا : ما يعطاه المبشر بالأمر . وفي حديث توبة كعب : فأعطيته ثوبي بشارة ، البشارة ، بالضم : ما يعطى البشير كالعمالة للعامل ، وبالكسر : الاسم لأنها تظهر طلاقة الإنسان . والبشير : المبشر الذي يبشر القوم بأمر خير أو شر . وهم يتباشرون بذلك الأمر أي يبشر بعضهم بعضا . والمبشرات : الرياح التي تهب بالسحاب وتبشر بالغيث . وفي التنزيل العزيز : ومن آياته أن يرسل الرياح مبشرات ، وفيه : وهو الذي يرسل الرياح بشرا ، وبشرا وبشرى [ ص: 91 ] وبشرا ، فبشرا جمع بشور ، وبشرا مخفف منه ، وبشرى بمعنى بشارة ، وبشرا مصدر بشره بشرا إذا بشره . وقوله - عز وجل - : إن الله يبشرك ; وقرئ يبشرك ; قال الفراء : كأن المشدد منه على بشارات البشراء ، وكأن المخفف من وجه الإفراح والسرور ، وهذا شيء كان المشيخة يقولونه . قال : وقال بعضهم : أبشرت ، قال : ولعلها لغة حجازية . وكان سفيان بن عيينة يذكرها فليبشر ، وبشرت لغة رواها الكسائي . يقال : بشرني بوجه حسن يبشرني . وقال الزجاج : معنى يبشرك يسرك ويفرحك . وبشرت الرجل أبشره إذا أفرحته . وبشر يبشر إذا فرح . قال : ومعنى يبشرك ويبشرك من البشارة . قال : وأصل هذا كله أن بشرة الإنسان تنبسط عند السرور ، ومن هذا قولهم : فلان يلقاني ببشر أي بوجه منبسط . ابن الأعرابي : يقال : بشرته وبشرته وأبشرته وبشرت بكذا وكذا وبشرت وأبشرت إذا فرحت به . ابن سيده : أبشر الرجل فرح ; قال الشاعر :


                                                          ثم أبشرت إذ رأيت سواما     وبيوتا مبثوثة وجلالا .



                                                          وبشرت الناقة باللقاح ، وهو حين يعلم ذلك عند أول ما تلقح . التهذيب : يقال أبشرت الناقة إذا لقحت فكأنها بشرت باللقاح ، قال وقول الطرماح يحقق ذلك :


                                                          عنسل تلوي إذا أبشرت     بخوافي أخدري سخام .



                                                          وتباشير كل شيء : أوله كتباشير الصباح والنور ، لا واحد له ، قال لبيد يصف صاحبا له عرس في السفر فأيقظه :


                                                          قلما عرس ، حتى هجت     بالتباشير من الصبح الأول .



                                                          والتباشير طرائق ضوء الصبح في الليل . قال الليث : يقال للطرائق التي تراها على وجه الأرض من آثار الرياح إذا هي خوته : التباشير . ويقال لآثار جنب الدابة من الدبر : تباشير ; وأنشد :


                                                          نضوة أسفار إذا حط رحلها     رأيت بدفأيها تباشير تبرق .



                                                          الجوهري : تباشير الصبح أوائله ، وكذلك أوائل كل شيء ، ولا يكون منه فعل . وفي حديث الحجاج : كيف كان المطر وتبشيره ؟ أي مبدؤه وأوله . وتباشير : ليس له نظير إلا ثلاثة أحرف : تعاشيب الأرض وتعاجيب الدهر وتفاطير النبات ما ينفطر منه ، وهو أيضا ما يخرج على وجه الغلمان والفتيات ، قال :


                                                          تفاطير الجنون بوجه سلمى     قديما ، لا تفاطير الشباب .



                                                          ويروى نفاطير ، بالنون . وتباشير النخل : في أول ما يرطب . والبشارة ، بالفتح : الجمال والحسن ، قال الأعشى في قصيدته التي أولها :


                                                          بانت لتحزننا عفاره     يا جارتا ما أنت جاره !



                                                          قال منها :


                                                          ورأت بأن الشيب جا     نبه البشاشة والبشاره .



                                                          ورجل بشير الوجه إذا كان جميله ، وامرأة بشيرة الوجه ، ورجل بشير وامرأة بشيرة ، ووجه بشير : حسن ، قال دكين بن رجاء :


                                                          تعرف في أوجهها البشائر     آسان كل آفق مشاجر .



                                                          والآسان : جمع أسن ، بضم الهمزة والسين ، وقد قيل : أسن بفتحهما أيضا ، وهو الشبه . والآفق : الفاضل . والمشاجر : الذي يرعى الشجر . ابن الأعرابي : المبشورة الجارية الحسنة الخلق واللون ، وما أحسن بشرتها . والبشير : الجميل ، والمرأة بشيرة . والبشير : الحسن الوجه . وأبشر الأمر وجهه : حسنه ونضره ، وعليه وجه أبو عمرو قراءة من قرأ : ذلك الذي يبشر الله عباده ، قال : إنما قرئت بالتخفيف لأنه ليس فيه بكذا إنما تقديره ذلك الذي ينضر الله به وجوههم . اللحياني : وناقة بشيرة أي حسنة وناقة بشيرة : ليست بمهزولة ولا سمينة ، وحكي عن أبي هلال قال : هي التي ليست بالكريمة ولا الخسيسة . وفي الحديث : ما من رجل له إبل وبقر لا يؤدي حقها إلا بطح لها يوم القيامة بقاع قرقر كأكثر ما كانت ، وأبشره أي أحسنه من البشر ، وهو طلاقة الوجه وبشاشته ، ويروى : وآشره من النشاط والبطر . ابن الأعرابي : هم البشار والقشار والخشار لسقاط الناس . والتبشر والتبشر : طائر يقال هو الصفارية ، ولا نظير له إلا التنوط ، وهو طائر وهو مذكور في موضعه ، وقولهم : وقع في وادي تهلك ووادي تضلل ووادي تخيب . والناقة البشيرة : الصالحة التي على النصف من شحمها ، وقيل : هي التي بين ذلك ليست بالكريمة ولا بالخسيسة . وبشر وبشرة : اسمان ; أنشد أبو علي :


                                                          وبشرة يأبونا ، كأن خباءنا     جناح سمانى في السماء تطير .



                                                          وكذلك بشير وبشير وبشار ومبشر . وبشرى : اسم رجل لا ينصرف في معرفة ولا نكرة ، للتأنيث ولزوم حرف التأنيث له ، وإن لم يكن صفة لأن هذه الألف يبنى الاسم لها فصارت كأنها من نفس الكلمة ، وليست كالهاء التي تدخل في الاسم بعد التذكير . والبشر : اسم ماء لبني تغلب . والبشر : اسم جبل ، وقيل : جبل بالجزيرة ; قال الشاعر :


                                                          فلن تشربي إلا برنق ، ولن     تري سواما وحيا في القصيبة فالبشر

                                                          .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية