الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب

السفاريني - محمد بن أحمد بن سالم السفاريني

صفحة جزء
مطلب : في كراهة النوم على القفا ووضع الرجل فوق أختها .

( أو ) أي ويكره نومك مستلقيا ( على قفاك ) أي على ظهرك ( ورفع الرجل ) أي رفع المستلقي إحدى رجليه ( فوق أختها ) أي الرجل الأخرى بل اترك هذه النومة ، واترك رفع إحدى رجليك على الأخرى و ( امدد ) لكل واحدة منهما لتسلم من المكروه وتفوز بالامتثال الوارد عن الشارع صلى الله عليه وسلم

. أخرج الإمام أحمد بسند حسن عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنه قال { نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يضع الرجل إحدى رجليه على الأخرى وهو مستلق على ظهره } . رواه الترمذي وصححه من حديث جابر رضي الله عنه مرفوعا .

ولأن ذلك مظنة انكشاف العورة لا سيما إذا هبت الريح فإن كان له سراويل فقال [ ص: 356 ] الإمام ابن الجوزي لا بأس به ; لما قدمنا به في آداب المساجد أن عمر رضي الله عنه { رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم مستلقيا في المسجد واضعا إحدى رجليه على الأخرى } رواه البخاري ومسلم .

قال الإمام أحمد في الرجل يستلقي ويضع إحدى رجليه على الأخرى : ليس به بأس قد روي .

ويمكن الجمع بين الحديثين بأن الكراهة في حق من لا يأمن انكشاف العورة كما قاله ابن الجوزي ، وعدمها في حق من أمن ذلك كمن له سراويل . ويحمل على ذلك نص الإمام أحمد في الموضعين .

وأما لو وضع إحدى رجليه على الأخرى أو استلقى ، ولم يضع إحدى رجليه على الأخرى فلا كراهة . وإنما هي على القول بها حيث اجتمع الاستلقاء ووضع إحدى الرجلين على الأخرى لكن عبارة الإقناع صريحة في كراهة نومه على قفاه إن خاف انكشاف عورته ، وعبارته : ويكره نومه على بطنه ، وعلى قفاه إن خاف انكشاف عورته ، وبعد العصر والفجر وتحت السماء متجردا . انتهى .

وفي إعلام الموقعين للإمام المحقق ابن القيم في المسائل التي حلف عليها الإمام أحمد رضي الله عنه وسئل عن المرأة تستلقي على قفاها وتنام يكره ذلك ؟ فقال : إي والله .

ويروى عن عمر بن عبد العزيز أنه كرهه . ورواه الخلال عن ابن سيرين . وكان ذلك مع كونه مظنة انكشاف العورة أقرب لوصول الأمر الفظيع إليها ، وهو وسيلة للطمع فيها ، والله الموفق .

التالي السابق


الخدمات العلمية