الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ غرز ]

                                                          غرز : غرز الإبرة في الشيء غرزا وغرزها : أدخلها . وكل ما سمر في شيء فقد غرز وغرز ، وغرزت الشيء بالإبرة أغرزه غرزا . وفي حديث أبي رافع : مر بالحسن بن علي ، عليهما السلام ، وقد غرز ضفر رأسه أي لوى شعره وأدخل أطرافه في أصوله . وفي حديث الشعبي : ما طلع السماك قط إلا غارزا ذنبه في برد ؛ أراد السماك الأعزل ، وهو الكوكب المعروف في برج الميزان وطلوعه يكون مع [ ص: 35 ] الصبح لخمس تخلو من تشرين الأول ، وحينئذ يبتدئ ، وهو من غرز الجراد ذنبه في الأرض إذا أراد أن يبيض . وغرزت الجرادة وهي غارز وغرزت : أثبتت ذنبها في الأرض لتبيض ، مثل رزت ؛ وجرادة غارز ، ويقال : غارزة إذا رزت ذنبها في الأرض لتسرأ ؛ والمغرز بفتح الراء : موضع بيضها . ويقال : غرزت عودا في الأرض وركزته بمعنى واحد . ومغرز الضلع والضرس والريشة ونحوها : أصلها ، وهي المغارز . ومنكب مغرز : ملزق بالكاهل . والغرز : ركاب الرحل ، وقيل : ركاب الرحل من جلود مخروزة ، فإذا كان من حديد أو خشب فهو ركاب ، وكل ما كان مساكا للرجلين في المركب غرز . وغرز رجله في الغرز يغرزها غرزا : وضعها فيه ليركب وأثبتها . واغترز : ركب . ابن الأعرابي : والغرز للناقة مثل الحزام للفرس . غيره : الغرز للجمل مثل الركاب للبغل ؛ وقال لبيد في غرز الناقة :


                                                          وإذا حركت غرزي أجمرت أو قرابي ، عدو جون قد أبل

                                                          وفي الحديث : كان ، صلى الله عليه وسلم ، إذا وضع رجله في الغرز ، يريد السفر ، يقول : بسم الله ؛ الغرز : ركاب كور الجمل . وفي الحديث : أن رجلا سأله عن أفضل الجهاد فسكت عنه حتى اغترز في الجمرة الثالثة أي دخل فيها كما يدخل قدم الراكب في الغرز . ومنه حديث أبي بكر أنه قال لعمر ، رضي الله عنهما : استمسك بغرزه أي اعتلق به وأمسكه واتبع قوله وفعله ولا تخالفه ؛ فاستعار له الغرز كالذي يمسك بركاب الراكب ويسير بسيره . واغترز السير اغترازا إذا دنا مسيره ، وأصله من الغرز . والغارز من النوق : القليلة اللبن . وغرزت الناقة تغرز غرازا وهي غارز من إبل غرز : قل لبنها ؛ قال القطامي :


                                                          كأن نسوع رحلي ، حين ضمت     حوالب غرزا ومعى جياعا

                                                          نسب ذلك إلى الحوالب لأن اللبن إنما يكون في العروق . وغرزها صاحبها : ترك حلبها أو كسع ضرعها بماء بارد ليذهب لبنها وينقطع ، وقيل : التغريز أن تدع حلبة بين حلبتين وذلك إذا أدبر لبن الناقة . الأصمعي : الغارز الناقة التي قد جذبت لبنها فرفعته ؛ قال أبو حنيفة : التغريز أن ينضح ضرع الناقة بالماء ثم يلوث الرجل يده في التراب ، ثم يكسع الضرع كسعا حتى يدفع اللبن إلى فوق ، ثم يأخذ بذنبها فيجتذبها به اجتذابا شديدا ، ثم يكسعها به كسعا شديدا وتخلى ، فإنها تذهب حينئذ على وجهها ساعة . وفي حديث عطاء : وسئل عن تغريز الإبل فقال : إن كان مباهاة فلا ، وإن كان يريد أن تصلح للبيع فنعم . قال ابن الأثير : ويجوز أن يكون تغريزها نتاجها وسمنها من غرز الشجر ، قال : والأول أوجه . وغرزت الأتان : قل لبنها أيضا . أبو زيد : غنم غوارز وعيون غوارز ما تجري لهن دموع . وفي الحديث : قالوا : يا رسول الله ، إن غنمنا قد غرزت أي قل لبنها . يقال : غرزت الغنم غرازا وغرزها صاحبها إذا قطع حلبها وأراد أن تسمن ؛ ومنه قصيد كعب :


                                                          تمر ، مثل عسيب النخل ذا خصل     بغارز لم تخونه الأحاليل

                                                          الغارز : الضرع قد غرز وقل لبنه ، ويروى بغارب . والغارز من الرجال : القليل النكاح ، والجمع غرز . والغريزة : الطبيعة والقريحة والسجية من خير أو شر ؛ وقال اللحياني : هي الأصل والطبيعة ؛ قال الشاعر :


                                                          إن الشجاعة ، في الفتى     والجود من كرم الغرائز

                                                          وفي حديث عمر ، رضي الله عنه : الجبن والجرأة غرائز أي أخلاق وطبائع صالحة أو رديئة ، واحدتها غريزة . ويقال : الزم غرز فلان أي أمره ونهيه . الأصمعي : والغرز ، محرك ، نبت رأيته في البادية ينبت في سهولة الأرض . غيره : الغرز ضرب من الثمام صغير ينبت على شطوط الأنهار لا ورق ، لها إنما هي أنابيب مركب بعضها في بعض فإذا اجتذبتها خرجت من جوف أخرى كأنها عفاص أخرج من مكحلة وهو من الحمض ؛ وقيل : هو الأسل ، وبه سميت الرماح على التشبيه ، وقال أبو حنيفة : هو من وخيم المرعى ، وذلك أن الناقة التي ترعاه تنحر فيوجد الغرز في كرشها متميزا عن الماء لا يتفشى ؛ ولا يورث المال قوة ، واحدتها غرزة ، وهو غير العرز الذي تقدم في العين المهملة . وروي عن عمر ، رضي الله عنه ، أنه رأى في روث فرس شعيرا في عام مجاعة فقال : لئن عشت لأجعلن له من غرز النقيع ما يغنيه عن قوت المسلمين أي يكفه عن أكل الشعير ، وكان يومئذ قوتا غالبا للناس ؛ يعني الخيل والإبل ؛ عنى بالغرز هذا النبت ؛ والنقيع : موضع حماه عمر ، رضي الله عنه ، لنعم الفيء والخيل المعدة للسبيل . وروي عن نافع عن ابن عمر ، رضي الله عنهما ، أن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، حمى غرز النقيع لخيل المسلمين ؛ النقيع بالنون : موضع قريب من المدينة كان حمى لنعم الفيء والصدقة . وفي الحديث أيضا : والذي نفسي بيده لتعالجن غرز النقيع . والتغاريز : ما حول من فسيل النخل وغيره . وفي الحديث : إن أهل التوحيد إذا أخرجوا من النار وقد امتحشوا ينبتون كما تنبت التغاريز ؛ قال القتيبي : هو ما حول من فسيل النخل وغيره ، سمي بذلك لأنه يحول من موضع إلى موضع فيغرز ، وهو التغريز والتنبيت ، ومثله في التقدير التناوير لنور الشجر ، ورواه بعضهم بالثاء المثلثة والعين المهملة والراءين .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية