الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ بعث ]

                                                          بعث : بعثه يبعثه بعثا : أرسله وحده ، وبعث به : أرسله مع غيره . وابتعثه أيضا أي أرسله فانبعث . وفي حديث علي يصف النبي - صلى الله عليه وسلم - : شهيدك يوم الدين ، وبعيثك نعمة ، أي مبعوثك الذي بعثته إلى الخلق أي أرسلته ، فعيل بمعنى مفعول . وفي حديث ابن زمعة : انبعث أشقاها ، يقال : انبعث فلان لشأنه إذا ثار ومضى ذاهبا لقضاء حاجته . والبعث : الرسول ، والجمع بعثان . والبعث : بعث [ ص: 108 ] الجند إلى الغزو . والبعث : القوم المبعوثون المشخصون ، ويقال : هم البعث بسكون العين . وفي النوادر : يقال : ابتعثنا الشام عيرا ، إذا أرسلوا إليها ركابا للميرة . وفي حديث القيامة : يا آدم ابعث بعث النار ، أي المبعوث إليها من أهلها ، وهو من باب تسمية المفعول بالمصدر . وبعث الجند يبعثهم بعثا : وجههم ، وهو من ذلك ، وهو البعث والبعيث ، وجمع البعث : بعوث ; قال :


                                                          ولكن البعوث جرت علينا فصرنا بين تطويح وغرم .



                                                          وجمع البعيث : بعث . والبعث : يكون بعثا للقوم يبعثون إلى وجه من الوجوه ، مثل السفر والركب . وقولهم : كنت في بعث فلان ، أي في جيشه الذي بعث معه . والبعوث : الجيوش . وبعثه على الشيء : حمله على فعله . وبعث عليهم البلاء : أحله . وفي التنزيل العزيز : بعثنا عليكم عبادا لنا أولي بأس شديد . وفي الخبر : أن عبد الملك خطب فقال : بعثنا عليكم مسلم بن عقبة ، فقتلكم يوم الحرة . وانبعث الشيء وتبعث : اندفع . وبعثه من نومه بعثا ، فانبعث : أيقظه وأهبه . وفي الحديث : " أتاني الليلة آتيان فابتعثاني " ، أي أيقظاني من نومي . وتأويل البعث : إزالة ما كان يحبسه عن التصرف والانبعاث . وانبعث في السير أي أسرع . ورجل بعث : كثير الانبعاث من نومه . ورجل بعث وبعث وبعث : لا تزال همومه تؤرقه ، وتبعثه من نومه ، قال حميد بن ثور :


                                                          تعدو بأشعث ، قد وهى سرباله     بعث تؤرقه الهموم ، فيسهر .



                                                          والجمع : أبعاث . وفي التنزيل : قالوا ياويلنا من بعثنا من مرقدنا ، هذا وقف التمام وهو قول المشركين يوم النشور . وقوله - عز وجل - : هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون ; قول المؤمنين ، وهذا رفع بالابتداء ، والخبر ما وعد الرحمن ، وقرئ : ( يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا ) ; أي من بعث الله إيانا من مرقدنا . والبعث في كلام العرب على وجهين : أحدهما الإرسال ، كقوله تعالى : ثم بعثنا من بعدهم موسى ; معناه أرسلنا . والبعث : إثارة بارك أو قاعد تقول : بعثت البعير فانبعث أي أثرته فثار . والبعث أيضا : الإحياء من الله للموتى ، ومنه قوله تعالى : ثم بعثناكم من بعد موتكم : أي أحييناكم . وبعث الموتى : نشرهم ليوم البعث . وبعث الله الخلق يبعثهم بعثا : نشرهم ، من ذلك . وفتح العين في البعث كله لغة . ومن أسمائه - عز وجل - : الباعث ، هو الذي يبعث الخلق أي يحييهم بعد الموت يوم القيامة . وبعث البعير فانبعث : حل عقاله فأرسله ، أو كان باركا فهاجه . وفي حديث حذيفة : إن للفتنة بعثات ووقفات ، فمن استطاع أن يموت في وقفاتها فليفعل . قوله : بعثات إثارات وتهييجات ، جمع بعثة . وكل شيء أثرته فقد بعثته ، ومنه حديث عائشة - رضي الله عنها - : فبعثنا البعير فإذا العقد تحته . والتبعاث تفعال ، من ذلك أنشد ابن الأعرابي :


                                                          أصدرها ، عن كثرة الداآث     صاحب ليل ، حرش التبعاث .



                                                          وتبعث مني الشعر أي انبعث ، كأنه سال . ويوم بعاث ، بضم الباء : يوم معروف ، كان فيه حرب بين الأوس والخزرج في الجاهلية ، ذكره الواقدي ومحمد بن إسحاق في كتابيهما ، قال الأزهري : وذكر ابن المظفر هذا في كتاب العين ، فجعله يوم بغاث وصحفه ، وما كان الخليل - رحمه الله - ليخفى عليه يوم بعاث ; لأنه من مشاهير أيام العرب ، وإنما صحفه الليث وعزاه إلى الخليل نفسه ، وهو لسانه ، والله أعلم . وفي حديث عائشة - رضي الله عنها - : وعندها جاريتان تغنيان بما قيل يوم بعاث ، هو هذا اليوم . وبعاث : اسم حصن للأوس . وباعث وبعيث : اسمان . والبعيث : اسم شاعر معروف من بني تميم ، اسمه خداش بن بشير ، وكنيته أبو مالك ، سمي بذلك لقوله :


                                                          تبعث مني ما تبعث ، بعدما اس     تمر فؤادي ، واستمر مريري .



                                                          قال ابن بري : وصواب إنشاد هذا البيت على ما رواه ابن قتيبة وغيره : واستمر عزيمي ، قال : وهو الصحيح ، ومعنى هذا البيت : أنه قال الشعر بعدما أسن وكبر . وفي حديث عمر - رضي الله عنه - لما صالح نصارى الشام كتبوا له : إنا لا نحدث كنيسة ولا قلية ، ولا نخرج سعانين ، ولا باعوثا ، الباعوث للنصارى : كالاستسقاء للمسلمين ، وهو اسم سرياني ، وقيل : هو بالغين المعجمة والتاء فوقها نقطتان . وباعيثا : موضع معروف .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية