الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      باب في خبر النضير

                                                                      3004 حدثنا محمد بن داود بن سفيان حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أن كفار قريش كتبوا إلى ابن أبي ومن كان يعبد معه الأوثان من الأوس والخزرج ورسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ بالمدينة قبل وقعة بدر إنكم آويتم صاحبنا وإنا نقسم بالله لتقاتلنه أو لتخرجنه أو لنسيرن إليكم بأجمعنا حتى نقتل مقاتلتكم ونستبيح نساءكم فلما بلغ ذلك عبد الله بن أبي ومن كان معه من عبدة الأوثان اجتمعوا لقتال النبي صلى الله عليه وسلم فلما بلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم لقيهم فقال لقد بلغ وعيد قريش منكم المبالغ ما كانت تكيدكم بأكثر مما تريدون أن تكيدوا به أنفسكم تريدون أن تقاتلوا أبناءكم وإخوانكم فلما سمعوا ذلك من النبي صلى الله عليه وسلم تفرقوا فبلغ ذلك كفار قريش فكتبت كفار قريش بعد وقعة بدر إلى اليهود إنكم أهل الحلقة والحصون وإنكم لتقاتلن صاحبنا أو لنفعلن كذا وكذا ولا يحول بيننا وبين خدم نسائكم شيء وهي الخلاخيل فلما بلغ كتابهم النبي صلى الله عليه وسلم أجمعت بنو النضير بالغدر فأرسلوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم اخرج إلينا في ثلاثين رجلا من أصحابك وليخرج منا ثلاثون حبرا حتى نلتقي بمكان المنصف فيسمعوا منك فإن صدقوك وآمنوا بك آمنا بك فقص خبرهم فلما كان الغد غدا عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالكتائب فحصرهم فقال لهم إنكم والله لا تأمنون عندي إلا بعهد تعاهدوني عليه فأبوا أن يعطوه عهدا فقاتلهم يومهم ذلك ثم غدا الغد على بني قريظة بالكتائب وترك بني النضير ودعاهم إلى أن يعاهدوه فعاهدوه فانصرف عنهم وغدا على بني النضير بالكتائب فقاتلهم حتى نزلوا على الجلاء فجلت بنو النضير واحتملوا ما أقلت الإبل من أمتعتهم وأبواب بيوتهم وخشبها فكان نخل بني النضير لرسول الله صلى الله عليه وسلم خاصة أعطاه الله إياها وخصه بها فقال وما أفاء الله على رسوله منهم فما أوجفتم عليه من خيل ولا ركاب يقول بغير قتال فأعطى النبي صلى الله عليه وسلم أكثرها للمهاجرين وقسمها بينهم وقسم منها لرجلين من الأنصار وكانا ذوي حاجة لم يقسم لأحد من الأنصار غيرهما وبقي منها صدقة رسول الله صلى الله عليه وسلم التي في أيدي بني فاطمة رضي الله عنها [ ص: 181 ]

                                                                      التالي السابق


                                                                      [ ص: 181 ] والنضير كأمير حي من يهود خيبر من آل هارون أو موسى عليهما السلام وقد دخلوا في العرب ، كانت منازلهم وبني قريظة خارج المدينة في حدائق وآطام وغزوة بني النضير مشهورة . قال الزهري : كانت على ستة أشهر من وقعة أحد كذا في تاج العروس ، وفي شرح المواهب : قبيلة كبيرة من اليهود دخلوا في العرب .

                                                                      ( إنكم آويتم صاحبنا ) : أي أنزلتموه في المنازل . وهذا تفسير وبيان لما كتب قريش إلى ابن أبي وغيره ، والمراد بصاحبنا النبي صلى الله عليه وسلم ( حتى نقتل مقاتلتكم ) : بكسر التاء أي المقاتلين منكم ( ونستبيح نساءكم ) : أي نسبي وننهب ( المبالغ ) بفتح الميم جمع مبلغ هو حد الشيء ونهايته ، والمبالغ أي الغايات ( ما كانت ) : أي قريش ، وما نافية ( تكيدكم ) من كاد إذا مكر به وخدعه . قاله في المجمع . والمعنى أي ما تضركم وما تخدعكم وما تمكر بكم ( بأكثر مما تريدون أن تكيدوا به أنفسكم ) : لأنكم إن قاتلتمونا ففينا أبناؤكم وإخوانكم الذين أسلموا فتقاتلونهم أيضا ويقاتلونكم فيكون الضرر أكثر من أن تقاتلكم قريش ( تفرقوا ) : ورجعوا عن عزم القتال ( إنكم أهل الحلقة ) : بفتح وسكون . قال الخطابي : يريد [ ص: 182 ] بالحلقة السلاح ، وقيل أراد بها الدروع لأنها حلق مسلسلة ( وبين خدم نسائكم ) أي خلا خيلهن واحدتها خدمة ( وهي ) : أي الخدم ( الخلاخيل ) : جمع خلخال ، وهذا التفسير من بعض الرواة ( فلما بلغ كتابهم ) : أي كتاب قريش إلى يهود المدينة وغيرها ( النبي صلى الله عليه وسلم ) : بنصب ياء النبي صلى الله عليه وسلم أي في أمر النبي صلى الله عليه وسلم ومقاتلتهم معه ( حبرا ) : أي عالما ( بمكان المنصف ) : بفتح الميم الموضع الوسط ( فقص خبرهم ) : أي أخبر النبي صلى الله عليه وسلم الناس بخبرهم ( بالكتائب ) : أي الجيوش المجتمعة واحدتها كتيبة ومنه الكتاب ، ومعناه الحروف المضمومة بعضها إلى بعض . قاله الخطابي ( والله لا تأمنون ) : من أمن كسمع ( ثم غدا الغد ) : أي سار في أول نهار الغد ( على الجلاء ) : أي الخروج من المدينة وهو الخروج من البلاد ( ما أقلت ) : من الإقلال أي حملت ورفعت ( من أمتعتهم ) : جمع متاع . والحديث سكت عنه المنذري .




                                                                      الخدمات العلمية