الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 406 ] ومن سورة إبراهيم [14]

                                                                                                                                                                                                                      649 - قال : يستحبون الحياة الدنيا على الآخرة [3]

                                                                                                                                                                                                                      فأوصل الفعل بـ (على) ، كما قالوا : "ضربوه في السيف" يريدون : بـ "السيف"؛ وذلك أن هذه الحروف يوصل بها كلها ، ويحذف : نحو قول العرب: "نزلت زيدا" تريد : نزلت عليه".

                                                                                                                                                                                                                      650 - وقال : من ورائه [17]

                                                                                                                                                                                                                      أي: من أمامه، وإنما قال : "وراء " أي: أنه وراء ما هو فيه؛ كما تقول للرجل: "هذا من ورائك" ، أي: سيأتي عليك، و"هو من وراء ما أنت فيه" ؛ لأن ما أنت فيه قد كان مثل ذلك ؛ فهو وراءه. وقال : وكان وراءهم ملك [سورة الكهف: 79] في هذا المعنى، أي: كان وراء ما هم فيه.

                                                                                                                                                                                                                      651 - وقال: مثل الذين كفروا [18]

                                                                                                                                                                                                                      كأنه قال: ومما نقص عليكم مثل الذين كفروا، ثم أقبل يفسر ، كما قال : مثل الجنة التي وعد المتقون ، وهذا كثير.

                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 407 ] 652 - وقال : إلا أن دعوتكم [22]

                                                                                                                                                                                                                      وهذا استثناء خارج كما تقول: "ما ضربته إلا أنه أحمق" ، وهو الذي في معنى "لكن".

                                                                                                                                                                                                                      وقال : وما أنتم بمصرخي فتحت "ياء" الإضافة؛ لأن قبلها "ياء" الجميع الساكنة التي كانت في "مصرخي" ، فلم يكن من حركتها بد؛ لأن الكسر من "الياء"، وبلغنا أن الأعمش قال: (بمصرخي) / فكسر ؛ وهذا لحن ، لم نسمع بها من أحد من العرب ولا أهل النحو.

                                                                                                                                                                                                                      653 - وقال : ضرب الله مثلا كلمة طيبة [24]

                                                                                                                                                                                                                      منصوبة على ضرب ؛ كأنه قال : وضرب الله كلمة طيبة مثلا".

                                                                                                                                                                                                                      654 - وقال : لا بيع فيه ولا خلال [31] وفي موضع آخر : ولا خلة [سورة البقرة: 254] ، وإنما "الخلال" لجماعة "الخلة" ؛ كما تقول: "خلة وخلال"، وقلة وقلال". وقال الشاعر: [ النابغة الجعدي ]

                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 408 ] (262)

                                                                                                                                                                                                                      وكيف تواصل من أصبحت خلالته كأبي مرحب



                                                                                                                                                                                                                      ولو شئت جعلت "الخلال" مصدرا؛ لأنها من "خاللت" مثل : "قابلت" ، ومصدر هذا لا يكون إلا "الفعال" أو "المفاعلة".

                                                                                                                                                                                                                      655 - وقال : وآتاكم من كل ما سألتموه [34] أي: آتاكم من كل شيء سألتموه شيئا" وأضمر "الشيء" كما قال : وأوتيت من كل شيء [سورة النمل: 23] أي: "أوتيت من كل شيء في زمانها شيئا، قال بعضهم: "إنما ذا على التكثير" نحو قولك: "هو يعلم كل شيء" و"أتاه كل الناس" : وهو يعني بعضهم، وكذلك : فتحنا عليهم أبواب كل شيء [سورة الأنعام]، وقال بعضهم: "ليس من شيء إلا وقد سأله بعض الناس فقال : وآتاكم من كل ما سألتموه أي: "من كل ما سألتموه قد آتى بعضكم منه شيئا ، وآتى آخر شيئا مما قد سأل".

                                                                                                                                                                                                                      656 - وكذلك قال: إني أسكنت من ذريتي بواد [37]

                                                                                                                                                                                                                      يقول: أسكنت من ذريتي أناسا، / ودخلت "الباء" على "واد" كما تقول: "هو بالبصرة ، وهو في البصرة ".

                                                                                                                                                                                                                      657 - ونون بعضهم : من كل [34]

                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 409 ] يقول : من كل ، ثم قال : "لم تسألوه إياه" ، كما تقول: "قد سألتك من كل وقد جاءني من كل" ؛ لأن "كل" قد تفرد وحدها.

                                                                                                                                                                                                                      658 - وقال: تؤتي أكلها [25]

                                                                                                                                                                                                                      ومثل ذلك: أكلها دائم [سورة الرعد: 35] .

                                                                                                                                                                                                                      و"الأكل" هو: الطعام، و "الأكل" هو الفعل.

                                                                                                                                                                                                                      659 - وقال : تهوي إليهم [37]

                                                                                                                                                                                                                      زعموا أنه في التفسير: تهواهم .

                                                                                                                                                                                                                      660 - ونصب : مهطعين على الحال.

                                                                                                                                                                                                                      وكذلك : مقنعي كأنه قال: "تشخص أبصارهم مهطعين " ، وجعل"الطرف" للجماعة ، كما قال : سيهزم الجمع ويولون الدبر [سورة القمر: 45] . [ ص: 410 ] 661 - وقال : مخلف وعده رسله [47] فأضاف إلى الأول ونصب الآخر على الفعل، ولا يحسن أن نضيف إلى الآخر؛ لأنه يفرق بين المضاف والمضاف إليه وهذا لا يحسن. ولا بد من إضافته؛ لأنه قد ألقى "الألف" ، ولو كانت "مخلفا" نصبهما جميعا ، وذلك جائز في الكلام؛ ومثله : "هذا معطي زيد درهما، ومعط زيدا درهما" .

                                                                                                                                                                                                                      662 - وواحد الأصفاد صفد.

                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية