الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ بقر ]

                                                          بقر : البقر : اسم جنس . ابن سيده : البقرة من الأهلي والوحشي يكون للمذكر والمؤنث ، ويقع على الذكر والأنثى ، قال غيره : وإنما دخلته الهاء على أنه واحد من جنس ، والجمع البقرات . قال ابن سيده : والجمع بقر وجمع البقر أبقر كزمن وأزمن ، عن الهجري ; وأنشد لمقبل بن خويلد الهذلي :


                                                          كأن عروضيه محجة أبقر لهن ، إذا ما رحن فيها ، مذاعق .



                                                          فأما بقر وباقر وبقير وبيقور وباقور وباقورة فأسماء للجمع ، زاد الأزهري : وبواقر ، عن الأصمعي ، قال : وأنشدني ابن أبي طرفة :


                                                          وسكنتهم بالقول ، حتى كأنهم     بواقر جلح أسكنتها المراتع .



                                                          وأنشد غير الأصمعي في بيقور :


                                                          سلع ما ، ومثله عشر ما     عائل ما ، وعالت البيقورا .



                                                          وأنشد الجوهري للورل الطائي :


                                                          لا در در رجال خاب سعيهم     يستمطرون لدى الأزمات بالعشر
                                                          أجاعل أنت بيقورا مسلعة     ذريعة لك بين الله والمطر ؟



                                                          وإنما قال ذلك لأن العرب كانت في الجاهلية إذا استسقوا جعلوا السلعة والعشر في أذناب البقر وأشعلوا فيه النار ، فتضج البقر من ذلك ويمطرون . وأهل اليمن يسمون البقر : باقورة وكتب النبي - صلى الله عليه وسلم - في كتاب الصدقة لأهل اليمن : " في ثلاثين باقورة بقرة " . الليث : الباقر جماعة البقر مع رعاتها ، والجامل جماعة الجمال مع راعيها . ورجل بقار : صاحب بقر . وعيون البقر : ضرب من العنب . وبقر : رأى بقر الوحش فذهب عقله فرحا بهن . وبقر بقرا وبقرا فهو مبقور وبقير : شقه . وناقة بقير : شق بطنها عن ولدها أي شق ، وقد تبقر وابتقر وانبقر ، قال العجاج :


                                                          تنتج يوم تلقح انبقارا .



                                                          وقال ابن الأعرابي في حديث له : فجاءت المرأة فإذا البيت مبقور أي منتثر عتبته وعكمه الذي فيه طعامه وكل ما فيه . والبقير والبقيرة : برد يشق فيلبس بلا كمين ولا جيب ، وقيل : هو الإتب . الأصمعي : البقيرة أن يؤخذ برد فيشق ثم تلقيه المرأة في عنقها من غير كمين ولا جيب ، والإتب قميص لا كمين له تلبسه النساء . التهذيب : روى الأعمش ، عن المنهال بن عمرو ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس في حديث هدهد سليمان ; قال : بينما سليمان في فلاة احتاج إلى الماء فدعا الهدهد فبقر الأرض فأصاب الماء ، فدعا الشياطين فسلخوا مواضع الماء كما يسلخ الإهاب فخرج الماء ، قال الأزهري : قال شمر فيما قرأت بخطه معنى بقر نظر موضع الماء فرأى الماء تحت الأرض فأعلم سليمان حتى أمر بحفره ، وقوله : فسلخوا ، أي حفروا حتى وجدوا الماء . وقال أبو عدنان عن ابن نباتة : المبقر الذي يخط في الأرض دارة قدر حافر الفرس ، وتدعى تلك الدارة البقرة ; وأنشد غيره :


                                                          بها مثل آثار المبقر ملعب .



                                                          وقال الأصمعي : بقر القوم ما حولهم أي حفروا واتخذوا الركايا . والتبقر : التوسع في العلم والمال . وكان يقال لمحمد بن علي بن الحسين بن علي الباقر - رضوان الله عليهم - ; لأنه بقر العلم وعرف أصله واستنبط فرعه وتبقر في العلم . وأصل البقر : الشق والفتح والتوسعة . بقرت الشيء بقرا : فتحته ووسعته . وفي حديث حذيفة : فما بال هؤلاء الذين يبقرون بيوتنا أي يفتحونها ويوسعونها ، ومنه حديث الإفك : فبقرت لها الحديث أي فتحته وكشفته . وفي الحديث : فأمر ببقرة من نحاس فأحميت ، قال ابن الأثير : قال الحافظ أبو موسى : الذي يقع لي في معناه أنه لا يريد شيئا مصوغا على صورة البقرة ، ولكنه ربما كانت قدرا كبيرة واسعة فسماها بقرة مأخوذا من التبقر التوسع ، أو كان شيئا يسع بقرة تامة بتوابلها فسميت بذلك . وقولهم : ابقرها عن جنينها أي شق بطنها عن ولدها ، وبقر الرجل يبقر بقرا وبقرا ، وهو أن يحسر فلا يكاد يبصر ، قال الأزهري : وقد أنكر أبو الهيثم فما أخبرني عنه المنذري بقرا ، بسكون القاف ، وقال : القياس بقرا على فعلا ; لأنه لازم غير واقع .

                                                          الأصمعي : بيقر الفرس إذا خام بيده كما يصفن برجله . والبقير : المهر يولد في ماسكة أو سلى لأنه يشق عليه . والبقر : العيال . وعليه بقرة من عيال ومال أي جماعة . ويقال : جاء فلان يجر بقرة أي عيالا . وتبقر فيها وتبيقر : توسع . وروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه نهى عن التبقر في الأهل والمال ، قال أبو عبيد : قال الأصمعي يريد الكثرة والسعة ; قال : وأصل التبقر التوسع والتفتح ، ومنه قيل : بقرت بطنه إنما هو شققته وفتحته . ومنه حديث أم سليم : إن دنا مني أحد من المشركين بقرت بطنه . قال أبو عبيد : ومن هذا حديث أبي موسى حين أقبلت الفتنة بعد مقتل عثمان - رضي الله عنه - فقال : إن هذه الفتنة باقرة كداء البطن لا يدرى أنى يؤتى له ، إنما أراد أنها مفسدة [ ص: 124 ] للدين ومفرقة بين الناس ومشتتة أمورهم ، وشبهها بوجع البطن لأنه لا يدرى ما هاجه وكيف يداوى ويتأتى له . وبيقر الرجل : هاجر من أرض إلى أرض . وبيقر : خرج إلى حيث لا يدري . وبيقر : نزل الحضر وأقام هناك وترك قومه بالبادية ، وخص بعضهم به العراق ، وقول امرئ القيس :


                                                          ألا هل أتاها ، والحوادث جمة     بأن امرأ القيس بن تملك بيقرا ؟



                                                          يحتمل جميع ذلك . وبيقر : أعيا . وبيقر هلك . وبيقر : مشى مشية المنكس . وبيقر : أفسد ، عن ابن الأعرابي ، وبه فسر قوله :


                                                          وقد كان زيد ، والقعود بأرضه     كراعي أناس أرسلوه فبيقرا .



                                                          والبيقرة : الفساد . وقوله : كراعي أناس ، أي ضيع غنمه للذئب ، وكذلك فسر بالفساد قوله :


                                                          يا من رأى النعمان كان حيرا     فسل من ذلك يوم بيقرا .



                                                          أي يوم فساد . قال ابن سيده : هذا قول ابن الأعرابي جعله اسما ; قال : ولا أدري لترك صرفه وجها إلا أن يضمنه لضمير ويجعله حكاية ، كما قال :


                                                          نبئت أخوالي بني يزيد     بغيا علينا لهم فديد .



                                                          ضمن ( يزيد ) الضمير فصار جملة فسمي بها فحكي ، ويروى : يوما بيقرا أي يوما هلك أو فسد فيه ملكه . وبقر الرجل ، بالكسر ، إذا أعيا وحسر ، وبيقر مثله . ابن الأعرابي : بيقر : إذا تحير . يقال : بقر الكلب وبيقر إذا رأى البقر فتحير ، كما يقال : غزل ، إذا رأى الغزال فلهي . وبيقر : خرج من بلد إلى بلد . وبيقر : إذا شك ، وبيقر : إذا حرص على جمع المال ومنعه . وبيقر إذا مات ، وأصل البيقرة الفساد . وبيقر الرجل في ماله : إذا أسرع فيه وأفسده . وروى عمرو عن أبيه : البيقرة كثرة المتاع والمال . أبو عبيدة : بيقر الرجل في العدو إذا اعتمد فيه . وبيقر الدار : إذا نزلها واتخذها منزلا . ويقال : فتنة باقرة كداء البطن ، وهو الماء الأصفر . وفي حديث أبي موسى : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " سيأتي على الناس فتنة باقرة تدع الحليم حيران " ، أي واسعة عظيمة ، كفانا الله شرها . والبقيرى مثال السميهى : لعبة الصبيان ، وهي كومة من تراب وحولها خطوط . وبقر الصبيان : لعبوا البقيرى يأتون إلى موضع قد خبئ لهم فيه شيء فيضربون بأيديهم بلا حفر يطلبونه ، قال طفيل الغنوي يصف فرسا :


                                                          أبنت فما تنفك حول متالع     
                                                          لها مثل آثار المبقر ملعب

                                                          .

                                                          قال ابن بري : قال الجوهري في هذا البيت : يصف فرسا ، وقوله ذلك سهو وإنما هو يصف خيلا تلعب في هذا الموضع ، وهو ما حول متالع ، ومتالع : اسم جبل . والبقار : تراب يجمع بالأيدي فيجعل قمزا قمزا ويلعب به ، جعلوه اسما كالقذاف ، والقمز كأنها صوامع ، وهو البقيرى ; وأنشد :


                                                          نيط بحقويها جميش أقمر     جهم ، كبقار الوليد ، أشعر .



                                                          والبقار : اسم واد ، قال لبيد :


                                                          فبات السيل يركب جانبيه     من البقار ، كالعمد الثقال .



                                                          والبقار : موضع . والبيقرة : إسراع يطأطئ الرجل فيه رأسه ، قال المثقب العبدي ، ويروى لعدي بن وداع :


                                                          فبات يجتاب شقارى ، كما     بيقر من يمشي إلى الجلسد .



                                                          وشقارى ، مخفف من شقارى : نبت ، خففه للضرورة ، ورواه أبو حنيفة في كتابه النبات : من يمشي إلى الخلصة ; قال : والخلصة الوثن ، وقد تقدم في فصل جسد . والبيقران : نبت . قال ابن دريد : ولا أدري ما صحته . وبيقور : موضع ، وذو بقر : موضع . وجاء بالشقارى والبقارى أي الداهية .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية