الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                              صفحة جزء
                                                                              باب البيعة

                                                                              2866 حدثنا علي بن محمد حدثنا عبد الله بن إدريس عن محمد بن إسحق ويحيى بن سعيد وعبيد الله بن عمر وابن عجلان عن عبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت عن أبيه عن عبادة بن الصامت قال بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في العسر واليسر والمنشط والمكره والأثرة علينا وأن لا ننازع الأمر أهله وأن نقول الحق حيثما كنا لا نخاف في الله لومة لائم

                                                                              التالي السابق


                                                                              قوله : ( على السمع والطاعة ) صلة بايعنا متضمن معنى العهد ، أي : على أن نسمع كلامك ونطيعك في مرامك وكذا من يقوم مقامك من الخلفاء من بعدك ( والمنشط والمكره ) مفعل بفتح ميم وعين من النشاط والكراهة أي حالة انشراح صدورنا وطيب قلوبنا وما يضاد ذلك أو اسما زمان ، والمعنى واضح ، أو اسما مكان ، أي : فيما فيه نشاطهم وكراهتهم ، كذا قيل : ولا يخفى أن ما ذكره من المعنى على تقدير كونهما اسمي مكان - معنى مجازي ، ولذا قال بعضهم : كونهما اسمي مكان بعيد قوله : ( لا تخاف . . . إلخ ) أي : لا تترك الحق لخوف ملامتهم عليه ، وأما الخوف من غير أن يؤدي إلى ترك فليس بمنهي عنه ، بل ولا في قدرة الإنسان الاحتراز عنه قوله : ( والأثرة علينا ) الأثرة بفتحتين اسم من [ ص: 203 ] الاستئثار ، أي : وعلى تفضيل غيرنا ، ولا يخفى أنه لا يظهر للبيعة عليه وجه ؛ لأنه ليس فعلا لهم ، وأيضا ليس هو بأمر مطلوب في الدين بحيث يبايع عليه ، وأيضا عمومه يرفعه من أصله ؛ لأن كل مسلم إذا بايع على أن يفضل عليه غيره لا يوجد ذلك الغير الذي يفضل ، وهذا ظاهر فالمراد وعلى الصبر على أثرة علينا ، أي : بايعنا على أن نصبر إن أوثر غيرنا علينا وضمير علينا ، قيل : كناية عن جماعة الأنصار ، أو عام لهم ولغيرهم والأول أوجه فإنه - صلى الله عليه وسلم - أوصى إلى الأنصار سيكون بعدي أثرة فاصبروا عليها يعني أن الأمراء يفضلون عليكم غيركم في العطايا والولايات والحقوق وقد وقع ذلك في عهد الأمراء بعد الخلفاء الراشدين فصبروا اهـ . (وأن لا ننازع الأمر ) أي : الإمارة ، أو كل أمر (أهله ) الضمير للأمر ، أي : إذا وكل الأمر إلى من هو أهله فليس لنا أن نجره إلى غيره سواء كان أهلا أم لا .




                                                                              الخدمات العلمية