الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ غرف ]

                                                          غرف : غرف الماء والمرق ونحوهما يغرفه غرفا واغترفه واغترف منه ، وفي الصحاح : غرفت الماء بيدي غرفا . والغرفة والغرفة : ما غرف ، وقيل : الغرفة المرة الواحدة ، والغرفة ما اغترف . وفي التنزيل العزيز : إلا من اغترف غرفة وغرفة ؛ أبو العباس : غرفة قراءة عثمان ، ومعناه الماء الذي يغترف نفسه ، وهو الاسم ، والغرفة المرة من المصدر . ويقال : الغرفة ، بالضم ، ملء اليد . قال : وقال الكسائي : لو كان موضع اغترف غرف اخترت الفتح لأنه يخرج على فعلة ، ولما كان اغترف لم يخرج على فعلة . وروي عن يونس أنه قال : غرفة وغرفة عربيتان ، غرفت غرفة ، وفي القدر غرفة ، وحسوت حسوة ، وفي الإناء حسوة . الجوهري : الغرفة ، بالضم ، اسم المفعول منه لأنك ما لم تغرفه لا تسميه غرفة ، والجمع غراف مثل نطفة ونطاف . والغرافة : كالغرفة ، والجمع غراف . وزعموا أن ابنة الجلندى وضعت قلادتها على سلحفاة فانسابت في البحر ، فقالت :

                                                          يا قوم نزاف نزاف لم يبق في البحر غير غراف

                                                          . والغراف أيضا : مكيال ضخم مثل الجراف ، وهو القنقل . والمغرفة : ما غرف به ، وبئر غروف : يغرف ماؤها باليد . ودلو غريف وغريفة : كثيرة الأخذ من الماء . وقال الليث : الغرف غرفك الماء باليد أو بالمغرفة ، قال : وغرب غروف [ ص: 38 ] كثير الأخذ للماء . قال : ومزادة غرفية وغرفية ، فالغرفية رقيقة من جلود يؤتى بها من البحرين ، وغرفية دبغت بالغرف . وسقاء غرفى أي مدبوغ بالغرف . ونهر غراف : كثير الماء . وغيث غراف : غزير ؛ قال :


                                                          لا تسقه صيب غراف جؤر

                                                          ويروى عزاف ، وقد تقدم .

                                                          وغرف الناصية يغرفها غرفا : جزها وحلقها . وغرفت ناصية الفرس : قطعتها وجززتها ، وفي الحديث : أن رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، نهى عن الغارفة ، قال الأزهري : هو أن تسوي ناصيتها مقطوعة على وسط جبينها . ابن الأعرابي : غرف شعره إذا جزه ، وملطه إذا حلقه . وغرفت العود : جززته . والغرفة : الخصلة من الشعر ؛ ومنه قول قيس : تكاد تنغرف أي تنقطع . قال الأزهري : والغارفة في الحديث اسم من الغرفة جاء على فاعلة كقولهم سمعت راغية الإبل ، وكقول الله تعالى : لا تسمع فيها لاغية أي لغوا ، ومعنى الغارفة غرف الناصية مطرزة على الجبين ، والغارفة في غير هذا : الناقة السريعة السير سميت غارفة لأنها ذات قطع ؛ وقال الخطابي : يريد بالغارفة التي تجز ناصيتها عند المصيبة . وغرف شعره إذا جزه ، ومعنى الغارفة فاعلة بمعنى مفعولة كعيشة راضية . وناقة غارفة : سريعة السير . وإبل غوارف وخيل مغارف : كأنها تغرف الجري غرفا ، وفرس مغرف ؛ قال مزاحم :


                                                          بأيدي اللهاميم الطوال المغارف

                                                          ابن دريد : فرس غراف رغيب الشحوة كثير الأخذ بقوائمه من الأرض . وغرف الشيء يغرفه غرفا فانغرف : قطعه فانقطع . ابن الأعرابي : الغرف التثني والانقصاف ؛ قال قيس بن الخطيم :


                                                          تنام عن كبر شأنها فإذا     قامت رويدا تكاد تنغرف

                                                          قال يعقوب : معناه تتثنى ، وقيل : معناه تنقصف من دقة خصرها . وانغرف العظم : انكسر ، وقيل : انغرف العود انغرض إذا كسر ولم ينعم كسره . وانغرف إذا مات . والغرفة : العلية ، والجمع غرفات وغرفات وغرفات وغرف . والغرفة : السماء السابعة ؛ قال لبيد :

                                                          سوى فأغلق دون غرفة عرشه سبعا طباقا فوق فرع المنقل كذا ذكر في الصحاح ، وفي المحكم : فوق فرع المعقل ؛ قال : ويروى المنقل ، وهو ظهر الجبل ؛ قال ابن بري : الذي في شعره : دون عزة عرشه . والمنقل : الطريق في الجبل . والغرفة : حبل معقود بأنشوطة يلقى في عنق البعير . وغرف البعير يغرفه ويغرفه غرفا : ألقى في رأسه الغرفة ، يمانية . والغريفة : النعل بلغة بني أسد ، قال شمر : وطيئ تقول ذلك ، وقال اللحياني : الغريفة النعل الخلق . والغريفة : جلدة معرضة فارغة نحو من الشبر من أدم مرتبة في أسفل قراب السيف تتذبذب ، وتكون مفرضة مزينة ؛ قال الطرماح وذكر مشفر البعير :


                                                          تمر على الوراك إذا المطايا     تقايست النجاد من الوجين
                                                          خريع النعو مضطرب النواحي     كأخلاق الغريفة ذي غضون

                                                          وخريع منصوب بتمر أي تمر على الوراك مشفرا خريع النعو ؛ والنعو شق المشفر وجعله خلقا لنعومته . وقال اللحياني : الغريفة في هذا البيت النعل الخلق ، قال : ويقال لنعل السيف إذا كان من أدم غريفة أيضا . والغريفة والغريف : الشجر الملتف ، وقيل : الأجمة من البردي والحلفاء والقصب ؛ قال أبو حنيفة : وقد يكون من السلم ؛ والضال قال أبو كبير :


                                                          يأوي إلى عظم الغريف ونبله     كسوام دبر الخشرم المتثور

                                                          وقيل : هو الماء الذي في الأجمة ؛ قال الأعشى :


                                                          كبردية الغيل وسط الغري     ف قد خالط الماء منها السريرا

                                                          السرير : ساق البردي . قال الأزهري : أما ما قال الليث في الغريف إنه ماء الأجمة فهو باطل . والغريف : الأجمة نفسها بما فيها من شجرها . والغريف : الجماعة من الشجر الملتف من أي شجر كان ؛ قال الأعشى :

                                                          كبردية الغيل وسط الغري ف ساق الرصاف إليه غديرا أنشده الجوهري ؛ قال ابن بري : عجز بيت الأعشى لصدر آخر غير هذا وتقرير البيتين :


                                                          كبردية الغيل وسط الغريف     إذا خالط الماء منها السرورا

                                                          والبيت الآخر بعد هذا البيت ببيتين وهو :


                                                          أو اسفنط عانة بعد الرقا     د ساق الرصاف إليه غديرا

                                                          والغرف والغرف : شجر يدبغ به ، فإذا يبس فهو الثمام ، وقيل : الغرف من عضاه القياس وهو أرقها ، وقيل : هو الثمام ما دام أخضر ، وقيل : هو الثمام عامة ؛ قال الهذلي :


                                                          أمسى سقام خلاء لا أنيس به     غير الذئاب ومر الريح بالغرف

                                                          سقام : اسم واد ، ويروى غير السباع ؛ وأنشد ابن بري لجرير :


                                                          يا حبذا الخرج بين الدام والأدمى     فالرمث من برقة الروحان فالغرف

                                                          الأزهري : الغرف ، ساكن الراء ، شجرة يدبغ بها ، قال أبو عبيد : هو الغرف والغلف ، وأما الغرف فهو جنس من الثمام لا يدبغ به . والثمام أنواع : منه الغرف وهو شبيه بالأسل وتتخذ منه المكانس ويظلل به المزاد فيبرد الماء ؛ وقال عمر بن لجأ في الغرف :

                                                          تهمزها الكف على انطوائها همز شعيب الغرف من عزلائها يعني مزادة دبغت بالغرف . وقال الباهلي في قول عمر بن لجإ : الغرف جلود ليست بقرظية تدبغ بهجر ، وهو أن يؤخذ لها هدب الأرطى فيوضع في منحاز ويدق ، ثم يطرح عليه التمر ، فتخرج له رائحة خمرة ، ثم يغرف لكل جلد مقدار ، ثم يدبغ به ، فذلك الذي يغرف يقال له الغرف ، وكل مقدار جلد من ذلك النقيع فهو الغرف ، واحده وجميعه سواء ، وأهل الطائف يسمونه النفس . وقال ابن [ ص: 39 ] الأعرابي : يقال أعطني نفسا أو نفسين أي دبغة من أخلاط الدباغ يكون ذلك قدر كف من الغرفة وغيره من لحاء الشجر . قال أبو منصور : والغرف الذي يدبغ به الجلود معروف من شجر البادية ، قال : وقد رأيته ، قال : والذي عندي أن الجلود الغرفية منسوبة إلى الغرف الشجر لا إلى ما يغرف باليد . قال ابن الأعرابي : والغرف الثمام بعينه لا يدبغ به ؛ قال الأزهري : وهذا الذي قاله ابن الأعرابي صحيح . قال أبو حنيفة : إذا جف الغرف فمضغته شبهت رائحته برائحة الكافور . وقال مرة : الغرف ، ساكنة الراء ، ما دبغ بغير القرظ ، وقال أيضا : الغرف ساكنة الراء ضروب تجمع فإذا دبغ بها الجلد سمي غرفا . وقال الأصمعي : الغرف ، بإسكان الراء ، جلود يؤتى بها من البحرين . وقال أبو خيرة : الغرفية يمانية وبحرانية ، قال : والغرفية ، متحركة الراء ، منسوبة إلى الغرف . ومزادة غرفية : مدبوغة بالغرف ؛ قال ذو الرمة :


                                                          وفراء غرفية أثأى خوارزها     مشلشل ضيعته بينها الكتب

                                                          يعني مزادة دبغت بالغرف ؛ ومشلشل : من نعت السرب في قوله :


                                                          ما بال عينك منها الماء ينسكب     كأنه من كلى مفرية سرب

                                                          قال ابن دريد : السرب الماء يصب في السقاء ليدبغ فتغلظ سيوره ؛ وأنشد بيت ذي الرمة ؛ وقال : من روى سرب ، بالكسر ، فقد أخطأ وربما جاء الغرف بالتحريك ؛ وأنشد :


                                                          ومر الريح بالغرف

                                                          قال ابن بري : قال علي بن حمزة : قال ابن الأعرابي : الغرف ضروب تجمع ، فإذا دبغ بها الجلد سمي غرفا . أبو حنيفة : والغرف شجر تعمل منه القسي ولا يدبغ به أحد . وقال القزاز : يجوز أن يدبغ بورقه وإن كانت القسي تعمل من عيدانه . وحكى أبو محمد عن الأصمعي : أن الغرف يدبغ بورقه ولا يدبغ بعيدانه ؛ وعليه قوله : وفراء غرفية ؛ وقيل : الغرفية هاهنا الملأى ، وقيل : هي المدبوغة بالتمر والأرطى والملح ، وقال أبو حنيفة : مزادة غرفية وقربة غرفية ؛ أنشد الأصمعي :


                                                          كأن خضر الغرفيات الوسع     نيطت بأحقى مجرئشات همع

                                                          وغرفت الجلد : دبغته بالغرف . وغرفت الإبل ، بالكسر ، تغرف غرفا : اشتكت من أكل الغرف . التهذيب : وأما الغريف فإنه الموضع الذي تكثر فيه الحلفاء والغرف والأباء وهي القصب والغضا وسائر الشجر ؛ ومنه قول امرئ القيس :


                                                          ويحش تحت القدر يوقدها     بغضا الغريف فأجمعت تغلي

                                                          وأما الغريف فهي شجرة أخرى بعينها . والغريف ، بكسر الغين وتسكين الراء : ضرب من الشجر ؛ وقيل : من نبات الجبل ؛ قال أحيحة بن الجلاح في صفة نخل :


                                                          إذا جمادى منعت قطرها     زان جنابي عطن معصف
                                                          معرورف أسبل جباره     بحافتيه الشوع والغريف

                                                          قال أبو حنيفة : قال أبو نصر الغريف شجر خوار مثل الغرب ، قال : وزعم غيره أن الغريف البردي ؛ وأنشد أبو حنيفة لحاتم :


                                                          رواء يسيل الماء تحت أصوله     يميل به غيل بأدناه غريف

                                                          والغريف : رمل لبني سعد . وغريف وغراف : اسمان . والغراف : فرس خزز بن لوذان .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية