الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      باب في الرجل يسلم فيؤمر بالغسل

                                                                      355 حدثنا محمد بن كثير العبدي أخبرنا سفيان حدثنا الأغر عن خليفة بن حصين عن جده قيس بن عاصم قال أتيت النبي صلى الله عليه وسلم أريد الإسلام فأمرني أن أغتسل بماء وسدر

                                                                      التالي السابق


                                                                      من الإسلام وهو الإقرار بكلمة الشهادتين ( فيؤمر بالغسل ) .

                                                                      ( فأمرني أن أغتسل بماء وسدر ) فيه دليل واضح على أن من أسلم يؤمر بالغسل لأن أمر النبي صلى الله عليه وسلم يدل على الوجوب . قال الخطابي : هذا الغسل عند أكثر أهل العلم على الاستحباب لا على الإيجاب . وقال الشافعي : إذا أسلم الكافر أحب له أن يغتسل ، فإن لم يفعل ولم يكن جنبا أجزأه أن يتوضأ ويصلي . وكان أحمد بن حنبل وأبو ثور يوجبان الاغتسال على الكافر إذا أسلم قولا بظاهر الحديث ، وقالوا : لا يخلو المشرك في أيام كفره من جماع أو احتلام وهو لا يغتسل ، ولو اغتسل لم يصح منه ، لأن الاغتسال من الجنابة فرض من فروض الدين وهو لا يجزئه إلا بعد الإيمان كالصلاة والزكاة ونحوها . وكان مالك يرى أن يغتسل الكافر إذا أسلم . واختلفوا في المشرك يتوضأ في حال شركه ثم يسلم ، فقال بعض أصحاب الرأي : له أن يصلي بالوضوء المتقدم في حال شركه ، لكنه لو تيمم ثم أسلم لم يكن له أن يصلي بذلك التيمم حتى يستأنف التيمم في الإسلام إن لم يكن واجدا للماء ، والفرق من الأمرين عندهم أن التيمم مفتقر إلى النية ، ونية العبادة لا تصح من مشرك ، والطهارة بالماء غير مفتقرة إلى النية ، فإذا وجدت من المشرك صحت في الحكم كما توجد من المسلم سواء . وقال الشافعي : إذا توضأ وهو مشرك أو تيمم ثم أسلم كان عليه إعادة الوضوء للصلاة بعد الإسلام ، وكذلك التيمم لا فرق بينهما ، ولكنه لو كان جنبا فاغتسل ثم أسلم ، فإن أصحابه قد اختلفوا في ذلك ، فمنهم من أوجب عليه الاغتسال ثانيا كالوضوء سواء وهذا أشبه وأولى ، ومنهم من فرق [ ص: 18 ] بينهما . فرأى أن عليه أن يتوضأ على كل حال ولم ير عليه الاغتسال ، فإن أسلم وقد علم أنه لم تكن أصابته جنابة قط في حال كفره فلا غسل عليه في قولهم جميعا ، وقول أحمد في الجمع بين إيجاب الاغتسال والوضوء عليه إذا أسلم أشبه بظاهر الحديث وأولى بالقياس انتهى كلامه . قلت : قول من قال بوجوب الاغتسال على الكافر إذا أسلم هو موافق بظاهر الحديث لأن حقيقة الأمر الوجوب ما لم توجد قرينة صارفة عنه والله أعلم . قال المنذري : وأخرجه الترمذي والنسائي ، وقال الترمذي : هذا حديث حسن لا نعرفه إلا من هذا الوجه .




                                                                      الخدمات العلمية