الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ غشش ]

                                                          غشش : الغش : نقيض النصح وهو مأخوذ من الغشش : المشرب الكدر ؛ أنشد ابن الأعرابي :


                                                          ومنهل تروى به غير غشش

                                                          أي غير كدر ولا قليل ، قال : ومن هذا الغش في البياعات . وفي الحديث : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال :ليس منا من غشنا س ؛ قال أبو عبيدة : معناه ليس من أخلاقنا الغش ؛ وهذا شبيه بالحديث الآخر : المؤمن يطبع على كل شيء إلا الخيانة . وفي رواية : من غشنا فليس منا ، أي : ليس من أخلاقنا ولا على سنتنا . وفي حديث أم زرع : ولا تملأ بيتنا تغشيشا ؛ قال ابن الأثير : هكذا جاء في رواية وهو من الغش ، وقيل : هو من النميمة ، والرواية بالمهملة . وقد غشه يغشه غشا : لم يمحضه النصيحة ؛ وشيء مغشوش . ورجل غش : غاش ، والجمع غشون ؛ قال أوس بن حجر :


                                                          مخلفون ويقضي الناس أمرهم     غشو الأمانة صنبور لصنبور

                                                          قال : ولا أعرف له جمعا مكسرا ، والرواية المشهورة : غسو الأمانة . واستغشه واغتشه : ظن به الغش ، وهو خلاف استنصحه ؛ قال كثير عزة :


                                                          فقلت وأسررت الندامة ليتني وكنت امرأ أغتش كل عذول     سلكت سبيل الرائحات عشية
                                                          مخارم نسع أو سلكن سبيلي

                                                          واغتششت فلانا ، أي : عددته غاشا ؛ قال الشاعر :


                                                          أيا رب من تغتشه لك ناصح     ومنتصح بالغيب غير أمين

                                                          وغش صدره يغش غشا : غل . ورجل غش : عظيم السرة ؛ قال :


                                                          ليس بغش همه فيما أكل

                                                          وهو يجوز أن يكون فعلا وأن يكون كما ذهب إليه سيبويه في طب وبر من أنهما فعل . والغشاش : أول الظلمة وآخرها . ولقيه غشاشا وغشاشا ، أي : عند الغروب . والغشاش والغشاش : العجلة . يقال : لقيته على غشاش وغشاش ، أي : على عجلة ؛ حكاها قطرب وهي كنانية ؛ وأنشدت محمودة الكلابية :

                                                          وما أنسى مقالتها غشاشا لنا والليل قد طرد النهارا وصاتك بالعهود وقد رأينا غراب البين أوكب ثم طارا الأزهري : يقال لقيته غشاشا وغشاشا ، وذلك عند مغيربان الشمس ؛ قال الأزهري : هذا باطل ، وإنما يقال لقيته غشاشا وغشاشا ؛ وعلى غشاش وغشاش إذا لقيته على عجلة ؛ وقال القطامي :


                                                          على مكان غشاش ما ينيح     به إلا مغيرنا والمستقي العجل

                                                          وقال الفرزدق :


                                                          فمكنت سيفي من ذوات رماحها     غشاشا ولم أحفل بكاء رعائيا

                                                          وروي : مكان رعائيا . وشرب غشاش ونوم غشاش ، كلاهما : قليل . قال الأزهري : شرب غشاش غير مريء ؛ لأن الماء ليس بصاف ولا عذب ولا يستمرئه شاربه . والغشش : المشرب الكدر ؛ عن ابن الأنباري ، إما أن يكون من الغشاش الذي هو القليل ؛ لأن الشرب يقل منه لكدره ، وإما أن يكون من الغش الذي هو ضد النصيحة .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية