الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 195 ] مسألة فيما يفعله بعض الخطباء يوم الجمعة [ ص: 196 ] [ ص: 197 ] مسألة

فيما يفعله بعض الخطباء يوم الجمعة، كدق المنبر بالسيف في أول درجه وثانيه وثالثه، وقول المؤذنين عند ذلك: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد وعلى أبي بكر وعمر ضجيعيه، وفي الثانية: وعلى عثمان وعلي صهريه; وفي الثالثة: وعلى آل محمد وعلى الحمزة والعباس عميه. فإذا رقي أعلى المنبر أقبل على الناس وسلم عليهم ورفع يده، فإذا شرع في الخطبة وأتى إلى ذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - رفع المؤذنون أصواتهم بالصلاة عليه، فإذا فرغ الخطيب قام بعض المؤذنين ومجد الخطيب وأثنى عليه.

الجواب

البدع التي يفعلها الخطباء في الجمعة متعددة، قد ذكروا منها نحو عشرين بدعة ، منها ما ذكر من الدق بالسيف، ورفع المؤذن صوته بالدعاء للخطيب، أو بالصلاة والترضي.

وأما تسليم الإمام عليهم إذا استقبلهم بعد الاستدبار، فهو مستحب عند الشافعي وأحمد وغيرهما ، وقد جاء ذلك مأثورا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، [ ص: 198 ] ولكن يسلم السلام الشرعي.

واتفق الأئمة على أن المشروع لمن سمع الخطيب أن ينصت ولا يجهر بشيء، فقد قال - صلى الله عليه وسلم -: "إذا قلت لصاحبك - والإمام يخطب يوم الجمعة-: أنصت، فقد لغوت" . فإذا كان الأمر بالإنصات لاغيا فكيف غيره؟ وسواء في ذلك المؤذن وغيره، لا يجهر أحدهم عند تكلم الخطيب بشيء، لا بصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا غير ذلك. لكن هل يسكت عند ذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - أو يصلي عليه سرا في نفسه؟ هذا فيه نزاع بين العلماء، فأما رفع الصوت بذلك أو غيره فمنهي عنه باتفاق العلماء، وجمهورهم على أن ذلك محرم، كما هو مذهب مالك وأبي حنيفة والشافعي في أحد قوليه وأحمد في أشهر الروايتين عنه.

وقد تبين أن هذه الأفعال مذمومة إلا سلام الخطيب على المأمومين.

والله أعلم. الحمد لله، وصلى على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم.

التالي السابق


الخدمات العلمية