الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                              سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

                                                                                                                                                                                                                              الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              جماع أبواب بدء إسلام الأنصار

                                                                                                                                                                                                                              الباب الأول في نسبهم

                                                                                                                                                                                                                              قال السهيلي رحمه الله تعالى : «الأنصار جمع ناصر على غير قياس في جمع فاعل ، ولكن على تقدير حذف الألف من ناصر لأنها زائدة ، فالاسم على تقدير حذفها ثلاثي ، والثلاثي يجمع على أفعال ، وقد قالوا في نحوه صاحب وأصحاب وشاهد وأشهاد» . وفي الصحاح النصير الناصر ، والجمع أنصار مثل شريف وأشراف ، وجمع الناصر نصر مثل صاحب وصحب» . انتهى .

                                                                                                                                                                                                                              ولم يكن «الأنصار» اسما لهم في الجاهلية بل سماهم الله تعالى به في كتابه كما سيأتي في الباب بعده .

                                                                                                                                                                                                                              والأنصار حزبان : الأول : بنو الأوس ، قال السهيلي : وهو لغة العطية أو العوض . زاد في الزهر : وأوس زجر للغنم والبقر ، ودخول الألف واللام فيه على حد دخولها في التيم جمع تيمي ، وهو من باب رومي وروم ، ومثل هذا إذا كان علما لا تدخله الألف واللام .

                                                                                                                                                                                                                              والثاني : بنو الخزرج ، قال السهيلي : وهو في اللغة الريح الباردة ، وقال بعضهم : هي الجنوب خاصة ، وقال بعضهم في الزهر : الريح الشديدة . والأوس والخزرج ابنا حارثة- بحاء مهملة وثاء مثلثة- ابن ثعلبة العنقاء- بعين مهملة مفتوحة فنون ساكنة فقاف فهمزة ممدودة ، لقب به لطول عنقه- ابن عمرو مزيقياء- بميم مضمومة فزاي مفتوحة فمثناة تحتية ساكنة ، فقاف مكسورة فمثناة تحتية فهمزة ممدودة ، لقب عمرو بذلك لأنه كان من ملوك اليمن ، وكان يلبس كل يوم حلتين فيمزقهما بالعشي ويكره أن يعود فيهما ، ويأنف أن يلبسهما أحد غيره ، قاله في النور والروض يمزق كل يوم حلة بالإفراد- ابن عامر ماء السماء- لأن قومه كانوا إذا قحطوا بث فيهم ماله ، فكان يقوم لهم مقام ماء السماء- ابن حارثة- بحاء مهملة ومثلثة ، ويلقب بالغطريف- بغين معجمة مكسورة فطاء مهملة ساكنة فراء مكسورة وفي آخره فاء ، وهو في اللغة السيد وفرخ البازي- ابن امرئ القيس- ويلقب : البطريق بباء موحدة فطاء مهملة ساكنة وفي آخره قاف- وهو القائد من قواد الروم وهو معرب ، والجمع بطارقة ، وهو في اللغة السمين من الطير وغيره ، وأيضا المختال في مشيه- ابن ثعلبة- ويلقب بالبهلول بباء موحدة مضمومة [ ص: 182 ]

                                                                                                                                                                                                                              وهاء ساكنة وهو في اللغة السيد- ابن مازن- ويلقب : زاد السفر- ابن الأزد- اسم الأزد «درا» بدال مكسورة فراء مهملتين فألف ممدودة- ابن الغوث- بغين معجمة مفتوحة فواو ساكنة فمثلثة ابن مالك بن زيد بن كهلان- بكاف مفتوحة فهاء ساكنة وآخره نون- ابن سبا- يمد ويقصر ، ويصرف ولا يصرف واسمه عامر وقيل عبد شمس- ابن يشجب- بمثناة تحتية مفتوحة فشين معجمة ساكنة فجيم مضمومة فموحدة ، وزان ينصر ، ولا ينصرف للعلمية- ابن يعرب- بعين مهملة وزان يشجب- ابن قحطان- بقاف مفتوحة فحاء ساكنة مهملتين فنون ، والنسبة إليهما قحطاني على القياس ، ولقبه يقطن- بمثناة تحتية فقاف فطاء مهملة وزان يعرب وسمي بقحطان لأنه كان أول من قحط أموال الناس من ملوك العرب واسمه مهزم ، ويقال إن قحطان كان أول من تكلم بالعربية وهو والد العرب المتعربة وأما إسماعيل فهو والد العرب المستعربة ، وقيل قحطان أول من قيل له : أبيت اللعن ، وعم صباحا ، وذهب الزبير بن بكار إلى أن قحطان من ذرية إسماعيل عليه السلام وأنه قحطان بن الهميسع وتقدم ضبطه في النسب النبوي : ابن إسماعيل وهو ظاهر قول أبي هريرة رضي الله عنه المتقدم في قصة هاجر حيث قال وهو يخاطب الأنصار : «تلك أمكم يا بني ماء السماء» . قال الحافظ : «وهذا هو الراجح في نقدي» .

                                                                                                                                                                                                                              وبسط الكلام على ذلك . [ ص: 183 ]

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية