الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                صفحة جزء
                                                                                5554 ( 36 ) ما حفظت في غزوة مؤتة .

                                                                                ( 1 ) حدثنا أبو بكر قال حدثنا أبو خالد الأحمر عن حجاج عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث إلى مؤتة ، فاستعمل زيدا فإن قتل زيد فجعفر ، فإن قتل جعفر فابن رواحة ، فتخلف ابن رواحة يجمع مع النبي صلى الله عليه وسلم فرآه النبي صلى الله عليه وسلم فقال : ما خلفك ؟ قال : أجمع معك ، قال : لغدوة أو روحة في سبيل الله خير من الدنيا وما فيها .

                                                                                ( 2 ) حدثنا سليمان بن حرب قال : حدثنا الأسود بن شيبان عن خالد بن سمير قال : قدم علينا عبد الله بن رباح الأنصاري ، قال : وكانت الأنصار تفقهه ، قال : حدثنا أبو قتادة فارس رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم جيش الأمراء وقال : عليكم زيد بن حارثة ، فإن أصيب زيد فجعفر بن أبي طالب ، فإن أصيب جعفر فعبد الله بن [ ص: 546 ] رواحة ، فوثب جعفر فقال : يا رسول الله ، ما كنت أرهب أن تستعمل علي زيدا ، فقال : امض ، فإنك لا تدري أي ذلك خير فانطلقوا فلبثوا ما شاء الله ، ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم صعد المنبر وأمر فنودي : الصلاة جامعة ، فاجتمع الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ثاب خير ثاب خير ثلاثا ؛ أخبركم عن جيشكم هذا الغازي ، فانطلقوا فلقوا العدو فقتل زيد شهيدا فاستغفروا له ، ثم أخذ اللواء جعفر بن أبي طالب فشد على القوم حتى قتل شهيدا ، اشهدوا له بالشهادة واستغفروا له ، ثم أخذ اللواء عبد الله بن رواحة فأثبت قدميه حتى قتل شهيدا فاستغفروا له ، ثم أخذ اللواء خالد بن الوليد ولم يكن من الأمراء ، هو أمر نفسه ، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اللهم إنه سيف من سيوفك فأنت تنصره ، فمن يومئذ سمي سيف الله ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : انفروا فأمدوا إخوانكم ، ولا يتخلفن منكم أحد ، فنفروا مشاة وركبانا ، وذلك في حر شديد ، فبينما هم ليلة مما يلين عن الطريق إذ نعس رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى مال عن الرحل ، فأتيته فدعمته بيدي ، فلما وجد مس يد رجل اعتدل فقال : من هذا ؟ فقلت : أبو قتادة ، قال في الثانية أو الثالثة ، قال : ما أراني إلا قد شققت عليك منذ الليلة ، قال : قلت : كلا بأبي أنت وأمي ، ولكن أرى الكرى والنعاس قد شق عليك ، فلو عدلت فنزلت حتى يذهب كراك ، قال : إني أخاف أن يخذل الناس ، قال : قلت : كلا بأبي وأمي ، قال : فابغنا مكانا خميرا ، قال : فعدلت عن الطريق ، فإذا أنا بعقدة من شجر ، فجئت فقلت : يا رسول الله ، هذه عقدة من شجر قد أصبتها ، قال : فعدل رسول الله صلى الله عليه وسلم وعدل معه من يليه من أهل الطريق ، فنزلوا واستتروا بالعقدة من الطريق ، فما استيقظنا إلا بالشمس طالعة علينا فقمنا ونحن وهلين ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : رويدا رويدا ، حتى تعالت الشمس ؛ ثم قال : من كان يصلي هاتين الركعتين قبل صلاة الغداة فليصلهما ، فصلاهما من كان يصليهما ، ثم أمر فنودي بالصلاة ، ثم تقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى بنا ، فلما سلم قال : إنا نحمد الله ، لم نكن في شيء من أمر الدنيا يشغلنا عن صلاتنا ، ولكن أرواحنا كانت بيد الله ، أرسلها أنى شاء ، ألا فمن أدركته هذه الصلاة من عبد صالح فليقض معها مثلها ، قالوا : يا رسول الله ، العطش ، قال : لا عطش يا أبا قتادة ، أرني الميضأة ، قال : فأتيته بها [ ص: 547 ] فجعلها في ضبنه ، ثم التقم فمها ، فالله أعلم أنفث فيها أم لا ، ثم قال : يا أبا قتادة ، أرني الغمر على الراحلة ، فأتيته بقدح بين القدحين فصب فيه فقال : اسق القوم ، ونادى رسول الله ورفع صوته : ألا من أتاه إناؤه فليشربه ، فأتيت رجلا فسقيته ، ثم رجعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بفضلة القدح ، فذهبت فسقيت الذي يليه حتى سقيت أهل تلك الحلقة ، ثم رجعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بفضلة القدح فذهبت فسقيت حلقة أخرى حتى سقيت سبعة رفق ، وجعلت أتطاول أنظر هل بقي فيها شيء ، فصب رسول الله صلى الله عليه وسلم في القدح فقال لي : اشرب ، قال : قلت : بأبي أنت وأمي ، إني لا أجد بي كثير عطش ، قال إليك عني ، فإني ساقي القوم منذ اليوم ، قال : فصب رسول الله صلى الله عليه وسلم في القدح فشرب ثم صب في القدح فشرب ثم صب في القدح فشرب ثم ركب وركبنا ، ثم قال : كيف ترى القوم صنعوا حين فقدوا نبيهم وأرهقتهم صلاتهم ، قلنا : الله ورسوله أعلم ، قال : أليس فيهم أبو بكر وعمر ، إن يطيعوهما فقد رشدوا ورشدت أمهم وإن يعصوهما فقد غووا وغوت أمهم قالها ثلاثا ، ثم سار وسرنا حتى إذا كنا في نحر الظهيرة إذا ناس يتبعون ظلال الشجرة فأتيناهم فإذا ناس من المهاجرين فيهم عمر بن الخطاب ، قال : فقلنا لهم : كيف صنعتم حين فقدتم نبيكم وأرهقتكم صلاتكم ؟ قالوا : نحن والله نخبركم ، وثب عمر فقال لأبي بكر : إن الله قال في كتابه إنك ميت وإنهم ميتون وإني والله ما أدري لعل الله قد توفى نبيه فقم فصل وانطلق ، إني ناظر بعدك ومقاوم ، فإن رأيت شيئا وإلا لحقت بك ، قال : وأقيمت الصلاة ، وانقطع الحديث .

                                                                                ( 3 ) حدثنا عبد الله بن نمير عن يحيى بن سعيد عن عمرة أنها سمعت عائشة تقول : لما جاء نعي جعفر بن أبي طالب وزيد بن حارثة وعبد الله بن رواحة جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم ويعرف في وجهه الحزن ، فقالت عائشة : وأنا أطلع من شق الباب ، فأتاه رجل فقال : يا رسول الله ، إن نساء جعفر فذكر بكاءهن ، فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ينهاهن .

                                                                                ( 4 ) حدثنا عبد الرحيم بن سليمان عن زكريا عن الشعبي زعم أن جعفر بن أبي طالب قتل يوم مؤتة بالبلقاء ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اللهم اخلف جعفرا في أهله بأفضل ما خلفت عبدا من عبادك الصالحين .

                                                                                التالي السابق


                                                                                الخدمات العلمية