الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب

السفاريني - محمد بن أحمد بن سالم السفاريني

صفحة جزء
مطلب : كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم عذبة طويلة .

( الخامس ) : قال صاحب القاموس في شرح البخاري له كما في السيرة الشامية نقلا عن من نقل عنه أنه { كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم عذبة طويلة نازلة بين كتفيه وتارة على كتفه } ، { وأنه ما فارق العذبة قط } ، { وأنه قال : خالفوا اليهود ولا تصمموا فإن تصميم العمائم من زي أهل الكتاب } .

{ وأنه قال : أعوذ بالله من عمامة صماء } .

قال الشمس الشامي : قال الشيخ : قوله : طويلة لم أره لكن يمكن أن يؤخذ من أحاديث إرخائها بين الكتفين .

وقوله : وتارة على كتفه لم أقف عليه من لبسه لكن من إلباسه .

وأما حديث خالفوا اليهود وحديث أعوذ بالله من عمامة صماء فلا أصل لهما .

وقال بعد ذلك : من علم أن العذبة سنة فتركها استنكافا عنها أثم ، أو غير مستنكف فلا .

[ ص: 249 ] قلت : وظاهر كلام أصحابنا كراهية العمامة الصماء .

بل صرحوا بذلك ، منهم صاحب الإقناع وشارح المنتهى م ص كالمصنف ، وبنوا عليه أن عدم جواز مسح العمامة الصماء لذلك قالوا : فإن لم تكن العمامة محنكة ولا ذات ذؤابة لم يجز المسح عليها لعدم المشقة في نزعها كالكتلة ; ولأنها تشبه عمائم أهل الكتاب ، وقد نهى عن التشبه بهم .

قال الشيخ : المحكي عن الإمام أحمد الكراهة ، ولم يمنع هو يعني الشيخ المسح .

قال : لأنه لا يمنع الترخص كسفر النزهة .

قال تلميذه في الفروع : كذا قال ، وقال في الفروع أيضا : ولعل ظاهر من جوز المسح إباحة لبسها ، وهو متجه ; لأنه فعل أبناء المهاجرين والأنصار .

وتحمل كراهة السلف على الحاجة إلى التحنيك لمجاهد أو غيره ، مع أن الكراهة إنما هي عن عمر وابنه والحسن وطاوس والثوري .

قال : وفي الصحة أي صحة الكراهة عمن ذكر نظر . انتهى .

وفي الآداب : لا خلاف في استحباب العمامة المحنكة وكراهة الصماء انتهى .

والحاصل : أن المعتمد في المذهب استحباب التحنك ، فإن لم يكن فالذؤابة ، فإن فقدا كانت العمامة مكروهة .

هذا المذهب بلا ريب .

قلت : وظاهر كلام جميع علمائنا اعتبار كون الذؤابة من العمامة لا من غيرها .

وفي فتاوى الحافظ السخاوي أن بعضهم نسب إلى عائشة رضي الله عنها قالت : كانت العذبة في السفر من غير العمامة وفي الحضر منها .

قال السخاوي : وهذا شيء ما علمناه . انتهى .

وأظن أن شيخنا التغلبي رحمه الله تعالى قال لي : إن كانت العذبة من غير العمامة لم يجز عليها المسح وزالت الكراهة ، فإن كان قال هذا ففيه نظر لأنا لو قلنا بعدم الكراهة لجوزنا المسح والله تعالى أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية