الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      باب نبش القبور العادية يكون فيها المال

                                                                      3088 حدثنا يحيى بن معين حدثنا وهب بن جرير حدثنا أبي سمعت محمد بن إسحق يحدث عن إسمعيل بن أمية عن بجير بن أبي بجير قال سمعت عبد الله بن عمرو يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول حين خرجنا معه إلى الطائف فمررنا بقبر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا قبر أبي رغال وكان بهذا الحرم يدفع عنه فلما خرج أصابته النقمة التي أصابت قومه بهذا المكان فدفن فيه وآية ذلك أنه دفن معه غصن من ذهب إن أنتم نبشتم عنه أصبتموه معه فابتدره الناس فاستخرجوا الغصن

                                                                      التالي السابق


                                                                      معنى العادية القديمة ، ومن عادتهم أنهم ينسبون الشيء القديم إلى عاد قوم هود عليه السلام والنبش إبراز المستور وكشف الشيء عن الشيء ومنه النباش .

                                                                      ( عن بجير ) : بجيم مصغرا ( ابن أبي بجير ) : بالتصغير قال الحافظ مجهول [ ص: 266 ] ( هذا قبر أبي رغال ) : قال في القاموس : أبو رغال ككتاب في سنن أبي داود ودلائل النبوة وغيرهما عن ابن عمر سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم حين خرجنا معه إلى الطائف فمررنا بقبر فقال هذا قبر أبي رغال وهو أبو ثقيف وكان من ثمود ، وكان بهذا الحرم يدفع عنه ، فلما خرج منه أصابته النقمة الحديث . وقول الجوهري : كان دليلا للحبشة حين توجهوا إلى مكة فمات في الطريق غير جيد وكذا قول ابن سيده : كان عبدا لشعيب وكان عشارا جائرا انتهى كلام صاحب القاموس ( يدفع عنه ) : أي العقوبة ( فلما خرج ) : أي عن الحرم ( أصابته النقمة ) : بكسر النون أي العقوبة ( وآية ذلك ) : أي علامته ( أنه ) : أي الشأن ( دفن معه غصن ) : لعل المراد منه قطعة من ذهب كالغصن قاله في فتح الودود وفي شرح المواهب غصن بضم المعجمة واحد الأغصان وهي أطراف الشجر ، والمراد به هنا قضيب من ذهب كان يتوكأ عليه وكان نحو نيف وعشرين رطلا فيما قيل .

                                                                      قال الخطابي : هذا سبيله سبيل الركاز لأنه مال من دفن الجاهلية لا يعلم مالكه ، وكان أبو رغال من بقية قوم أهلكهم الله عز وجل ولم يبق لهم نسل ولا عقب فصار حكم ذلك المال حكم الركاز ، وفيه دليل على جواز نبش قبور المشركين إذا كان فيهم إرب أو نفع لمسلم وأن ليست حرمتهم كحرمة المسلمين والله تعالى أعلم انتهى كلام الخطابي .

                                                                      وفي تاج العروس شرح القاموس قال ابن المكرم : ورأيت في هامش الصحاح أبو رغال اسمه زيد بن مخلف عبد كان لصالح النبي صلى الله عليه وسلم بعثه مصدقا وأنه أتى قوما ليس لهم لبن إلا شاة واحدة ولهم صبي قد ماتت أمه فهم يعاجونه بلبن تلك الشاة يعني يغذونه ، فأبى أن يأخذ غيرها ، فقالوا دعها نحايي بها هذا الصبي فأبى ، فيقال إنه نزلت قارعة من السماء ، ويقال بل قتله رب الشاة ، فلما فقده صالح قام صلى الله عليه وسلم في الموسم ينشد الناس فأخبر بصنيعه فلعنه فقبره بين مكة والطائف يرجمه الناس . انتهى .

                                                                      وفي إنسان العيون في سيرة الأمين المأمون : ومر صلى الله عليه وسلم بقبر فقال أبو رغال وهو أبو ثقيف أي وكان من ثمود قوم صالح وقد أصابته النقمة التي أصابت قومه بهذا المكان ثم دفن [ ص: 267 ] فيه بعد أن كان بالحرم ولم تصبه تلك النقمة ، فلما خرج من الحرم إلى المكان المذكور أصابته النقمة .

                                                                      وفي العرائس عن مجاهد قيل له هل بقي من قوم لوط أحد ؟ قال لا إلا رجل - بقي أربعين يوما وكان بالحرم فجاءه حجر ليصيبه في الحرم فقام إليه ملائكة الحرم فقالوا للحجر ارجع من حيث جئت فإن الرجل في حرم الله تعالى فرجع فوقف خارجا من الحرم أربعين يوما بين السماء والأرض حتى قضى الرجل حاجته وخرج من الحرم إلى هذا المحل أصابه الحجر فقتله فدفن فيه . انتهى .

                                                                      وفي لسان العرب : أبو رغال كنية وقيل كان رجلا عشارا في الزمن الأول جائرا فقبره يرجم إلى اليوم وقبره بين مكة والطائف ، وكان عبدا لشعيب عليه السلام . قال جرير :

                                                                      إذا مات الفرزدق فارجموه كما ترمون قبر أبي رغال

                                                                      . انتهى .

                                                                      وفي جامع الأصول : يضرب به المثل في الظلم والشؤم وهو الذي يرجم الحاج قبره إلى الآن . انتهى .

                                                                      وفي سنن الترمذي أن رجلا من ثقيف طلق نساءه فقال له عمر لتراجعن نساءك أو لأرجمن قبرك كما رجم قبر أبي رغال والله أعلم بالصواب .

                                                                      والحديث سكت عنه المنذري .

                                                                      هذا آخر كتاب الخراج والإمارة .




                                                                      الخدمات العلمية