الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          كتاب الأمثال عن رسول الله صلى الله عليه وسلم باب ما جاء في مثل الله لعباده

                                                                                                          2859 حدثنا علي بن حجر السعدي حدثنا بقية بن الوليد عن بحير بن سعد عن خالد بن معدان عن جبير بن نفير عن النواس بن سمعان الكلابي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله ضرب مثلا صراطا مستقيما على كنفي الصراط زوران لهما أبواب مفتحة على الأبواب ستور وداع يدعو على رأس الصراط وداع يدعو فوقه والله يدعوا إلى دار السلام ويهدي من يشاء إلى صراط مستقيم والأبواب التي على كنفي الصراط حدود الله فلا يقع أحد في حدود الله حتى يكشف الستر والذي يدعو من فوقه واعظ ربه قال أبو عيسى هذا حديث حسن غريب قال سمعت عبد الله بن عبد الرحمن يقول سمعت زكريا بن عدي يقول قال أبو إسحق الفزاري خذوا عن بقية ما حدثكم عن الثقات ولا تأخذوا عن إسمعيل بن عياش ما حدثكم عن الثقات ولا غير الثقات [ ص: 123 ]

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          [ ص: 123 ] ( أبواب الأمثال )

                                                                                                          جمع المثل بفتحتين وهو تشبيه شيء بشيء في حكمه وتقريب المعقول من المحسوس أو أحد المحسوسين من الآخر واعتبار أحدهما بالآخر ، قاله ابن القيم في الإعلام . وقال البيضاوي في تفسيره : أكثر الله تعالى في كتبه الأمثال ، وفشت في كلام الأنبياء والحكماء ، والمثل في الأصل بمعنى النظير ، يقال مثل ومثل ومثيل كشبه وشبه وشبيه ، ثم قيل للقول السائر الممثل مضربه بمورده ، ولا يضرب إلا ما فيه غرابة ، ولذلك حوفظ عليه من التغير ، ثم استعير لكل حال أو قصة أو صفة لها شأن وفيها غرابة كقوله تعالى : مثل الجنة التي وعد المتقون وقوله تعالى : ولله المثل الأعلى . انتهى .

                                                                                                          قوله : ( عن بحير بن سعيد ) بفتح الموحدة وكسر الحاء المهملة السحولي ( عن خالد بن معدان ) الكلاعي الحمصي كنيته أبو عبد الله ، ثقة عابد يرسل كثيرا ، من الثالثة ( عن النواس ) بفتح النون وتشديد الواو ( بن سمعان ) بكسر السين المهملة ، وقيل بفتحها وسكون الميم وبالعين المهملة ، صحابي مشهور سكن الشام .

                                                                                                          قوله : ( إن الله ضرب مثلا ) أي بين مثلا ( صراطا مستقيما ) بدل من مثلا لا على إهدام [ ص: 124 ] المبدل كما في قولك : زيد رأيت غلامه رجلا صالحا ( على كنفي الصراط ) أي على جانبيها والكنف محركة الجانب ( زوران ) بضم الزاي تثنية زور ، أي جداران . وفي حديث ابن مسعود عند رزين " سوران " بضم السين المهملة تثنية سور ، والظاهر أن السين قد أبدلت بالزاي كما يقال في الأسدي الأزدي ( لهما ) أي للزورين وفي حديث ابن مسعود " فيهما ( على الأبواب ستور ) جمع الستر بالكسر ( وداع يدعو على رأس الصراط ) . وفي حديث ابن مسعود : وعند رأس الصراط داع يقول : استقيموا على الصراط ولا تعوجوا ( وداع يدعو فوقه ) أي فوق الداعي الأول والله يدعو إلى دار السلام ويهدي من يشاء إلى صراط مستقيم وفي حديث ابن مسعود : وفوق ذلك داع يدعو كلما هم عبد أن يفتح شيئا من تلك الأبواب ، قال : ويحك لا تفتحه فإنك إن تفتحه تلجه ( والأبواب التي على كنفي الصراط حدود الله ) أي محارمه ( والذي يدعو من فوقه واعظ ربه ) وفي حديث ابن مسعود ثم فسره فأخبر أن الصراط هو الإسلام ، وأن الأبواب المفتحة محارم الله ، وأن الستور المرخاة حدود الله ، وأن الداعي على رأس الصراط هو القرآن وأن الداعي من فوقه هو واعظ الله في قلب كل مؤمن . قال الطيبي : قوله هو واعظ الله في قلب كل مؤمن ، هو لمة الملك في قلب المؤمن ، واللمة الأخرى هي لمة الشيطان .

                                                                                                          قوله : ( هذا حديث حسن غريب ) وأخرجه أحمد والبيهقي في شعب الإيمان ( سمعت عبد الله بن عبد الرحمن ) هو الدارمي ( يقول سمعت زكريا بن عدي ) قال في التقريب : زكريا بن عدي بن الصلت التيمي مولاهم أبو يحيى ، نزيل بغداد وهو أخو يوسف ثقة جليل يحفظ من كبار العاشرة ، ووقع في بعض النسخ زكريا بن أبي عدي بزيادة أبي بين ابن وعدي وهو غلط ; لأنه ليس في شيوخ الدارمي ولا في أصحاب أبي إسحاق الفزاري من يسمى بزكريا بن أبي عدي ( يقول قال أبو إسحاق الفزاري ) اسمه إبراهيم بن محمد بن الحارث بن أسماء بن خارجة بن حفص بن حذيفة ثقة حافظ له تصانيف من الثامنة ( خذوا عن بقية ما حدثكم عن الثقات ) وكذلك قال غير [ ص: 125 ] واحد من أئمة الحديث ، وقال الحافظ في التقريب في ترجمة بقية بن الوليد هذا : إنه صدوق كثير التدليس . انتهى ، فعنعنته غير مقبولة وإن كانت عن الثقات ، وروي هذا الحديث عن بحير بن سعيد بالعنعنة ( ولا تأخذوا عن إسماعيل بن عياش ما حدثكم عن الثقات ولا غير الثقات ) هذا الذي قاله أبو إسحاق خلاف قول جمهور الأئمة ، وقد تقدم بيانه في باب : لا وصية لوارث . من أبواب الوصايا .




                                                                                                          الخدمات العلمية